انزلاق البلد نحو قعر الهاوية: هل اقترب لبنان من الإرتطام الكبير؟
لم يعد السؤال في لبنان يدور حول حجم الانهيار المالي والاقتصادي الذي وصل اليه، ولا المدى الذي سجله تردي الوضع المعيشي للمواطنين، ولا القعر الذي انزلق اليه البلد ولا يزال حتى الان، ولا اذا كان اللبنانيون قد وصلوا الى جهنم او الى العصفورية، فكل ذلك تحقق على نحو كبير، والبلد وقع تحت نير ازمة خانقة يحتاج الى معجزة للخروج منها، انما السؤال اليوم هو هل ان “الارتطام الكبير” الذي لطالما حذر منه كثيرون قد اقترب لبنان منه، وان البلد يتعرض اليوم لخطر وجودي لم يعرفه من قبل.
مؤشّرات ذلك الخطر الداهم إرتسمت في السّاعات الـ48 الماضية على نحو واضح. أوّل مؤشّر كان ما كشف عنه الأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف، الثلاثاء 7 آذار الجاري، عن أنّ البنوك التجارية “لا تملك سيولة كافية للسداد للمودعين”، وهي عبارة ملطفة تعني أنّ المصارف قد أفلست، قبل أن يتبع ذلك إعلان عدّة مصارف عودتها إلى الإضراب وإغلاقها أبوابها إبتداءً من الأسبوع المقبل، وبعضها أعلن بأنّه سيبدأ إضرابه إبتداءً من اليوم، ما يعني بأنّ أزمة المصارف قد سلكت طريقاً مفتوحاً نحو الهاوية، وأنّه ما لم يتم معالجة الأزمة منذ الآن، وهو أمر لا توجد أيّ مؤشّرات عليه، فإنّ البلد ذاهبٌ نحو الإنهيار الكلّي.
هذا الإنهيار كان كثيرون قد حذّروا منه منذ بداية الأزمة أواخر عام 2019، وآخرهم كان الوزير السّابق وئام وهاب، الذي كشف أمس عن “نقاش جدّي بين المصارف لإعلان الإفلاس، وهذا يعني إنهياراً كبيراً”، لافتاً إلى أنّ “المطلوب تدخلاً عاجلاً وتحمّل الدولة لمسؤوليتها عن دَيْنَها قبل إعلان الخراب الشّامل”.
لكنّ خطوة إعلان المصارف إفلاسها، وما إضرابها المفتوح سوى خطوة تمهيدية في هذا الطريق، يعتبر بنظر كثيرين تحصيل حاصل، لأنّ المصارف منذ إعلانها عدم قدرتها على ردّ الودائع إلى أصحابها، تبيّن أنّها تعاني من نقص فادح في السيولة المالية، لكنّها كانت تأمل أن تجد حلاً لأزمتها طيلة السنوات الثلاث الماضية، وعندما اقتربت أو وصلت إلى حائط مسدود، وجدت أنّ الخيار الوحيد المتاح أمامها هو إعلان إفلاسها، وهي على ما يبدو تنتظر الظرف المناسب للإقدام على هكذا خطوة.
وما حصل يوم أمس مؤشّر على أنّ الإنهيار الشّامل يسير بخطى متسارعة نحو الهاوية. ففي غضون الأربع والعشرين السّاعة الماضية إرتفع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية قرابة 10 آلاف ليرة دفعة واحدة، وهو ارتفاع أسفر إلى ارتفاع صاروخي في أسعار جميع السلع بلا استثناء، ما رفع نسب المخاوف من أن يؤدّي تفاقم الأزمة إلى ازدياد حدّة الأزمة المعيشية والإجتماعية، وانزلاق البلد نحو قعر الهاوية ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى “الإرتطام الكبير”، الذي سيحوّل البلد إلى أشلاء سيصعب بعده إعادة تركيبه وإنهاضه مجدّداً.
عبد الكافي الصمد