هل تعود بيروت شرقية – غربية…؟؟
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها في شهر أيار المقبل اذا لم يتعذر ذلك، بدأت الأنظار تتجه نحو بلدية بيروت التي تصدرت الساحة في الآونة الاخيرة بعد الحديث عن تقسيمها، تحديداً بعد طرح “التيار الوطني الحر” استحداث بلديتين في المدينة بدلاً من واحدة ولكل منها مناطقها العقارية، وبعد التصريح الأخير للنائب نقولا صحناوي بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بأن “المناصفة في بيروت في خطر”، معتبراً أن الراعي “كان متفهماً لرؤيتنا”.
وبذلك، تكون رغبة هذا التيار اعادة اللبنانيين الى العام 1975، ويبدو أنه لا يزال متأثراً بالحرب الأهلية التي قسمت بيروت الى شرقية وغربية يومها، وقتلت الناس عبر الهوية وهدمت بيوتهم وأرزاقهم. فما رأي البيارتة بما يخطط للمدينة ومجلس بلديتها وفق طروحات ” التيار”؟
حمد: مشروع فاشل ومضحك
وصف رئيس بلدية بيروت السابق بلال حمد في حديث لموقع “لبنان الكبير” مشروع تقسيم بلدية بيروت أو جعلها دائرتين بـ “المشروع الفاشل والمُضحك المقدم من مجموعة نواب”، مؤكداً أنه “لا يمكنهم تقسيم أحياء بيروت وشوارعها والجامع والكنيسة، ومبرراتهم متعلقة بالمناصفة في المجلس البلدي لكنهم تناسوا أن هذه المناصفة لا يضمنها الا ابن بيروت في الانتخابات البلدية، والانتخابات الأربعة الأخيرة عندما أتى 12 مسلماً و12 مسيحياً للمجلس خير دليل على أن ابن بيروت من أعطى هذا الضامن من خلال تصويته”.
وقال: “فليتفضلوا ولنرَ مراجلهم ولينتخبوا بكثافة اذا كانوا يصنّفون أنفسهم بانهم يمثلون جمهوراً كبيراً من البيارتة، وهنا أضع مليون علامة إستفهام! لا يجب أن يتحدثوا بالشعارات المخبأ خلفها غايات أخرى توصلنا الى قانون انتخابي للبلديات مشابه للقانون الانتخابي النيابي الذي قسّم بيروت طائفياً”.
ودعا “كل من طرح هذا التقسيم، الى أن يتوجه الى المطران (الياس) عودة فهو ضمير بيروت، الرجل الذي يتحدث بإسم البيارتة وليسأله عن هذا الموضوع التقسيمي البغيض، والمؤكد أنه من أشد المعارضين له لأنه يعلم أن البيارتة لا يفكرون بهذا الأسلوب ولم يتعلموا في تاريخهم وفي مدارسهم وجامعاتهم عن هذا التقسيم الطائفي”، موضحاً أن “التيار يتحدث عن منطقة المرفأ كي تصبح دائرة تابعة لما يحلم به تحت مسمى (شرق بيروت)، وبالتالي ستضم هذه المنطقة: منطقة بيروت ووسط المدينة، ساحة الشهداء والبيال كلها، جامع الأمين والعمري والمجيدية والكنيسة والقصر البلدي، فهؤلاء النواب يحلمون ويتوهمون لكن طالما نحن موجودون وفي عروقنا نبض سنكون في الواجهة أمام هؤلاء التقسيميين”.
أما بالنسبة الى كلام صحناوي من بكركي، فشدد حمد على أن “الراعي رجل دين يتحلى بأدبيات ووعي كبير، وكل من يقصده في بكركي يصغي اليه ويبتسم في وجهه، لكن هناك فرق شاسع بين تفهم رؤيتهم وتبنيها، والمؤكد أن كل رجل دين مسلم أو مسيحي، وكل سياسي لبناني أصيل ضد هذا المنطق التقسيمي ومن يمس بوحدة بيروت يمس بوحدة لبنان، فبيروت مرآة لبنان وفي حال المساس بها هذا يعني إنتهاء لبنان”.
وأشار الى أن “القوات اللبنانية لم تتبنَ هذا المشروع التقسيمي لأنها تعي جيداً مخاطره، فلا يمكننا إدخال المقص بين شارع وحيّ، ولا يمكننا فصل محمد عن علي وجورج”، متمنياً “إجراء الانتخابات البلدية في موعدها لأن الشعب غير قادر على تحمل المزيد من الأعباء والأوضاع التعيسة”.
الطبش: كلام خطير ومرفوض
أما النائبة السابقة رولا الطبش فأكدت أن “كلام النائب نقولا صحناوي خطير جداً ومرفوض جملةً وتفصيلاً، وبالتالي موضوع التقسيم سيؤدي الى إعادة التذكير بالحرب الأهلية وتقسيم بيروت الى شرقية وغربية، وكل هذا ينسف مبدأ المناصفة من جهة والعيش المشترك من جهة أخرى، وهذا التنوع الذي أرساه الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.
واعتبرت أن “البطريرك الراعي هو دائماً راعٍ للعيش المشترك والحوار بين كل الأطراف ولا أعتقد أنه داعم لنظرية التقسيم”، مشددة على “أننا لن نرضى بهذه المخططات التقسيمية وكلنا سنوّحد جهودنا وستبقى بلدية واحدة للمسلمين والمسيحيين تعنى بكل أبناء هذه المدينة من مجلس واحد موحد”.
“القوات”: المحافظة على بيروت الموّحدة
ولفتت مصادر قواتية الى أن “ما يهمنا هو المحافظة على مدينة بيروت كمدينة موحدة من جهة والمحافظة على مجلس مشترك للمجلس البلدي، والبحث عن آلية إنتخابية تحافظ على المناصفة والقيام بنظام داخلي بهدف إشراك المقومات بمختلف انتماءاتها وطوائفها في اتخاذ القرار في المجلس البلدي”.
“التيار”: لعدم التصلب في النقاش
وأوضحت مصادر نيابية تابعة لـ”التيار الوطني الحر” أن “هناك الكثير من الأفكار المطروحة للنقاش ولا تزال قيد البحث، وبالتالي لا يجب أن نكون متصلبين في النقاش خصوصاً أن هناك دائماً مساحات ممكنة تسمح بمحافظتنا على وحدتنا كمجتمع متماسك وفي الوقت عينه نحافظ على تنوعنا، وليس بالضرورة اللجوء الى التقسيم لكن من الايجابي تقسيم الأحياء وينتخب كل حيّ ممثلين عنه وبعد ذلك يتم ضمهم في مجلس بلدي موّحد وهذه نقطة واقعية، وبهذا بيروت لا تقسم من جهة ونحافظ على وحدتها والتنوع التمثيلي فيها من جهة أخرى”.
وأشارت المصادر الى أن “هناك الكثير من الاقتراحات وأحدها الدوائر الانتخابية، وكل هذه المقترحات ليست خاطئة خصوصاً وأنها قوانين تحافظ على صحة تمثيل جميع الأطراف ووحدة المجتمع والمدينة”.
لا شك في أن مقترحات “التيار” ستزيد من حدّة الخلافات والتوترات وتجعل بيروت مقسمة طائفياً ومذهبياً وهذا ما يرفضه اللبنانيون عموماً والبيارتة خصوصاً فهم اعتادوا على العيش الواحد المشترك ولن يرضوا أن يعيدهم أحد الى الحرب الأهلية اللعينة.
اية المصري- لبنان الكبير