الفرزلي: الرئيس قبل تموز!

من التسوية الفرنسية إلتى سقطت أمام استمرار الرياض على موقفها برفض أي مقايضة تسعى إليها فرنسا ، بات بحكم الأكيد أن التشابك الإقليمي -الدولي حول ملف رئاسة الجمهورية اللبنانية دخل مرحلة جديدة. ويتعزز ذلك المسار مع دخول قطر على خط التسوية من خلال الجولة التي سيقوم بها الوفد القطري إلى لبنان برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي الذي مثل دولته في الإجتماع الخماسي في باريس في 6 شباط الماضي. وعن اللقاءات التي سيعقدها الوفد مع عدد من المسؤولين اللبنانيين يتوقع متابعون لملف الإنتخابات الرئاسية أنها ستحدث حراكا ما نظرا إلى الدور الذي لعبته قطر في اتفاق الدوحة. لكن الثابت أنها لن تحدث خرقا لأن أي كلام عن تسوية تنتج عن اتفاق على غرار الدوحة لن تمر،فالمشكلة أعمق من ذلك بكثير.

إزاء هذه التطورات المتشابكة تبقى الأنظار مسلطة نحو لقاء الصلاة الذي سيجمع نوابا مسيحيين في بيت عنيا حريصا بجوار سيدة لبنان يوم الأربعاء 5 نيسان الجاري بدعوة من البطريرك بشارة الراعي، فهل جاءت بعد انتفاء الحماسة لعقد لقاء سياسي في بكركي للنواب المسيحيين، وماذا يتوقع منها؟.

في قراءة نائب رئيس مجلس النواب اللبناني السابق الشاهد الأكبر على الأحداث في لبنان والتي عايشها وكان جزءاً منها على مدى عقود، أكثر من دلالة على أن الحل في ملف الرئاسة أبعد من أزمة أسماء ولقاء صلاة. ويسارع إلى القول عبر “المركزية” ردا على رأيه في اللقاء المرتقب:” الخطوة مبررة وطبيعية بعد تعثر دعوة البطريرك بشارة الراعي إلى عقد لقاء سياسي للنواب المسيحيين في بكركي بهدف جمعهم على قاعدة مشتركة لرئاسة الجمهورية. وإذا كانت الدعوة إلى الصلاة يوم الأربعاء المقبلستلهم النفوس والعقول، إلا أنها لن تأتي بنتائج حاسمة سيما وأن أصحاب القرار الحقيقي في ملف الرئاسة ليسوا جميعهم نوابا.وعلى رغم أهمية لقاء الصلاة إلا أنه لن يحقق الهدف المنشود لتوحيد المسيحيين”.

محاولات إيجاد مخرج لأزمة الفراغ الرئاسي تصطدم في كل مرة بعوائق منها الداخلية أو الخارجية. والسؤال عن الجهة المعطلة لم تعد خافية ويمكن استنباطها من الخلفيات والتصاريح المعلنة ” لكن نواة أزمة اللبنانيين ليست داخلية وحسب، إنما هي متشابكة مع المعطيات الخارجية والمطلوب إحداث نوع من الخرق لتشبيك الأزمة. وأعتقد أن الطريق لذلك يكون من خلال اتفاق القوى على مهام الرئيس وليس على إسمه. بعدها فلينزلوا إلى ساحة النجمة وينتخبوا رئيساً وبذلك تكون تمت المسألة بالطرق الديمقراطية الصحيحة”.

مستغربا الكلام عن أن كافة الأفرقاء تريد رئيسا إنقاذياً يسأل الفرزلي”ماذا يعني رئيس إنقاذي؟ مضيفا، هناك مهام واضحة في مسألة الرئاسة جزء منها يقع تحت سقف رئيس الجمهورية وهي دستورية ومنها على سبيل المثال مسألة سلاح حزب الله والعلاقة مع سوريا ومسالة النازحين السوريين وترسيم الحدود البرية والعلاقة مع دول الخليج وتطبيق الطائف والدفاع عنه…كل هذه الأمور أساسية وسيادية وتقع ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، أما المسائل الإقتصادية فهي تقع تحت سقف الحكومة. إلا إذا كان المقصود أن نخترع “رئيسا إنقاذيا” مع كامل الصلاحيات وبذلك نكرر تجربة السلف”.

وإذ يشدد على أن الطريق السليم لانتخاب رئيس للجمهورية يبدأ بالإتفاق على مهام الرئيس تحت سقف الدستور على أن يلي ذلك الأسم، يعلنها الفرزلي عبر “المركزية”، “أن الإتفاق على الأسماء لن يحصل. وأقولها من الآن . فليذهبوا إلى انتخاب الرئيس بعد الإتفاق على المهام ومن ضمن ذلك الإتفاق مع صندوق النقد الدولي . أما أن يكون التعطيل على خلفية إسم رئيس ممانعة وإسم رئيس معارضة فهذه ملهاة وإضاعة للوقت والأكيد أن المرحلة الراهنة بكل ظروفها الصعبة لا تسمح بإضاعة الوقت.

ومستطردا عما يمكن أن يقدمه مرشح المعارضة في هذا الظرف، يسأل الفرزلي:” هل هو قادر على حل مسألة سلاح حزب الله أو فكفكة مشاكله مع سوريا؟ أما إذا كان المقصود من التمسك بمرشح معارضة من هنا ومرشح ممانعة من هناك الذهاب إلى مزيد من الصدامات، فهذا أيضا لن ينفع لأن توجه المنطقة وفاقي بعد توقيع الإتفاق بين الرياض وإيران، وهناك اتفاقات جديدة يتم توقيعها مع سوريا. وينهي الفرزلي الجدلية القائمة بين مرشح ممانعة ومرشح معارضة بالتأكيد على ان الحل يبدأ بالإتفاق على المهام بعدها نذهب إلى مجلس النواب وننتخب رئيسا وفق الأصول الديمقراطية”.

ثمة من قرأ في زيارة مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية إلى العاصمة الفرنسية الأسبوع الماضي بادرة خير لا بل ” قرّبته بالتأكيد خطوة إضافية من قصر بعبدا، ولكن لا يصح ان يتم التعامل معها وكأنها نهاية المطاف”. بالتوازي جاء كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليؤكد بأن أيّ رئيس من الممانعة لن يصل إلى قصر بعبدا، “لأن وصوله تمديد 6 سنوات للأزمة الحاليّة، و”صار الوقت للممانعة” أن تجلس في البيت، لأنّها لا تزال مُصرّةً على كلّ استراتيجيّتها وسياستها بكلّ ما أوصلتنا إليه اليوم، باعتبار أنّه بإمكانها أن “تُدَوبل” وتأتي برئيسها من جديد، لكن طبعًا هذا الأمر لن يحصل” بحسب ما جاء في كلامه.

والسؤال الذي يطرح هل يكون الطريق إلى دوحة 2 الأقرب إلى إنتاج رئيس للجمهورية؟ ” يخطئ من يظن أننا ذاهبون إلى دوحة 2. نحن ذاهبون إلى اتفاق تأكيد على الطائف وبنوده هذا هو المطلوب”. ولدى سؤاله عن صعوبة الخروج من أزمة الفراغ الرئاسي في ظل كل هذه التشابكات يختم الفرزلي” لكل شيء نهاية وان شاء الله يكون لدينا رئيس قبل شهر تموز”.

مقالات ذات صلة