شعبوية باسيل تجر المسيحيين نحو “الشرقية”… وميقاتي “ما اتخذ قد اتخذ”!
دقت الساعة وانفجر الرأي العام اللبناني بين معارض ومؤيد لتأجيل اعتماد التوقيت الصيفي، ودخلت على الخط مرجعيات روحية وسياسيون وقنوات إعلامية، وحتى مدارس، وقد استطاع “التيار الوطني الحر” تحويل الموضوع من نقاش تقني، إلى طائفي بامتياز، بحيث بدأ المسيحيون بالمزايدة برفض موضوع التأجيل، من منطلق أن التأجيل حصل بسبب شهر رمضان عند المسلمين.
بدأت الحملة عند “التيار الوطني الحر” عبر جيشه الالكتروني، وما لبث أن انضم إليها مسؤولوه وسياسيوه، وقد دعا رئيسه جبران باسيل إلى عصيان هذا القرار، فلبت في البداية قنوات LBCI و MTVوOTV، ولاحقاً قناة “الجديد” وتبعتها المرجعيات الروحية، اذ أعلن المكتب الاعلامي في الصرح البطريركي في بكركي، في بيان، أن “القرار المفاجئ بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي لمدة شهر، الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال السيد نجيب ميقاتي ارتجالياً ومن دون التشاور مع سائر المكونات اللبنانية، ومن دون أي اعتبار للمعايير الدولية، وللبلبلة والأضرار في الداخل والخارج، يحول دون إمكانية البطريركية المارونية والأبرشيات والمؤسسات التابعة لها، الالتزام به. وبالتالي، تلتزم بتقديم الساعة ساعة واحدة منتصف هذه الليلة، ليلة السبت – الأحد 25 – 26 آذار 2023”.
وبعدها أصدرت مطرانية بيروت المارونية بياناً حول “التزام رعايا أبرشية بيروت المارونية ومؤسساتها كافة باعتماد التوقيت الصيفي في مواعيد احتفالاتها الليتورجية وفي دوامات المدارس والجامعات والمؤسسات كافة. وعليه سيتم تقديم الساعة ساعة واحدة منتصف ليلة السبت الأحد 25 و26 آذار 2023”. لتتبعها الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس، وبعدها رابطة المدارس الكاثوليكية، وتكر المسبحة على رفض مسيحي للأمر.
الرفض بهذه الطريقة دفع الرئيس ميقاتي إلى إصدار بيان يمكن وصفه بالتصعيدي، جاء فيه: “تشكل عملية انتخاب رئيس الجمهورية الأولوية المطلوبة لاكتمال عقد المؤسسات الدستورية وإعادة الانتظام الكامل إلى الدولة اللبنانية. وهذا الأمر الذي نشدد عليه في كل مواقفنا ولقاءاتنا واجتماعاتنا يتحمل مسؤوليته السادة النواب المطلوب منهم دون سواهم انتخاب الرئيس وعدم التلكؤ في القيام بهذا الواجب الدستوري.
لكن يبدو أن البعض يحاول تحويل الأنظار عن تعطيله لعملية الانتخاب أو فشله في تأمين التوافق المطلوب لإتمام هذا الاستحقاق، بالتصويب مجدداً على الحكومة التي تجهد لتأمين استمرارية عمل المرافق العامة ومعالجة القضايا الأساسية قدر المستطاع وبما تسمح به الامكانات.
وبدل أن تأخذ القيادات الوطنية والسياسية المواقف والتحذيرات الدولية من خطورة الأوضاع في الاعتبار وتتحد على إتمام المعالجات المطلوبة، وتتفاعل اجتماعات الطوارئ والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبر عنها صندوق النقد الدولي، بدل كل ذلك نشهد محاولة لجر البلاد إلى انقسام طائفي لتأجيج الصراعات، وإعطاء إجراء إداري بحت منحى طائفياً بغيضاً.
ونظراً الى الظروف المستجدة المتعلقة بمحاولة البعض جر البلاد إلى انقسام طائفي لتأجيج الصراعات، ولأننا نتحمل المسؤولية الدستورية بقناعة وطنية ولكن من دون أن نسمح بجرنا إلى الانتحار أو إلى ما لا يشبه قناعاتنا، لكل هذه الأسباب نعلن إلغاء جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة الاثنين. أمام السادة النواب والقيادات السياسية والروحية المعنية مسؤولية انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة. فليتحمل كل طرف مسؤوليته. وللبحث صلة”.
ولاحقاً أعرب ميقاتي، عن أسفه للمنحى الطائفي الذي تتخذه مسألة تأخير التوقيت الصيفي والذي لا علاقة له بالموضوع. وسأل في حديث لـ “النهار”: “هل المطلوب هذه التعبئة الطائفية بدل الحرص الضروري على العيش الواحد، فيما كان يتوجب تفعيل اجتماعات الطوارئ والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبر عنها صندوق النقد الدولي؟”.
أضاف: “أرسلت كتاباً الى وزير الأشغال العامة علي حمية، لدرس موضوع تأخير التوقيت الصيفي منذ 6 أشهر وكان الرد أن قطاع الطيران هو الذي يتأثر؛ ثم طرحنا الموضوع على رئيس طيران الشرق الأوسط محمد الحوت الذي أشار إلى أن لا مشكلة إذا اقتصرت المسألة على 3 أسابيع فإتخدنا القرار عندئذ. يمكن الانتظار 3 أسابيع حتى البدء بالتوقيت الصيفي، لكن تأسفي على النفس الصادر خصوصاً من المراجع الدينية، وإذا كان المأخذ أن مكوناً واحداً اتخذ قرار تأخير التوقيت الصيفي، فليتفضلوا ولينتخبوا رئيساً للجمهورية غداً”.
وفي موقف آخر لميقاتي أكد أن “ما اتخذ قد اتخذ… ويحز في نفسي أن يتخذ الأمر هذا المنحى”. وقال: “انتخبوا رئيس جمهورية وجيئوا معه بفريق متخصص باستطاعته تلقي هذا الحمل والتعامل معه وإخراج البلد مما هو فيه… وعندها سأخلد إلى الراحة مع التشديد على أنني غير راغب في العودة إلى السراي خلافاً لما يشيعه البعض”.
معلومات “لبنان الكبير” أكدت أن الرئيس ميقاتي اتصل بإدارة “طيران الشرق الأوسط” قبل اتخاذ القرار وسألها إذا كان هذا الأمر يؤثر بأي شكل على عمل الطيران، وأتاه الرد أنه لا يؤثر بتاتاً. من جهة أخرى، تتعجب جهات سياسية من المنحى الطائفي الذي أخذه الأمر، ولفتت مصادر مقربة من مرجعية سياسية الى أن “الكلام يصعب في ظل حفلة الجنون التي نشهدها، نخاف أن نقول كلمة ويحولونها الى مزايدة طائفية”، منتقدة “التناقضات التي تصدر عن بكركي، بحيث أنه كانت هناك أربع عظات للبطريرك بشارة الراعي عن الحكومة، وكل عظة تناقض الأخرى، بالإضافة إلى ذلك يضيع البطريرك الفرقاء السياسيين، وهو لا يتخذ موقفاً واضحاً، فإذا زاره رئيس الحكومة، يشيد به ويقول له تصرف كما تراه مناسباً، وبعدها تزوره شخصية أخرى أو حزب سياسي كالتيار مثلاً، فيشيد به ويعلن تأييده لمواقفه، علماً أنها تناقض رئيس الحكومة، وهذا التناقض يسبب بلبلة في الأوساط اللبنانية”.
لبنان الكبير