خطوات ما قبل الاتهام… ومحاكمة “الحاكم”!
بعد سقوط “خبرية” أنّ لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة حقّ عدم المثول أمام المحققين الأوروبيين “حفاظاً على السيادة اللبنانية”، انتشرت أمس خبرية “أن سلامة حضر أمام المحققين براحة تامة وهدوء منقطع النظير”، علماً بأنه خرج من التحقيق غير جاهز لاجتماع المجلس المركزي، وانصرف الى “ترتيب أوراقه تحضيراً لجلسة جديدة امام المحققين اليوم”، كما أكدت مصادر متابعة، مع الإشارة إلى أنّه على شقيق الحاكم ومعاونته ماريان الحويك المثول أيضاً اليوم لاستجوابهما.
استمر التحقيق ساعات طويلة أمس بسيل من الأسئلة المتوقعة وغير المتوقعة، وعلمت “نداء الوطن” أن عدداً كبيراً من بنود الاستجواب كان يتطلب بإجابات “نعم” أم “لا” ، لأن ما في جعبة المحققين الأوروبيين عموماً والقاضية الفرنسية أود بوريسي خصوصاً الكثير من الحقائق والاثباتات والأدلة التي لا تحتاج الى تحقيق جديد، بقدر ما تحتاج الى “اعتراف أو انكار فقط” من جانب سلامة، وفقاً للمصادر المتابعة.
وأضافت المصادر عينها: “كان القاضي اللبناني شربل أبو سمرا أجّل التحقيق مع سلامة مفسحاً المجال للمحققين الأوروبيين من دون سبب واضح، ليلعب دور ناقل الأسئلة بين الطرفين. الا أن مفاجأة ابو سمرا كانت كبيرة بالنظر الى كم المعلومات الممكنة الوجود كأدلة في الملفات الأوروبية، مقابل ما في ملف التحقيق اللبناني الذي كان أجراه القاضي جان طنوس”. والمسألة البديهية التي تطرح نفسها الآن هي الضرورة القصوى لضمّ التحقيقات الاوروبية الى التحقيق اللبناني. وللمثال، ليس في التحقيق اللبناني معلومات عن حسابات رياض سلامة في لبنان، وبات القاضي الآن أمام ضرورة الإصرار على رفع السرية عن حسابات سلامة في لبنان ومطابقتها مع المعلومات الموجودة في التحقيقات الأوروبية عن حسابات سلامة في الخارج، ثم مطابقتها مع حسابات رجا سلامة (شقيق رياض) لاستكمال خريطة التحويلات والعمليات التي أفاد منها حاكم “المركزي”، وبالتالي تأكيد أن العمولات التي حصلت عليها شركة “فوري” وتبلغ نحو 330 مليون دولار انتهى بها المطاف عند رياض سلامة نفسه ولم يكن شقيقه وشركة “فوري” إلا واجهة.
واستغرب مرجع قضائي رفيع كيف أقدم ابو سمرا على التفريق بين الملف الذي بين يديه وبين تنفيذ المساعدة القضائية الدولية، علما بأن دخول رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلينا اسكندر على الخط وطلب الادعاء على الأخوين سلامة وماريان حويك، جاء بناءً على طلب من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وعلمت “نداء الوطن” أنّ الفرنسيين وعدوا لبنان بمعونة قضائية للحجز على أموال وأصول في الخارج، وفي هذا السياق أيضاً أقدمت السلطات في اللوكسمبورغ على التعاون مع لبنان وحجزت أصولاً بناءً على طلب قضائي لبناني.
يُذكر أنّ حاكم مصرف لبنان لم يستجب لطلبات التحقيق اللبناني عندما طلب منه كشف السرية عن حساباته، وأتت مماطلته آنذاك بحجة “أن الأمر يحتاج الى موافقة من هيئة التحقيق الخاصة” علماً بأن سلامة نفسه يرأس تلك الهيئة التي تضم المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم الذي بقي صامتاً هو الآخر.
وعما هو متوقع بعد انتهاء جولة التحقيق الأوروبي الحالية، تشير المصادر إلى عدة احتمالات أبرزها “الادعاء على سلامة ثم طلب تسليمه لمحاكمته، مع توقع عدم موافقة لبنان على ذلك، بحجة استمرار التحقيق معه محلياً ومتابعة طلبات الادعاء عليه “، كاشفةً أنّ “جهات محلية معنية تتجه الى الطلب من الأوروبيين التريّث قليلاً ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية، ليصار بعد ذلك الى قبول استقالة سلامة او اقالته او انتظار نهاية ولايته في الحاكمية، على وعد فتح محاكمة محلية عادلة له”.
وبين السيناريوات أيضاً، الإمعان في المماطلة والتهرب من إدانة سلامة، إلا أن لذلك تداعيات على تعامل جهات أوروبية مع منظومة الحكم في لبنان، مع ما يعني ذلك من إمكان مواجهة بعض أطراف تلك المنظومة بـ”عواقب” كانت تحدثت عنها جهات فرنسية علناً، إضافة الى تحرك في البرلمان الأوروبي لتفعيل “قانون إطار” كان أقرّ لمعاقبة مسؤولين لبنانيين مشمولين في قوائم معرقلي سير العدالة ومقوّضي الإصلاح.