الملف الرئاسي على «الرف»… وأشهر صعبة وقاسية
المنطقة على صفيح ساخن، وسط تزاحم الملفات الكبرى، والسباق بين التسوية والانفجار، ويأتي الملف الرئاسي اللبناني في المرتبة الاخيرة امام الملفات الكبرى، وهو ليس على الطاولة حاليا، مهما بلغت حدة السجالات الداخلية التي تبقى تحت السقف المرسوم، وامام اللبنانيين اشهر قاسية وصعبة جدا على الصعيدين الاقتصادي والمالي، جراء استحالة لبننة الاستحقاق الرئاسي، مما يجعل الفراغ طويلا.
وحسب قراءات مراجع سياسية، فان الولايات المتحدة و»اسرائيل» دخلتا على خط زرع الالغام امام التوافقات السعودية – الايرانية، والعربية – الايرانية، والعربية – السورية، وحسب المتابعين، فان الاستهداف الجوي «الاسرائيلي» على مواقع جديدة وحيوية في سوريا لا يمكن السكوت عليها، وسط مزاعم «اسرائيلية» انها اهداف ايرانية بالمطلق، فيما بيانات الجيش السوري تؤكد ان المواقع المستهدفة تابعة لها، من ضمنها مطارات ومواقع مدنية، وهناك شهداء وجرحى.
وتضيف قراءات المراجع السياسية، ان الضربات الجوية «الاسرائيلية» هي رد على ما تعرضت له القواعد الاميركية من قصف صاروخي، ترجمته بعض الصحف الاميركية بتوجيه اسئلة الى المسؤولين عن جدوى البقاء في سوريا، هذا بالاضافة الى ان الغارات تشكل هروبا من المأزق الداخلي الذي يعيشه نتنياهو جراء التظاهرات والانقسامات، بالتزامن مع تصعيد فلسطيني يومي، وعجز عن وقف العمليات الفلسطينية، وسط اتهامات «اسرائيلية» بان سوريا وحزب الله وايران يقفون وراء العمليات النوعية، عبر غرف العمليات المنتشرة في دمشق…
والسؤال، امام تصاعد الغارات الجوية: هل تبقى سوريا مكتوفة الايدي؟ وما هو موقف حلفائها؟ اللافت ان روسيا تراجعت مؤخرا عن صمتها عن الاعتداءات «الاسرائيلية»، وندد لافروف بالهجمات، وارسل اشارات تحمل تغييرات في الموقف الروسي، لجهة تفعيل الدفاعات الجوية وتسليم قرار تحريكها واستخدامها للجيش السوري والرئيس بشار الاسد شخصيا، ولذلك فان كل المؤشرات تشير الى تصاعد المواجهات في سوريا، في ظل قرار روسي برفع الحصار عنها، من خلال البدء بالتنقيب والحفر عن النفط في اللاذقية وطرطوس وبانياس. والمعروف ان هذه المنطقة ارض روسية حاليا بعد استئجارها من الدولة السورية لمدة ٩٩ سنة، واي اعتداء عليها هو هجوم مباشر على موسكو، الذي اخذت قرارا بفك الحصار النفطي عن سوريا.
والسؤال ايضا: كيف سيرد حزب الله في حال استمرار الاعتداءات»الاسرائيلية» من فوق لبنان؟ وماذا لو استهدفت احدى هذه الغارات مواقع له في الداخل السوري وسقط شهداء وجرحى؟
ويخشى المتابعون ايضا، ان تقوم الولايات المتحدة و»اسرائيل» بإلهاء ايران واستنزافها عبر فتح جبهة اذربيجان، في ظل علاقات الاخيرة بـ «اسرائيل»، وتوجتها بفتح سفارة في كيان العدو، وبالتالي فان الانظار ستكون مركزة في الاسابيع المقبلة على جبهتي سوريا واذربيجان.
في المقابل، ورغم الضغوط الاميركية – «الاسرائيلية»، فان ولي العهد السعودي يواصل خطواته الجريئة والراديكالية التي تذكر بالمواقف الشجاعة للملك فيصل بن عبد العزيز وقراره قطع النفط عن اميركا اثناء حرب تشرين عام ١٩٧٣، وحسب المتابعين، ما زال ولي العهد السعودي متمسكا باقامة افضل العلاقات مع ايران وسوريا، والاسراع في بدء الاستثمارات الحيوية وتحديدا في دمشق، وهذا هو الاساس الذي يشكل تحديا لقانون قيصر الاميركي، لكن هذا الامر سيرفع من سقف المواجهات التي استكملها محمد بن سلمان بالانضمام الى منظمة شنغهاي التجارية العالمية وتديرها الصين، العدو الاول لواشنطن، كما ساهم ولي العهد السعودي في تشجيع مصر والاردن على الانفتاح على دمشق، وسط معلومات عن قمة مصرية – سعودية – سورية تسبق القمة العربية في ايار، وعودة العمل الى هذا المحور بالتعاون مع ايران وليس على قاعدة العداء لها…
وحسب المتابعين، يأتي الاستحقاق الرئاسي في ظل كمّ من الملفات المعقدة، واي مسار سيتقدم في المنطقة سينعكس على لبنان واللبنانيين، الذين يلعبون في الوقت الضائع كون ملفهم الرئاسي هو الادنى في سلم الاهتمامات والاولويات، ولم يعد لبنان «صندوق بريد» لتفجير المنطقة وساحاتها. اما التصعيد الداخلي فليس له اي صدى خارجي، باستثناء مواقف حزب الله جراء وجوده في كل الساحات من لبنان الى سوريا والعراق وفلسطين واليمن، وهذا الامر تعرفه جيدا المملكة العربية السعودية، حتى ان الايرانيين صارحوا السعوديين في الصين بالعلاقة المتينة بين حزب الله وسوريا بالحوثيين، وباستطاعتهما القيام بدور متقدم وايجابي في حل الملف اليمني الذي يمثل الاولوية للرياض، حيث بدأ نفاذ الهدنة امس ولشهرين.
بالمقابل ، لن تقفز الرياض فوق الهواجس السورية في لبنان، ومعادلة «امن سوريا من امن لبنان»، في ظل الحدود المشتركة والترابط العائلي والعلاقات التاريخية، حتى ان الرياض طلبت من دمشق المساعدة في وقف التهريب من لبنان الى دول الخليج وتحديدا الكبتاغون، وباستطاعة سوريا ان تؤدي دورا رئيسيا في استقرار امن المنطقة كلها.
رضوان الذيب- الديار