مرشّح طبيعي: لمن؟ ولماذا؟ وكيف؟
أخيراً أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله أن سليمان فرنجية، وزير الداخلية السابق في حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي عند اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عام 2005، هو “مرشح طبيعي” يدعمه “الحزب” للرئاسة. طبيعي لمن؟ ولماذا؟ وكيف؟
وما هي مواصفات “الطبيعي” بالنسبة إلى لبنان وأزماته؟ وكيف تستقيم هذه المواصفات مع مرشح رفض ويرفض مثول وزير من حصته لتحقيق في ارتكابات جرمية متعلقة بجريمة تفجير مرفأ بيروت، أو مدير عام من بطانته لتحقيق في فساد؟
قد يقول قائل إنّه لا لزوم للأسئلة. فكل من في المنظومة يمكن اعتباره مطلوباً للعدالة في ملفات أدت مضامينها إلى شل مؤسسات الدولة وانتهاك الدستور وانهيار الوضع الاقتصادي، وإلى جريمة العصر. ومن يصنف نفسه فوق الشبهات، لدى المنظومة ماكينة لفبركة الاتهامات وترويجها. والسوابق أكثر من الهم على القلب. لذا لا مزايدات على هذا الصعيد. أو أن إغلاق هذه الملفات هو المطلوب، وبالتالي فرنجية دون سواه هو “مرشح طبيعي” يستطيع التكفل بهذه المهمة.
أمّا استبدال دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار بدعوة نصر الله إلى النقاش فهو استنساخ للفرض والارغام. فقد قال نصر الله إنّ الاسم ليس للتجربة، أو المناورة، أو الحرق، أو للمقايضة باسم آخر… أي أنه ليس تجربة أنبوبية. فالهدف واضح من الترشيح، وهو إعادة احياء المنظومة وطي الصفحة التي أدت إلى تصدعات في بنيانها، وكسرت هاجس الخوف لدى بعض اللبنانيين فانتفضوا، وأدت انتفاضتهم المشبوهة إلى استخدام كل الأسلحة المحظورة كرفع سعر صرف الدولار وافتعال الأزمات المعيشية والقمع والقتل والترويع والعتمة. وليس أفضل من سليمان فرنجية لطي صفحة التمرد هذه، وتطور المواقف من الورقة البيضاء إلى التسمية.
ربما يعني هذا التطور الذي بدأ مع بري، ولاقاه إليه نصر الله، أنّ عقبة موقف جبران باسيل قد ذللت، وان اجتماع ما بعد منتصف الليل أعطى الضمانات المطلوبة، ويبقى توزيع الأدوار للتكتيك وليس لنسف الاستراتيجية، بحيث يبقى باسيل ظاهرياً على موقفه لحماية شعبيته في بيئته، في حين يؤمن من كتلته الأصوات اللازمة للنصاب والاقتراع لصالح فرنجية بغية تأمين الأصوات الـ65 اللازمة.
وإذا كان الأمر قد تمّ، تكون قد قطعت الطريق على اعتراض الأفرقاء المسيحيين لأنّ الثنائي الشيعي يصادر صلاحياتهم وقرارهم الحر ويستضعفهم ويفرض عليهم من يريد في المركز الأول الذي هو حق من حقوقهم. كذلك لا يعود قائماً اعتراض “المعارضة المشرذمة” التي لم تستطع توحيد رؤيتها وموقفها ومواجهة المنظومة ومن يتحكم بها بمشروع إنقاذي فعلي وفعال، والتي خافت من وضع الأمور في نصابها وتسمية الأفعال باسمائها لجهة مصادرة السيادة لمصلحة المحور الإيراني، لتذوب في الواقعية السياسية الطاغية على زواريب مجلس النواب، والتي أسفرت عن إعادة بري إلى سدة رئاسته وانتخاب الياس بو صعب نائباً له.
والأهم في وصول فرنجية على اعتبار انه “مرشح طبيعي” إلى قصر بعبدا هو الإبقاء على ما كان قائماً، بحيث لا يعود ممكناً حتى الحلم بقيامة دولة بمؤسساتها ودستورها. كما يعني الإبقاء على عزل لبنان عن محيطه العربي والشرعية الدولية.
فالمشهد السياسي لن يتغير مع رئيس من صلب المنظومة، وسيؤدي إلى اختيار رئيس للحكومة من القماشة ذاتها، كما سيعيد مشاريع المحاصصة فيها وما يستتبعها من شلل وأزمات لا تحل إلا بصفقات، كما سيستتبعه تعيين مسؤولين، سواء في قيادة الجيش أو مصرف لبنان أو ما يماثل في باقي المراكز انطلاقاً من كونهم “مرشحين طبيعيين” يسمعون الكلمة وينفذون المطلوب.
سناء الجاك- نداء الوطن