من اليمن حتى إسرائيل وأمريكا.. كيف ستتأثر هذه الدول الـ7 باستئناف العلاقات السعودية الإيرانية؟
من العاصمة الصينية بكين، اتفقت إيران والسعودية على استئناف العلاقات بينهما، يوم الجمعة 10 مارس/آذار، بعد قطيعة دبلوماسية استمرت سبع سنوات، وهددت الاستقرار والأمن بالخليج، وساعدت في تأجيج الصراعات بالشرق الأوسط من اليمن إلى سوريا.
وجاء الإعلان عن الاتفاق بعد محادثات كانت غير معلنة مسبقاً، واستمرت أربعة أيام في بكين، بين كبار مسؤولي الأمن من البلدين. وذكر بيان صادر عن إيران والسعودية والصين، أن طهران والرياض اتفقتا “على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدةٍ أقصاها شهران”. وأضاف: “الاتفاق يتضمن تأكيدهما احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
وسيؤدي اتفاق إيران والسعودية على استئناف العلاقات إلى آثار واسعة النطاق، سواءً داخل منطقة الشرق الأوسط أو خارجها. كما سيقلل من فرص نشوب صراعٍ مسلح بين الخصوم الإقليميين.
ماذا يعني استئناف العلاقات السعودية الإيرانية بالنسبة لهذه الدول؟
1– اليمن
تورطت السعودية وإيران بشدة في حرب اليمن القائمة منذ سنوات. إذ دخلت السعودية الصراع عام 2015 لتدعم حكومة البلاد المنفية، بينما تدعم إيران الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء عام 2014. ويبحث الدبلوماسيون منذ فترة عن طريقة لإنهاء الصراع، الذي أثار واحدةً من أسوأ الكوارث الإنسانية وتحوّل إلى حربٍ بالوكالة بين الرياض وطهران. لهذا فإن الاتفاق السعودي-الإيراني قد يوفر دفعةً لجهود إنهاء الصراع.
وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم جماعة “أنصار الله” اليمنية (الحوثيين)، بعد الاتفاق الإيراني السعودي، إن المنطقة “بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها”.
كما قال عبد السلام، دون ذكر الاتفاق السعودي الإيراني صراحة، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، إن “المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها، تسترد بها الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية وعلى رأسها الصهيوأمريكية، التي عملت على الاستثمار في الخلافات الإقليمية واتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات وللعدوان على اليمن”.
2– لبنان
تدعم إيران حزب الله الشيعي اللبناني منذ زمنٍ بعيد، بينما تدعم السعودية الساسة السنة في البلاد وبعض التيارات المسيحية. ولهذا فإن تخفيف التوترات بين الرياض وطهران قد يشهد ضغط الطرفين من أجل المصالحة السياسية في لبنان، الذي يواجه حالة انهيار مالي غير مسبوقة.
وبُعيد الاتفاق، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن “لبنان يحتاج لتقارب لبناني وليس إيرانياً سعودياً”، كاشفاً عن عمل عربي لصياغة حوار “لا محالة سيتم مع دمشق”.
وفي تصريحات متلفزة مع قناة “العربية” السعودية، نشرتها خارجية المملكة عبر “تويتر”، مساء الجمعة، قال الوزير السعودي، بشأن تأثير الاتفاق على أزمات لبنان: “في النهاية والبداية، على لبنان أن ينظر إلى مصلحته وأن يقدم الساسة المصلحة اللبنانية على أي مصلحة، وحينما يقدم ذلك فسيزدهر لبنان”.
3– سوريا
دعمت إيران رئيس النظام السوري بشار الأسد في حرب بلاده الطويلة، بينما دعمت السعودية المعارضة التي تسعى للإطاحة به. لكن الأشهر الأخيرة شهدت تقرب الدول العربية من الأسد مرةً أخرى، وخاصةً ي أعقاب الزلزال الذي دمّر سوريا وتركيا. وقد يؤدي الاتفاق الدبلوماسي يوم الجمعة 10 مارس/آذار، إلى زيادة قابلية الرياض للتفاعل مع الأسد، مما سيوطد يد الحاكم المستبد أكثر.
