بعد منظمة شنغهاي.. هل تنضم السعودية وإيران إلى دول “بريكس”؟
أثار انضمام السعودية إلى “منظمة شنغهاي للتعاون”، تساؤلات حول تطور شراكتها الاستراتيجية مع الصين، لا سيما بعد إبرامها مصالحة تاريخية مع إيران، بوساطة بكين.
وقالت مجلة “نيوزويك” الأمريكية إن قرار الرياض بالانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، جاء وسط موجة من المبادرات الدبلوماسية في الشرق الأوسط لتقريب القوى الإقليمية من الصين وروسيا.
وبحسب المجلة، فإن التقارب السعودي الصيني، يشير إلى جدية مشروع الصين في فرض نفسها كلاعب أساسي في الشرق الأوسط، بعد عقود من تفرد الولايات المتحدة في نسج العلاقات والشراكات مع دول المنطقة.
ونقلت المجلة عن الخبير السعودي المقرب من الحكومة، علي الشهابي، قوله إن المملكة تعمل على تطوير عدد من الشراكات الاستراتيجية لاستكمال علاقاتها مع الغرب.
وأضاف بأن الصين والمنظمات التي تسيطر عليها، هي جزء مهم من هذه الرؤية، منوها إلى أن إيران تعد عضوا فاعلا في عدة منظمات مثل هذه، أي أن الصين ستقرب الرياض من طهران في مجالات مختلفة.
علاقة المصالحة بالانضمام لـ”بريكس”
شكلت المصالحة التاريخية بين السعودية وإيران، مرحلة جديدة من سياسة الشرق الأوسط التي اتسمت في آخر عقد بالصراع بين الطرفين.
وقال المحلل السياسي الإيراني، إحسان سفرنجاد، في تصريحات سابقة لـ”عربي21″، إن الدوافع الاقتصادية أدت دورا مهما في الاتفاق بين طهران والرياض.
ولفت سفرنجاد إلى أن الصين تستورد حوالي 40 بالمئة من نفطها، من السعودية والإمارات والكويت والعراق، فمن الواضح أن “أي توتر بين إيران والمملكة من شأنه أن يعرض هذا الإمداد للخطر”.
وأضاف أن السعودية وإيران تسعيان إلى تحسين علاقاتهما مع الصين، وهما يريدان من خلال هذه المصالحة، إيصال رسالة بأن أي استثمار قادم لبكين في الرياض وطهران لن يهدده خطر اشتعال حرب بين الطرفين.
ولفت سفرنجاد إلى أن السعودية وإيران تسعيان إلى الانضمام لدول مجموعة “البريكس” التي تضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، مشيرا إلى أن الناتج المحلي لهذه المجموعة (51.49 تريليون دولار)، يفوق الناتج المحلي لمجموعة الدول السبع (49.37 تريليونا)، وذلك استنادا إلى ما يعرف بـ”تعادل القوة الشرائية (PPP)”.
وأوضح أن ترشيح إيران والسعودية للدخول في مجموعة “البريكس”، يحتم عليهما إنهاء القطيعة.
ما هي مجموعة “بريكس”؟
“بريكس” هو اختصار يشير إلى مجموعة من خمسة اقتصادات ناشئة رئيسية، هي: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا.
ويرى خبراء اقتصاد، أن “بريكس” التي من المحتمل أن يرتفع عدد أعضائها بحال انضمام السعودية، وإيران، وربما الجزائر أيضا، قد تعد منافسة لمجموعة الدول السبع “G7″، والتي تضم بريطانيا، والولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان.
وترصد “عربي21” أبرز الفروقات بين المجموعتين:
المساحة والسكان
تعد دول “بريكس” أكبر بكثير من حيث مساحة الأرض، وعدد السكان من دول مجموعة السبع، إذ يبلغ إجمالي عدد سكان دول بريكس حوالي 3.6 مليارات نسمة، بينما يبلغ إجمالي عدد سكان دول مجموعة السبع حوالي 750 مليون نسمة.
النمو الاقتصادي
نمت دول “بريكس” بمعدل أسرع بكثير من دول مجموعة السبع في السنوات الأخيرة. وفقًا لصندوق النقد الدولي، استحوذت دول بريكس على أكثر من نصف النمو الاقتصادي العالمي من عام 2007 إلى عام 2017.
وفي الوقت نفسه، شهدت دول مجموعة السبع نموًا اقتصاديًا أبطأ وتعتبر عمومًا اقتصادات أكثر نضجًا.
وفي حال انضمام السعودية وإيران والجزائر لـ”بريكس”، فإن المجموعة ستكسب ثلاثا من أكبر دول العالم المصدرة للطاقة.
كما تمتلك ثلاث دول من المجموعة رؤوسا نووية، هي روسيا والصين والهند، في حين أن موسكو وبكين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
الأنظمة السياسية
تتميز دول السبع عن بريكس، بأن جميع أعضائها دول ديمقراطية الحكم، فيما تتكون “بريكس” من دول بعضها ذات أنظمة شمولية، على غرار الصين، أو ديمقراطيتها غير مكتملة مثل روسيا، والهند.
تعد دول البريكس مزيجًا من الأنظمة السياسية، بدءًا من الديمقراطية إلى الاستبدادية، في حين أن جميع دول مجموعة السبع هي دول ديمقراطية.
بنك التنمية
أنشأت دول “بريكس” بنك التنمية الجديد (NDB)، والذي يضم دولا أخرى إضافة إلى الأعضاء، وهي الإمارات، وبنغلاديش، وأوروغواي، ومصر التي انضمت الخميس بشكل رسمي.
تأسس البنك في عام 2014، ويهدف إلى تمويل مشاريع البنية التحتية، والتنمية المستدامة في البلدان النامية.
ويبلغ رأس المال الأولي المصرح به لبنك التنمية الوطني 100 مليار دولار ، برأس مال مبدئي مكتتب قدره 50 مليار دولار.
امتعاض أمريكي
المحلل السياسي تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لـ”معهد كوينسي”، قال إن المعطيات خلال الأسابيع الماضية، تؤكد نظرية أن الولايات المتحدة لم تعد راعية السلام الوحيدة بين دول المنطقة.
وأضاف في حديث لـ”عربي21″، أنه بالنسبة للسعودية وإيران، فإنهما يريان علاقتهما بالصين مهمة وحاسمة، ولذا فالطرفان سيكونان متشبثين باتفاق المصالحة.
وبرغم ذلك، رأى بارسي، أن الولايات المتحدة، وبرغم امتعاضها من عدم وجود أي دور لها في الاتفاق، إلا أن إدارة الرئيس جو بايدن ستشعر براحة نوعا ما من حالة الهدوء في المنطقة بعد الاتفاق السعودي الإيراني.
عربي 21