شبح الافلاس يحوم حول بوتين؟

أشار تحليل أميركي إلى أن الحرب الاقتصادية التي يشنها الرئيس الأميركي جو بايدن وحلفاء الولايات المتحدة ضد روسيا قد تنجح. ويبني التحليل على فرضية أن “التعثر التكتيكي للجنود الروس على الأرض الأوكرانية يضاف إلى التعثر الإقتصادي الناتج إلى حد كبير عن اتكال الاقتصاد الروسي على فئة واحدة: صادرات الوقود الأحفوري، فأكثر من 75% من الصادرات الروسية عبارة عن وقود أحفوري ومواد كيميائية ومنتجات أخرى مصنوعة من الوقود الأحفوري.

ويجعل هذا الافتقار الى التنوع روسيا عرضة للعقوبات الاقتصادية الغربية المصممة بذكاء والتي تفرض بصرامة. وأثبتت العقوبات المعقدة التي وضعتها إدارة بايدن أنها أكثر فاعلية بكثير من العقوبات التي فرضتها الادارات السابقة ضد مختلف البلدان المخالفة، وهي عقوبات كانت في الغالب شكلية ويمكن تجنبها بسهولة. ويباع النفط الروسي الآن بسعر أقل بكثير من السعر العالمي للنفط، وهي علامة أخرى على فعالية العقوبات الاقتصادية.

ومن المؤسف بالنسبة الى بوتين أن النفط الروسي يُباع الآن بسعر أقل بكثير من السعر العالمي للنفط، وهي علامة أخرى على العقوبات الاقتصادية الفاعلة. وخفض الاتحاد الاوروبي واردات النفط الروسية من حوالي 750 ألف برميل يومياً إلى ما يقرب من الصفر. ويأتي النفط البديل لأوروبا إلى حد كبير من الشرق الأوسط.

واستقلت أوروبا عن الغاز الطبيعي الروسي الرخيص، الذي ظن بوتين أنه وسيلة ضغط ضد الأوروبيين ليدفعهم الى غض النظر سياسياً أو على الأقل النظر في الاتجاه الآخر في ما يتعلق بغزوه لأوكرانيا. وأكد بعض الخبراء الأكثر تشاؤماً عندما بدأت الحرب أن أوروبا لن تقوم بهذه التحركات أبداً، لكنها أثبتت العكس. وتوضح المقارنة بين ثلاثة أسعار للنفط مشكلة عائدات بوتين.

انخفض سعر “خام غرب تكساس الوسيط”، وهو نفط أميركي يستخدم لتحديد الأسعار القياسية، بأكثر من 44%، من أعلى مستوى بلغ 123.68 دولاراً في العام الماضي إلى 69.20 دولاراً يوم الجمعة الماضي. ويُباع خام برنت، بسعر 73 دولاراً، منخفضاً من 114 دولاراً في تموز الماضي.

وثالثاً، انخفض سعر النفط الروسي من 92.20 دولاراً للبرميل قبل عام إلى 49.50 دولاراً هذا الشهر. هذا هو انخفاض بنسبة 46%. وتأتي هذه الأرقام من وزارة المالية في الكرملين.

ومنذ اندلاع الحرب، وعلى الرغم من أن الوزارة قلصت بشدة نشر المعلومات، تؤكد تقاريرها الاحصائية أن الاقتصاد الروسي ينمو. ولكن من الصعب تصديق ذلك بسبب انخفاض بنسبة 30% في صافي الصادرات الروسية، معظمها من الوقود الأحفوري، مقارنة بالعام الماضي.

أضف إلى ذلك أنه وبسبب العقوبات، بات النفط الروسي المشحون عن طريق الناقلات محدوداً بـ 60 دولاراً للبرميل، وهو أقل بكثير من الخامين القياسيين للنفط الخام. السعر الروسي الفعلي: أقل بأكثر من 10 دولارات للبرميل، بناءً على حسابات الكرملين الخاصة.

للتغلب على هذه العقبة، يُعتقد على نطاق واسع أن روسيا تدفع أقساطاً ضخمة لشراء ناقلات النفط القديمة، وسيساعدها هذا في إنشاء أسطول ظل، ربما للالتفاف حول الحد الأقصى للسعر البالغ 60 دولاراً. ولم يعد لدى روسيا مشترين للنفط يتمتعون بتمويل قوي. ومن بين زبائنها الباقين في الخارج كوبا ومصر وكوريا الشمالية وسريلانكا، وكلها دول ذات قدرة قليلة على الدفع نقداً مقابل النفط المستورد.

سبب التفاؤل الوحيد بالنسبة الى بوتين هو النفط الذي ينقله عبر خط الأنابيب إلى الصين والدول المجاورة الأخرى التي لا تؤثر عليها العقوبات البحرية. ومن شبه المؤكد أن هذا أحد الموضوعات التي أثارها بوتين عندما زار الرئيس الصيني شي جين بينغ موسكو الأسبوع الماضي. كما دفعت الحرب بعض أفضل العقول إلى خارج روسيا، في نزيف عقول مكلف من شأنه أن يزيد من إضعاف الإيرادات الحكومية، وربما يقلل الإيرادات من الجرائم الإلكترونية، ويضر بالنمو الاقتصادي على المدى الطويل. أوكرانيا تعاني أيضاً هجرة الأدمغة.

وانسحبت شركات النفط الغربية التي تتمتع بالمهارة التكنولوجية لاستخراج النفط هرباً من المناخ الروسي القاسي – بما في ذلك شركة بريتيش بتروليوم وإكسون موبيل وشل – وهو ما سيعني على الأرجح إلحاق أضرار بحقول النفط وخطوط الأنابيب والمصافي الروسية بسبب الافتقار الى الخبرات التقنية. وتعتبر الادارة السيئة لحقول ومعدات النفط قصة قديمة في روسيا، التي اعتمدت في الحقبة السوفياتية على جواسيس الشركات في الولايات المتحدة الأميركية لتحسين تقنياتها البترولية.

ونظراً الى أن الشركات الغربية لن تبيع قطع غيار لروسيا، فإن شبكة السفر الجوي الداخلية تتقلص. تم حجز العديد من الطائرات الروسية في الخارج. كما يتم تفكيك طائرات إيرباص وبوينغ من أجل قطع غيار، مما يعرض سلامة الطيران للخطر.

وضعفت قدرة روسيا على الاستيراد أيضاً بسبب انخفاض الروبل، بنسبة 30% مقابل الدولار منذ بدء الحرب على أوكرانيا في أواخر شباط 2022. وتمثل أجهزة الكمبيوتر والآلات والمركبات أكثر من 40% من الواردات الروسية، وهي عناصر لا بد من متابعتها”.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة