أوجيرو: سنترالات تتهاوى واتصالات تنقطع!
بدأت نتائج الإضراب المفتوح لنقابة موظفي هيئة أوجيرو بالظهور من خلال تراجع خدمات الاتصالات والانترنت في الكثير من المناطق، وصولاً إلى انقطاعها في مناطق أخرى، بفعل خروج السنترالات عن العمل وعدم القدرة على إيصال المازوت لإعادة تشغيلها. ولأن الانقطاع ينعكس على كل القطاعات الاقتصادية والمراكز الحكومية، يزداد التوتّر داخل إدارة أوجيرو التي ستتّجه نحو القضاء لحلّ المسألة. وهذه الخطوة في حال تنفيذها، ستؤدّي إلى الصِدام بين الإدارة والموظفين، وهو ما لا يستبعده المدير العام لأوجيرو عماد كريدية.
سقوط السنترالات
تتهاوى السنترالات واحدة تلو الأخرى. وبحسب مصادر في نقابة موظفي أوجيرو، فإن سنترالات “مناطق رأس النبع، الضبية، الحدت، خلدة، صيدا… وغيرها من المناطق، توقّفت أو تتوقّف تباعاً، ما يؤثّر على الاتصالات والانترنت وخدمات الـ4G”.
المواطنون بدأوا يتلمسون الأزمة. الاتصالات تراجعت، والانترنت بالكاد ينقل رسالة. “وفي ظل تجاهل مطالب الموظفين، ستتفاقم الأزمة”. واللافت للنظر أن توقّف بعض السنترالات المركزية، سيعني انقطاع الخدمات عن محافظات كاملة. فعلى سبيل المثال، في حال توقّف سنترال صيدا عن العمل كلياً، ستتوقّف الخدمات عن منطقة الجنوب.
تتعاظم المشكلة مع تأثُّر قطاع الخليوي بالأزمة. إذ تحصل الشركتان المشغّلتان للقطاع، ألفا وتاتش، على جزء كبير من خدماتهما عبر سنترالات أوجيرو.
اللجوء إلى القضاء
لم يتوقّع كريدية رفع الموظّفين سقف إضرابهم إلى هذا الحدّ. مع أنّهم أعلنوا إضراباً تحذيرياً بدءاً من يوم الاثنين الماضي ثم إضراباً مفتوحاً بدءاً من يوم أمس. وفي أقل من أسبوع، امتنع الموظفون عن الحضور إلى مراكز العمل وإجراء الصيانة وإيصال المازوت إلى السنترالات، فوصلنا إلى ما نحن عليه.
إدارة أوجيرو لديها ما تقوم به للردّ على “تعطيل المرفق العام”، وفق كريدية الذي يؤكّد لـ”المدن” أنه سيتّجه إلى القضاء لرفع دعاوى على نقابة الموظفين. فبالنسبة إليه “لا يمكن تجاوز القاعدة الأخلاقية والإضرار بالمرفق العام. ويمكن للموظفين الإضراب وعدم إجراء أعمال الصيانة، لكن لا يمكنهم منع وصول المازوت وتشغيل السنترالات، فهم بذلك يأخذون الناس رهينة، فتعطيل السنترالات يؤثّر على المستشفيات والمراكز الأمنية وغيرها”.
المواجهة وقعت بالنسبة إلى كريدية “فإما ان تكون المواجهة مع نحو 1000 موظّف أو تكون مع نحو 2 مليون لبناني”. وفي هذه الحالة يختار كريدية المواجهة الأولى.
امتعاض كريدية مما يحصل، يلاقيه استغراب وزارة الاتصالات من التصعيد الذي يصرّ عليه موظّفو أوجيرو. وبحسب مصادر في الوزارة، فإن “قرار تعديل رواتب الموظفين ليس بيد الوزير، بل هو قرار يتّخذه مجلس الوزراء”. وتقول المصادر لـ”المدن”، أن وزير الاتصالات جوني قرم “يؤيّد مطالب الموظفين في تعديل رواتبهم التي لم تعد تتوافق مع ارتفاع الأسعار، لكن ليس هو صاحب الاختصاص في هذا الموضوع”.
