كل شيء في لبنان “خليفاني”: بعضٌ ممّا اتفقت عليه الرياض وطهران حول لبنان
بينما الحركة السياسية عموما، والرئاسية خصوصا شبه معدومة، ووسط غياب اي علاج فعلي للواقع المأسوي، يتربع دولار لبنان الاسود، مسجلا قفزات مؤلمة للبنانيين وقدرتهم الشرائية المقتربة تدريجيا من درجة الانعدام، بفعل ارتفاع اسعار السلع الاساسية والحيوية، ولا سيما المحروقات التي تتنقل بين الارقام المليونية، من قارورة الغاز الى صفيحة البنزين والمازوت الموازية لراتب موظف. فكل شيء في لبنان “خليفاني” بعكس مسار التطورات في الاقليم، التي اشتدت فانفرجت.
فتسارع التطورات على الخط الاقليمي في اطار الترجمة العملية لمفاعيل التقارب السعودي-الايراني، بلغت حدا نوعيا مع الاعلان عن تلقي الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي دعوة من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود لزيارة الرياض، بحسب ما أعلن المساعد السياسي للرئيس الإيراني، مؤكدا ان الاخير رحب بالدعوة. فهل ستحصل الزيارة فعلا، ام انها تندرج في اطار اعلان حسن النيات بعد الاتفاق؟
الاكيد أن ما يحصل في المنطقة غير عادي ، فهي مقبلة على مرحلة جديدة عنوانها التهدئة، الا اذا طرأ ما يُعقد المسار من جديد، وما زيارات الرئيس السوري بشار الاسد الى الخارج ، من موسكو الى الامارات، وقبلها سلطنة عمان، الا خير دليل. فرحلتا دبي ومسقط ما كان يمكن ان تكونا لولا “قبة باط” سعودية. فما هي تداعياتها على الواقع الاقليمي عموما ، وعلى الوضع اللبناني خصوصا؟
اما في باريس فالكتمان والغموض يكتنفان نتائج الاجتماع الفرنسي – السعودي، الذي بحث في ظاهره ملف المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب اللبناني، فيما تقول المعلومات انه تطرق في جانب منه الى ملف رئاسة الجمهورية، انطلاقا من مقاربة جديدة تقول ان لجم الانهيار بات يتعلق بتسوية سياسية تقود الى انهاء حالة الشغور، كمقدمة لاعادة اطلاق عجلة المؤسسات.
اما داخليا، فرصد وترقب لما يجري في الخارج من مشاورات، خرقتهما مبادرة سيد بكركي الذي يحاول مواكبة الحركة الدولية-الاقليمية، بموقف مسيحي بحد ادنى من التفاهم، يسمح بان يكون هذا المكون الى الطاولة ساعة الحسم، رغم الخلافات الكبيرة والهوة الفاصلة بين اطرافه، المصرين على خوض معركة تصفية حسابات، غير مبالين بالخسارة اللاحقة بالمجتمع المسيحي.
فالثنائي “طاحش” بترشيحه لرئيس “المردة”، و”السياديون” من احزاب ونواب “تغييريين” ومنفردين على تشتتهم، فيما موقف “الحكيم” تحديداً غامض وغير واضح ، اما “بيك المختارة” فسيمشي في المحصلة مع “استيذ عين التينة “في دعم المرشح الذي يختار، فيما ينتظر ان يحسم “صهر الرابية” في إطار المؤتمر السنوي التنظيمي للتيار في ذكرى الرابع عشر من آذار، موقفه من الملف الرئاسي، خصوصاً لناحية التشديد على السيادة الوطنية والتفاهم بين المكونات، الى جانب محورية الاتفاق المسيحي-المسيحي حول الاستحقاق من جهة، مع تكريس الشركة المسيحية-الاسلامية من جهة أخرى.
وسط هذا المشهد الثلاثي الابعاد، تكشف مصادر ديبلوماسية في بيروت، ان عاصمة بلادها تلقت معلومات حول بعض نقاط “اتفاق بكين”، حيث اتفقت كل من طهران والرياض على التعامل مع الساحات “بالمفرق” وليس بالجملة، والانتقال من الواحدة الى الاخرى، مراعين بذلك الاستراتيجية الاميركية.
وحول الملف اللبناني، كشفت المصادر ان طهران سلمت الموضوع الى امين عام حزب الله، متعهدة بالتدخل اذا لزم الامر لتسهيل اي تفاوض ممكن ان يجري، في مقابل سير المملكة برئيس لا يشكل تحديا للحزب، وسط اقرار الفريقين وقبولهما اعادة توزيع توازنات القوى وفقا للمعطيات الجديدة.
ورأت المصادر ان بيان كتلة الوفاء للمقاومة الاخير ، وتصاريح المسؤولين في حزب الله يؤكد هذا المسار، اذ بدا واضحا تراجع حارة حريك و”تطريتها” للهجتها تجاه دول الخليج والمملكة خصوصا، في اطار “براغماتية” الحزب التي اشتهر بها، معتبرة ان الحزب رغم تأكيده على سليمان فرنجية كمرشح يدعمه، الا انه ترك الباب مفتوحا للحوار.
واشارت المصادر الى ان ثمة ليونة بارزة في المقابل لدى الاطراف المسيحية، التي تلقت رسائل واضحة من اكثر من جهة خارجية بضرورة التماهي مع مبادرة بكركي التي تشكل مخرجا لائقا للجميع، وثغرة للوصول الى تسوية مسيحية- مسيحية تضمن حدا ادنى من الدعم المطلوب للعهد الجديد ايا كان اسم الرئيس.
ميشال نصر- الديار