في الأسبوعين المقبلين… هل يتمّ التوافق مارونياً على اسم الرئيس المقبل؟!
يبدو أنّ المدى الزمني لقطف ثمار التسوية بات قريباً، وإن لم تضح صورته بشكل واضح بعد. فثمّة ارتياح عالي المستوى لدى أوساط رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، على ما نُقل عنه… كما أنّه جاهز اليوم لتلبية أي دعوة قد تصله من الخارج لزيارة السعودية أو إيران، رغم أنّ أي دعوة رسمية لم تُوجّه اليه حتى الساعة، ورغم الحديث عن أنّه لن يُغادر لبنان في أي زيارة قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
أمّا أجواء انتخاب الرئيس والدعوة الى الجلسة الـ 12 لانتخابه فلا تزال تترنّح، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، ولن تتمّ الدعوة اليها خلال شهر رمضان بل بعده. فالاتفاق السعودي- الإيراني قد رفع من حظوظ مرشّح “الثنائي الشيعي” أي رئيس “تيّار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، مقابل حصول السعودية على ضمانات تتعلّق برئيس الحكومة المقبل، وبيانها الوزاري وتعيين وزرائها، على أساس ألّا يكون هناك أي ثلث معطّل فيها ينسف كلّ قراراتها وخططها ومشاريعها المستقبلية، ولكن من دون أن تُحدّد اسم رئيس الحكومة حتى الآن.
في الوقت نفسه، فإنّ برّي على ما أضافت المصادر، مستعدّ للدعوة الى جلسة واحدة لانتخاب الرئيس لا غير، لتجربة المنافسة بين مرشَحيّ المعارضة رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض و”الثنائي” أي فرنجية، بهدف إجراء نوع من “البوانتاج” على هذين الاسمين. غير أنّه ضدّ الدعوة بعدها الى 30 أو 40 جلسة فولكلورية تُذكّر بالجلسات السابقة، رغم دخول اسم مرشّح الثنائي حالياً على الخط، ولم يتمّ التصويت له بعد في أي جلسة انتخابية. ويصرّ برّي كما حزب الله على أن يكون التوافق مارونياً على اسم الرئيس المقبل، وأن يجري طرحه في جلسات الانتخاب المقبلة. لهذا لن يُكرّر الدعوة الى جلسة الانتخاب في حال لم تخرج الجلسة الـ 12 بأي مُعطى جديد، أو تُبشّر بقرب انتخاب الرئيس الجديد.
واعتبرت المصادر نفسها أنّ رئيس حزب “القوّات اللبنانية” سمير جعجع ليس بعيداً عن هذه الأجواء، فهو مستعدّ للتخلّي عن التصويت لمعوّض، وقد أعلن عن ذلك بنفسه، ما يشير الى استعداد “القوّات” للحوار أو التوافق على اسم الرئيس المقبل. غير أنّ مسألة موافقتها على التصويت لفرنجية، أو على الأقلّ تأمين النصاب القانوني للدورة الثانية من جلسة الانتخاب لا تزال قيد البحث، رغم إعلانها عن رفض هذا وذاك، سيما أنّ التوافق السعودي – الإيراني قد يبدّل موقفها. كما أنّ معوّض تحدّث عن تراجعه أو عدم مضيه في الترشّح لرئاسة الجمهورية، في حال توافقت الكتل النيابية المعارِضة على اسم مرشّح آخر تكون حظوظه مرتفعة أكثر.
وأكّدت المصادر أنّ الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين بالنسبة للتوافق المسيحي على اسم رئيس الجمهورية. فالمعارضة في صدد التفتيش عن اسم مرشّح تُنافس فيه مرشّح “الثنائي الشيعي”، وخصوصاً أنّ مرشّحها، قد جرت تجربة حظوظه خلال جلسات الانتخاب الـ 11 الماضية، ولم يتمكّن من إحراز سوى 44 صوتاً كحدّ أقصى. ولم تستطع المعارضة بالتالي إقناع الكتل النيابية الأخرى بالتصويت له لرفع أصوات انتخابه.
