التيارات المسيحية أضاعت بوصلة إنتخاب الرئيس: هل من أعجوبة تساعد في ذلك؟
كلما إلتقى إثنان من مسؤولي التيارات السياسية أو رؤساء الأحزاب يكون ثالثهما تصريح يدعو الى ضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية، أو التعجيل بإتمام هذا الاستحقاق تمهيدا لانتظام الحياة السياسية والادارية في البلاد..
مثل هذه التصاريح تحولت الى “كليشيه” ملّها اللبنانيون خصوصا أن المسؤولين عن تعطيل الإستحقاق الانتخابي، هم أنفسهم يتمنون أو يدعون الى إنجازه، في تناقض بات سمة مواقف المسؤولين ما يدل على عمق الأزمة التي تعيشها التيارات السياسية لا سيما المسيحية منها التي تعتبر نفسها أمالصبي في هذا الاستحقاق وتسعى لأن يكون لها اليد الطولى في إتمامه.
ربما أضاعت التيارات المسيحية بوصلة إنتخاب الرئيس ولم تعد تعرف ماذا تريد، فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يطرح في كل خطاب المواصفات التي تنطبق عليه “حفر وتنزيل”، وهو في كل مرة “بيسمي الجيرة وبيسمي الحي ولولا شوي بسمي حالو”.
أما رئيس حزب القوات سمير جعجع فهو غارق بتناقض يحتاج الى منجم مغربي، فهو يرشح النائب ميشال معوض ثم يدعم وصول قائد الجيش، يعلن تمسكه بمعوض ويخرج من صفوف القوات من يصف هذا الترشيح بالاختبار، يطالب الفريق الآخر بتسمية مرشح لخوض المعركة الديمقراطية ثم يأخذ عليه كيف يدعم وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، يؤكد بأنه في حال حصل خصومنا على 65 صوتا فإننا قد نكمل النصاب بعد أكثر من جلسة، ثم يعلن أنه سيلجأ الى تعطيل النصاب، ليحلل لنفسه ما حرمه على خصومه على مدار 11 جلسة إنتخابية، ينادي بتوحيد المعارضة ثم يطعن بالنواب التغييريين الذين ردوا له الصاع صاعين بتأكيد عدم السير في ركب جعجع أو تحت مظلته خصوصا أنه جزء من المنظومة التي ثارت ضدها ثورة 17 تشرين.
في غضون ذلك، يفتش رئيس حزب الكتائب سامي الجميل عن مشكلة سياسية يستثمرها شعبيا، وهو متمسك بترشيح ميشال معوض، لكن في الوقت نفسه يدخل في مفاوضات حول مرشحين آخرين.
على المستوى الجماعي، فإن التيارات المسيحية الثلاث التي تعاونت وتضامنت وتكافلت من أجل مواجهة “مؤامرة الساعة”، تتوافق أيضا على رفض الحوار الذي دعا إليه البطريرك بشارة الراعي، وقبله الرئيس نبيه بري، وترفض التشريع في مجلس النواب، وتتعاطى مع الحكومة على القطعة، فالجلسة الوزارية التي تم فيها التراجع عن تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، إعتبرها جعجع “فضيلة” وعبّر باسيل عن إرتياحه تجاهها، لكن الجلسات التي عقدت من أجل مرضى السرطان ومستحقات المستشفيات وموظفي القطاع العام كانت بنظرهم غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية.
واللافت، أن التيارات نفسها تتناحر في الاستحقاق الرئاسي، وتقطع الطرقات على بعضها البعض، فلا هي راضية بالتوافق على مرشح وسطي، ولا هي ترضى بمرشح من بينها، ولا هي قابلة بمرشح الفريق الآخر، لذلك فإن التناقض الذي يسيطر على سلوك ومواقف هذه التيارات، أفقد البطريرك الماروني الأمل من مفاوضات الأرض، وإنتقل الى وحي السماء، داعيا النواب المسيحيين الى جلسة صلاة وتأمل في حريصا.
وفي الوقت الذي تعيش فيه الكنيسة المارونية فرحة دخول البطريرك إسطفان الدويهي الى مراحل الطوباوية بعد تكريس أعجوبته بشفاء سيدة، تتطلع الى أعجوبة جديدة تضع حدا للشغور الرئاسي.
وبحسب المؤشرات والاتصالات الأخيرة دوليا وإقليميا، فإن هذه الاعجوبة في حال حصلت ستكون في مسقط رأس البطريرك الطوباوي زغرتا.
غسان ريفي- سفير الشمال