التسويات الاقليمية والدولية لم تتبلور: مسؤولية الشغور… وطنية أو مسيحية؟
لا يختلف اثنان على أن الشغور الرئاسي دخل في نفق مظلم طويل، وربما انتخاب رئيس الجمهورية سيتطلب مرحلة أطول من تلك التي تم الحديث عنها في الربيع أو الصيف المقبل خصوصاً أن المبادرات الداخلية لم تصل الى أي نتيجة، والتسويات الاقليمية والدولية لم تتبلور، وتتطلب وقتاً غير محدد بالاضافة الى أن الدول لديها همومها الداخلية بعد الحرب الأوكرانية -الروسية.
وفي الداخل أيضاً، وبدل أن تسعى كل الأطراف الى التهدئة، والتنازل لملء الشغور خصوصاً أن البلد على حافة الانهيار الكلي، تشعل الجبهات في ما بينها، وتتنقل معاركها العبثية من ضفة الى أخرى غير مكترثة بشعب يكتوي بلهيب الدولار والأسعار النارية التي تحرق الأكثرية، وغير مهتمة بالتقارير الدولية التي تحذر من تداعيات الشغور، ومن الفوضى المتوقعة، وغير آبهة بتفكك المؤسسات التي تتدحرج الواحدة تلو الأخرى.
وانطلاقاً من المثل القائل “القلة بتولد النقار” بمعنى أن المسؤولين في اجازة طويلة، يتلهون بالمناكفات ورمي المسؤوليات على الآخرين اذ يتم الحديث في الآونة الأخيرة عن أن المسيحيين يتحملون مسؤولية الشغور، ومتى اتفقوا على اسم للرئاسة الأولى، ينتخب سريعاً، الا أن مصدراً مطلعاً سأل عبر موقع “لبنان الكبير”: فيما لو نجحت المساعي البطريركية في لم شمل المسيحيين، وتمكنت من اقناعهم بالتوافق على شخصية، وانتخابها في المجلس النيابي، هل يوافق “الثنائي الشيعي” عليها أو سيعتبرها لا تتطابق مع مواصفاته؟ ثم فيما لو حصل سيناريو التوافق على الرغم من استبعاده، ألن تعلو الأصوات المعترضة على اعتبار أن المسيحيين يصادرون موقع رئاسة الجمهورية الذي هو لكل اللبنانيين وليس لطائفة معينة؟
إذاً، الاتهامات متبادلة في التعطيل الرئاسي، وما يجري في البرلمان يؤكد أن المعطلين ليسوا من طائفة معينة، اذ أن نواب الثنائي كما نواب “التيار الوطني الحر” يصوّتون بورقة بيضاء، ويطيّرون نصاب الجلسة التالية، وبالتالي، يؤكد كثيرون أن الاصطفاف في الاستحقاق الرئاسي ليس مسيحياً – مسيحياً انما بين خطين وجهتين تختلفان على كثير من العناوين الوطنية ما يعني أن الاختلاف سياسي أكثر مما هو اختلاف حول الشخص.
في هذا السياق، شدد النائب رازي الحاج على أن “المسؤول عن الشغور هم النواب، مسلمون ومسيحيون، الذين لم يلتزموا بالدستور، ولم ينتخبوا مرشحاً، وانسحبوا بعد الدورة الأولى في الجلسات الانتخابية المتتالية. هؤلاء هم المسؤولون فعلياً عن كل ما نعانيه اليوم، والذين هم فريق الممانعة الذي لديه مرشح ولا يعلن عنه ولا يصوّت له، وينتظر أن يصبح لديه الأصوات الكافية للوصول الى سدة الرئاسة، ويخيّر اللبنانيين اليوم بين الشغور في الرئاسة، والفراغ في مؤسسات الدولة والتعطيل، وانهيار القطاعات كافة، وتعليق الأزمة النقدية والمالية، وتجويع الناس، وبين مرشحهم. هذه هي المعادلة اليوم. وبالتالي، أي محاولة لرمي كرة التعطيل الرئاسي في ملعب آخر غير صحيح، وهذا ما نؤكده للموفد البطريركي بحيث قلنا له اننا مستعدون لحضور أي اجتماع برعاية البطريرك، انما أي اجتماع اذا لم يُتوج باتفاق ستنتقل كرة التعطيل من المعطلين الحقيقيين الى بكركي والى كل النواب الذي صوتوا لمرشح في المجلس النيابي، وانتظروا فتح الدورة الثانية من الجلسة الانتخابية. هذا المنطق لن نقبل به”.
