الحلول “عالسخن”… ولا رئيس إلّا بأعجوبة
بإحكام قلّ نظيره أقفل الملف الرئاسي اللبناني محليًّا وخارجيًّا. لا بصيص نور ولا فتات أمل بإحداث خرق في جداره الصلب. كل المعادلات والتسويات التي أبرمت سابقًا وأخرجت الرئاسة من القمقم المحتجزة فيه لم تعد سارية. الرهان على عقد مؤتمر على غرار الدوحة فاشل، تدخل الخارج لفرض رئيس على غرار ما يتوهم البعض، ليس وارداً واجتماع باريس الخماسي أبلغ دليل، ذلك انه ليس فقط لم يقدم قيد أنملة في الانسداد الرئاسي اللبناني بل انتهى الى خلاف بين المشاركين، على ما يقول مصدر سياسي رفيع معارض لـ”المركزية”، على خلفية ذهاب البعض جديًّا في معادلة فرنجية رئيسًا ونواف سلام رئيس حكومة. شأن رفضه بالمطلق البعض الآخر واعتبره طرحًا “خنفشاريا” لا يُسهم في حلّ الأزمة إنّما يمددها، ورَفعَ بطاقات حمراء. أمّا اتفاق القوى السياسية في الداخل وتقاطعها على مرشح لانتخابه فيبدو حتى الساعة وهمٌ، إذ إنّ الشرخ عميق كالمعادلة الجيومترية “خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا”. المعارضة تصر على رئيس سيادي انقاذي، فيما ثنائي اأمل-حزب الله يتطلع إلى إيصال رئيس مطواع يتماشى ومشروعها الممانع المقاوم. في حين يعجز أي من الطرفين عن إيصال مرشحه، المعارضة لعدم توحدّها خلف مرشح واحد، لا سيما نواب التغيير وبعض سنّة الاعتدال، والفريق الممانع لعجزه عن تأمين الأصوات الكافية لفرنجية لانتخابه. وهنا يجزم المصدر، وخلافًا لما يُروّج مؤيدو رئيس تيار “المردة”، أنّ سقف أصواته لا يتعدى الـ 45 الى 47، إذا ما انضم بعض النواب السنّة “اللي مش عارفين الله وين حاطتن” على حد تعبيره، ينتظرون كلمة من هنا وإشارة من هناك لتحديد اتجاهاتهم.
المصدر المعارض، وفي معرض سرده للواقع المقفل يقول “تكاد تكون المرة الأولى يقبع فيها ثنائي أمل- حزب الله في مأزومية كالتي يعاني منها اليوم، فهو في حال من الضياع، مضعضع لا بدائل لديه أو خطة “ب”، لا يملك أوراقًا يضغط بها لإيصال مرشحه. يتعرض لضغط من بيئته بفعل الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة، بعدما جفت منابعه الخارجية من ايران الواقعة تحت العقوبات والمتورطة في حرب أوكرانيا بمسيراتها وسلاحها لروسيا. في المقابل، ومن منطلق يقينها لمأزوميته، تشدّ المعارضة الخناق عليه بتكبيل مشاريعه وخططه فتلجأ الى استخدام سلاح التعطيل عن طريق رفض عقد جلسات تشريعية ومنع انعقاد اللجان النيابية وقد اسهمت في منع التمديد لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بإبلاغها صراحة عدم تأمين نصاب الجلسة. نهج يعتبر المصدر انه الافعل في مواجهة مشروع حزب الله راهنا،ومن يصمد اكثر يفُز.
“ميشال معوض، مرشحنا، والبديل الوحيد هو قائد الجيش العماد جوزف عون”، يوضح المصدر، إلّا أنّ شرط تعديل الدستور من خلال نصاب الـ86 نائبًا يجعل حظوظه متعثرة، إلّا إذا قرّر الثنائي السير به. بيد أنّ الأمر ليس بالسهولة هذه، وقد تيقّن الحزب أنّ القائد “ركبو قوايا” ولن يكون رئيس ظل او قائمقام، إذ أثبتت التجربة أنّه يتعالى على ميوله السياسية، لا يخضع ولا يتنازل إلّا لمصلحة الوطن. من هنا يمكن فهم ذهاب بري ونصرالله إلى إعلان ترشيح فرنجية كورقة أخيرة، إلى حين نضوج الظرف الاقليمي المفترض أن يحدد طبيعة الرئيس العتيد وفق مقتضيات المرحلة.
ليست المنطقة ذاهبة نحو التسويات بل العكس، يختم المصدر، حظوظ الحلول “عالسخن” تتفوق حتى الساعة وتجربة ضرب العراق يُرجح بقوة ان تتكرر مع ايران بأداة اسرائيلية، هذه المرة مدعومة غربيًّا، وحتى ذلك الحين لا رئيس في لبنان إلّا بأعجوبة!