4– “إسرائيل”
أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تطبيع العلاقات مع السعودية. لكن اتفاق السعودية مع إيران، عدوه قديم العهد، سيجعل المهمة معقدة. كما قد تشعر إسرائيل بعزلةٍ أكبر في حال قررت تنفيذ ضربةٍ عسكرية ضد برنامج إيران النووي، مع اقترابه من مستويات تصنيع الأسلحة. وحتى الإمارات التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل ولطالما كانت متشككةً في طهران، فقد سعت إلى تهدئة التوترات مع إيران أيضاً.
وعلى الرغم من أنه لم يصدر رد رسمي من الحكومة الإسرائيلية حتى الآن على استئناف العلاقات بين طهران والرياض، فإن مراسلين دبلوماسيين مرافقين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في زيارته لروما، نقلوا عن مسؤول كبير بالحكومة قوله إن “التقارب بين الرياض وطهران بدأ قبل نحو عام وشمل زيارات متبادلة”، بحسب رويترز.
حيث قال المسؤول إن السعودية شعرت بأن موقف الغرب تجاه إيران أصبح ضعيفاً. وأضاف أن ذلك لن يؤثر على محاولة إسرائيل إقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض. في حين نقلت إذاعة كان ومحطة 13 الإخبارية عن المسؤول، قوله إن العامل الحاسم لإسرائيل ليس الطبيعة الرسمية للعلاقات السعودية الإيرانية، بل موقف الغرب تجاه طهران.
5– إيران
تعرضت إيران لعقوبات دولية شديدة عقب انهيار اتفاقها النووي مع القوى العالمية عام 2015. لكن الاتفاق مع السعودية قد يمنح طهران مجالات جديدة للالتفاف على العقوبات. إذ عمَّقت إيران علاقاتها مع روسيا بالفعل، كما سلّحت موسكو بمسيّرات تحمل القنابل في هجومها على أوكرانيا.
6– السعودية
يريد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إنفاق عشرات المليارات من الدولارات على المشروعات العملاقة، من أجل إبعاد المملكة عن الاعتماد على النفط الخام، وفي ظل التهديدات التي يفرضها تغير المناخ. ولهذا فإن القلق حيال التعرض لهجمات عبر الحدود سيضع تلك المشروعات موضع شك، كما تقول وكالة Associated Press الأمريكية.
7– الولايات المتحدة
تُصر إدارة بايدن على أنها لطالما كانت مؤيدةً لأي ترتيب يُمكنه المساعدة في تهدئة توترات الشرق الأوسط، وضمن ذلك استئناف العلاقات السعودية-الإيرانية. ومع ذلك، يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يشكون في وفاء إيران بالتزاماتها، لكنهم سيراقبون الوضع عن قرب. ولا شك في أن دور الوساطة الصيني في إعادة التقارب يمثل مصدر قلق، لأنه مرتبط بمعركة النفوذ بين واشنطن وبكين داخل المنطقة وخارجها. لكن المسؤولين يقولون إنه لم يتضح بعدُ ما إذا كانت الجهود الصينية ستكلل بالنجاح أم لا.
من جهته ذكر المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، الجمعة، أن السعودية أبقت واشنطن على اطلاع بشأن محادثاتها مع إيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، لكن الولايات المتحدة لم تشارك فيها بصورة مباشرة.
قال كيربي إن خارطة الطريق التي أُعلنت اليوم كانت فيما يبدو، نتيجة لعدة جولات من المحادثات التي عُقد بعضها في بغداد وسلطنة عمان، موضحاً أن الولايات المتحدة أيدت هذه العملية باعتبار أنها تسعى لإنهاء الحرب في اليمن وما وصفه بالعدوان الإيراني. وأضاف: “السعوديون أبقونا بالفعل على اطلاع بشأن هذه المحادثات التي كانوا يجرونها، تماماً مثلما نبلغهم بأنشطتنا، لكننا لم نشارك بصورة مباشرة”.
عربي بوست