وقال: “ليس صحيحاً أن النقاش غير موجود، ولكي نكون صادقين مع اللبنانيين، فإن النقاش مستمر بين الفرقاء بحيث أن الحزب التقدمي الاشتراكي يلتقي الجميع ومن بينهم وفد من حزب الله، وتم الحديث عن الرئاسة، وسلمه رئيس الحزب وليد جنبلاط 3 أسماء، ولم نعرف ما هو الرد أو الجواب على هذه الأسماء. كما حصل لقاء بين جنبلاط والرئيس نبيه بري، وبين الرئيس بري والنائب غسان سكاف، وغيرها. وبالتالي، ليس صحيحاً أن التشاور غير موجود انما يحاولون تحميل كل الفرقاء مسؤولية التعطيل بسبب عدم الاتفاق. اذاً، هم يريدون أن يفشل الحوار في الشكل كي يقولوا ان عدم نجاحه هو السبب في تعطيل الانتخابات الرئاسية. واذا لم نلبّ الدعوة الى الحوار، يحاولون رمي كرة التعطيل في الملعب المسيحي، والقول ان المشكلة مسيحية – مسيحية، وهذا ليس صحيحاً لأن المشكلة وطنية اذ هناك بعض المسيحيين والمسلمين الذين يطبقون الدستور كما هناك بعض المسيحيين والمسلمين الذين لا يطبقونه”.
ورأى أن “الخلاف في السياسة على نهج الرئيس، وعلى مشروعه وبرنامجه، ما يجعلنا غير قادرين على التوصل الى اسم مشترك. اليوم هناك نهجان في البلد: نحن نقول اننا نريد رئيساً يستطيع أن يطبق الدستور على الجميع والالتزام بمنطق الدولة فيما غيرنا يريد رئيساً يحمي ظهر المقاومة. يريدون رئيساً يغض النظر عن التهرب الضريبي والتهريب والمؤسسات المالية غير المرخصة وكل الممارسات غير القانونية والتي أدت الى الانهيار. المشكلة الأساسية اليوم عدم رغبة الفريق المعطل للرئاسة في الاصلاحات، وهذا ما تدل عليه ممارسته اليومية والمتتالية”.
واعتبر النائب أيوب حميد أن “الفريق الذي يرفض الحوار هو حكماً مسؤول عن التعطيل لأنه بعد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، تبين مدى الحاجة الى الحوار، وعدم قدرة أي فريق على ايصال مرشحه. تركيبة البلد تتطلب حواراً بين مكوناته. لذلك، من يرفض الحوار يساهم بصورة واضحة في اطالة أمد الشغور، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية”.
وعن الانسحاب من جلسات الانتخاب وتطيير النصاب، أوضح أن “هذا يأتي في اطار اللعبة البرلمانية، ويختلف تماماً عن موضوع الحوار، ولا يستطيع الفريق الآخر هذا الادعاء خصوصاً أنه منذ أيام أعلن أنه سيعمل على تعطيل النصاب في حال كانت هناك حظوظ لمرشح معين. وبالتالي، كل ما يجري يؤكد المؤكد أنه لا بد من الحوار والنقاش الوطني بين المكونات للوصول الى تفاهم حول رئاسة الجمهورية”.
وأكد أن “الخلاف بين الجهات السياسية على أكثر من قضية، لكن في اطار النقاش والحوار، نستطيع أن نتفاهم والوصول الى مساحة مشتركة بين الجميع”.
هيام طوق- لبنان الكبير