من هنا، تحدّثت المصادر عينها عن السيناريو الآتي للجلسة الـ 12 المرتقبة لانتخاب الرئيس، والتي تُرجّح أنّها لن تحصل خلال فترة الصوم لدى الطوائف المسيحية والإسلامية إنّما بعدها، فذكرت أنّ برّي سيدعو اليها مع المرشَحين الرسميين الحاليين أي فرنجية ومعوّض، إلّا في حال استجد أي أمر جديد خلال الأسابيع المقبلة. فإذا لم يحصل أي منهما على 65 صوتاً في الدورة الأولى سيتمّ الذهاب الى خيار المرشّح الثالث، ذلك ان مرشّح كلّ من الفريقين، سيكون مرفوضاً من الفريق الآخر. وعندئذ لا يبقى أمام الكتل النيابية المسيحية الأربع أي “التيار الوطني الحرّ” و”القوّات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” و”تيّار المردة” في المرحلة الثانية، وبرعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، سوى التوافق على اسم مرشّح وسطي أو توافقي، لا يكون ضدّ حزب الله ولا ضدّ المعارضة، ليخوض المعركة الرئاسية في وجه فرنجية. وعندئذ “فلينجح من ينجح”، على ما قال برّي. فمَن يتمكّن من الحصول على 65 صوتاً في الدورة الثانية في ظلّ تأمين النصاب القانوني للجلسة (أي 86 صوتاً)، يفز بالرئاسة.
ولكن يبقى القرار هنا لفرنجية الذي أرجأ الإعلان عن ترشّحه مرّات عدّيدة حتى الآن، على ما عقّبت المصادر، بالاستمرار في المعركة الرئاسية أو العدول عنها، في حال تأكّد له بعد إجراء حساباته، أنّ وصوله الى قصر بعبدا سيكون صعباً أو سهلاً في المرحلة المقبلة. وقراره هذا سيُبقيه منافساً قوياً في وجه أي مرشّح آخر سيتمّ التوافق عليه، إمّا بين الكتل النيابية المعارضة، أو بين الكتل المسيحية الأربع، أو يُخرجه من المعادلة.
وفي الوقت نفسه، شدّدت المصادر السياسية على أنّ “التيّار الوطني الحرّ” لن يُوافق على أي مرشّح يكون ضدّ حزب الله أو لا يوافق عليه الحزب، رغم الحديث عن الحاجة الى إعادة تعزيز “تفاهم مار مخايل”. فعندما قال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله انّ “للبحث صلة” بعد اجتماعه الأخير بباسيل، فإنّ موقفه هذا قد أبقى باب النقاش مفتوحاً مع “التيّار” على إسم الرئيس، في حال تأكّد له، بعد تجربة حظوظه في مجلس النوّاب، أنّ فرنجية قد لن يتمكّن من الوصول الى قصر بعبدا. أمّا “القوّات اللبنانية” فتصرّ على عدم تأمين النصاب القانوني لوصول مرشّح الممانعة، على ما أعلنت المصادر، مقابل رفض “الثنائي الشيعي” لمرشّح التحدي والمواجهة الذي دعمته “القوّات” و”الكتائب” خلال الجلسات السابقة، أي معوّض، ما يجعل لا خيار آخر أمام كلّ منهما سوى التقريب في وجهات النظر، عن طريق التوافق على مرشّح ثالث غير محسوب على أي منهما.
وبرأي المصادر، أنّه لا يجب أن يكون هناك أي خلاف بين فرنجية وباسيل، ولا بين برّي وباسيل لكي تأخذ الأمور مجراها الصحيح. وقد تحدّث باسيل عن الحوار، ويعمل اليوم من دون تسريبات إعلامية لكيلا يُحبط ما سوف يتمّ التوافق عليه بينه وبين بقية المكوّنات السياسية. وترى المصادر أنّ التعاون مستقبلاً بين باسيل وفرنجية كرئيس للجمهورية، سيكون أفضل من التعامل مع أي شخص آخر يفوز بمنصب الرئيس. وبرعاية ومواكبة من حزب الله، فإنّ اتفاق فرنجية- باسيل سيكون ممكناً في حال قرّر كلّ منهما تفضيل المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية.
وبرأي المصادر، أنّ التقارب السعودي- الإيراني بالتالي لا بدّ وأن ينعكس على مواقف الكتل النيابية، إذ ان تصلّبها في مواقفها لن يوصل الى رئيس للجمهورية. ولهذا تجد المصادر أنّ أي إنفراج إقليمي سينسحب حتماً انفراجاً على الساحة الداخلية، ولكن ليس على المسؤولين انتظار صناعة الحلّ في الخارج، إنّما الذهاب الى “لبننة” الحلول، مع الأخذ بالاعتبار التغيّرات الإقليمية، للحفاظ على السيادة والاستقلال والوطنية. وهذا الأمر قد يُعزّز فرص نجاح فرنجية ولكنه لا يحسم النتيجة. فإذا استمرت “القوات” و”التيّار” معارضين لفرنجية، فلا يمكنه أن يصل الى قصر بعبدا، سيما أنّ “الثنائي” لن يفرض اسم الرئيس على القوى المسيحية.
دوللي بشعلاني- الديار