كشف بعض الحقائق
تختلف مقاربة الموضوع بين إدارة أوجيرو ووزارة الاتصالات من جهة وبين الموظفين من جهة أخرى، ويتّفق الطرفان على ضرورة تشغيل هذا المرفق، ويعودان للاختلاف حول الجهة المسؤولة عن ضمان الاستمرار وكيفيّته.
يقلب نائب رئيس نقابة الموظّفين مازن حشيشو، اتجاه نقاش الوزارة وإدارة أوجيرو في هذا الملف، رأساً على عقب. ويرفض في حديث لـ”المدن”، تحميل النقابة مسؤولية توقّف السنترالات. ويوضح أن “السنترالات لم تتوقّف بسبب نفاد المازوت، لأن الخزانات لم تفرغ، بل توقّفت السنترالات بسبب حاجتها للصيانة ولقطع غيار لم تؤمّنها أوجيرو. علماً أن استمرار الوضع على ما هو عليه، سيؤدي إلى نفاد المازوت، لكن المشكلة الأساسية اليوم لم تكن من المازوت”. ومشكلة المازوت تحيل إلى نقطة جوهرية وهي “غياب الكهرباء”. فيشير حشيشو إلى أن “المصدر الأساسي لتشغيل السنترالات هو كهرباء الدولة، والمولّدات هي لحالات الطوارىء. ومن غير الممكن تشغيل السنترالات على المولّدات بشكل دائم”. ويخلص حشيشو في هذا المجال، إلى أن “الموظفين ليسوا هم مَن أوقفوا السنترالات”.
يصوّب حشيشو النقاش نحو رواتب الموظفين، فهناك تكمن المعضلة الأساسية. وبالنسبة إليه “المسؤولية تبدأ من وزارة الاتصالات التي عليها رفع ملف تعديل الرواتب لمجلس الوزراء”. ويرفض حشيشو اعتبار المستحقات المُقَرَّة للموظفين عن العام الماضي، والتي لم تُدفَع بعد، بمثابة المطلب الحالي للموظفين. وعليه، لا يقبل الموظفون حالياً دفع ما انتظروه العام الماضي. بل يريدون مستحقاتهم مع تعديل الرواتب.
أما ربط رواتب موظفي أوجيرو برواتب موظفي الإدارات العامة، فهو أمر غير مقبول بالنسبة لحشيشو، لأن “موظفي الإدارات العامة يحضرون يوماً واحداً إلى العمل، فيما نحن نحضر 5 أيام في الأسبوع، ونكون في جهوزية للحضور 7 أيام في حالات الطوارىء. ومن الضروري للرأي العام أن يعرف هذا التفصيل، كي لا يصدّق عملية الربط بيننا وبين باقي موظفي القطاع العام”.
يتّجه الملف نحو التصعيد والمزيد من التدهور في خدمات الاتصالات والانترنت. ولا تجد مصادر من الموظفين مشكلة في أي تصعيد لأن “الأمن القومي للموظفين وعائلاتهم بات أهم من الأمن القومي للدولة اللبنانية التي لم تكترث لعقود بما يحلّ في كل القطاعات وبما سيحلّ بالمواطنين بفعل السياسات التي يدار بها البلد. فلماذا على موظفي أوجيرو اليوم أن يحملوا مسؤولية كل شيء؟”. وهذا الموقف، عبّرت عنه نقابة الموظفين خلال إعلانها الإضراب، إذ اعتبرت أن “كرامة العاملين وحقهم بالعيش الكريم فوق كل اعتبار، وهي غير قابلة للتفاوض أو الابتزاز”.
خضر حسان- المدن