قيومجيان وقع في “فخ زواج المتعة “!
بعد حرب البيانات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب ميشال معوض، وردود الفعل حولها، كان لافتاً ما جاء على لسان رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية” الوزير السابق ريشار قيومجيان بأن “تجربة الأنبوب التي تكلم عنها الرئيس بري تأتي بمولود شرعي من أب وأم معروفين، بينما زواج المتعة ولو شرّعه الفقه يبقى حالة زنا تأتي بلقيط تخجل به أمه وأبوه الفعلي غير أبيه الرسمي”. وبعد هذه التغريدة إنهالت موجة تعليقات على قيومجيان وصفته بالعنصري والطائفي، رافضة كلامه جملةً وتفصيلاً خصوصاً وأن هذا الزواج عند الطائفة الشيعية شرعٌ مقدس.
كما سارع المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الى إصدار بيان رد فيه على قيومجيان، فاعتبر أنه أساء بصورة خطيرة الى الدين والشرع المقدس، معلناً أنه سيمارس حقه القانوني كاملاً ضد المعتدي، والمقصود به قيومجيان الذي استهزأ بزواج المتعة، فماذا عن هذا الزواج؟ وكي يفسره الفقه والدين؟ وهل فعلاً الطفل الناتج عن مثل هذا الزواج لقيط وغير شرعي يخجل به والداه؟
الجوهري: آلية قانونية شرعية
أوضح الشيخ عباس الجوهري في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “اطلاق بعض العبارات عند الطائفة الشيعية كالزواج الماروني هو للدلالة على العلاقة الثابتة بين الزوجين، والتي لا يحدث فيها الطلاق خصوصاً أنه صعب جداً لديهم (الموارنة) نظراً الى ما يؤمنون به بأن (ما أقره الله لا يغيره البشر)، والسياسيون يستخدمون هذا المصطلح للدلالة على العلاقة القوية، والوزير السابق ريشار قيومجيان إستخدم مصطلح زواج المتعة كبعد سياسي ولتوصيفه بعلاقة مؤقتة وغير شرعية، على أساس أن هناك جدلاً حول هذا الزواج لدى الطوائف والمذاهب الأخرى، وهذا إقحام لنفسه باستعمال مصطلحات عليها إشكالية من خارج الانتماء الشيعي. وعلى سبيل المثال لدى الطائفة السنية الكريمة يوجد الاشهار، ولدى الشيعة لا يوجد، وبإمكان الشيعي أن يقيم زواجاً بينه وبين الأنثى من دون أن يعلم أحد وهذا زواج صحيح لأنه شريعة المتعاقدين، ولأن كلاهما لديهما الرغبة في هذه العلاقة التي يجب أن تنتظم ضمن آلية قانونية شرعية لكي تكون علاقة شرعية وليست عبارة عن زنا”.
وأكد أن “كل الفقه الشيعي يؤمن بهذا الزواج، ولا يمكن لأي منهما الطلاق ساعة يشاء لأنهما في الأصل متفقان على وقت محدد، ومجرد انتهاء المدة المرأة حرة في ما تختار خصوصاً وأنه لا يربطها بالرجل شيء، وفي حال نتج عن هذه العلاقة حمل لا بد أن يُربط الطفل بأبيه، لذلك في هذه الحالات يسجلون في المحكمة أن هذا الحمل نتيجة هذا الزواج المؤقت”، لافتاً الى أن “هذا الزواج لا يعطي إرثاً للزوجة ولكن الولد يأخذ حقه الكامل من الميراث، وكل ما يحدث برضى المرأة وهو حالة طبيعية جداً، وصحيح أن زواج المتعة مشرّع لكنه ليس موجباً على أحد، فعندما دخل رجل على الامام الصادق وقال له: أنتم تقولون بحلية زواج المتعة، فهل تمتعني ابنتك؟ جاوبه الامام: ويلك ليس كل حلال مستحب، وهذا أكبر مثال على أن هذا الزواج يعود لرغبة الشريكين وليس واجباً على أي طرف”.
ووصف قيومجيان بـ “غير الفاهم لتعريف هذا الزواج ومفهومه”، مشدداً على أن “الابن الناتج عن زواج المتعة ليس بلقيط وليست علاقة يخجل بها أمه وأبوه، على العكس الطفل ناتج عن علاقة شرعية، اما الخجل من ثمرة هذا الزواج فلم يحدث بعد، ومن الممكن اعلان زواجهما الدائم اذا قررا ذلك أو أن تصبح مطلقة كسائر المطلقات، انما الخجل من ثمرة هذا الزواج فلم يحدث بعد، وتشويه الصورة وقع فيها معالي الوزير وينظر اليها من خارج الفكرة أي من البعد المسيحي، وكل العلاقات لدى الطائفة المسيحية الكريمة خارج الزواج محرمة مع العلم أنها تحدث ولا يُعيب عليها”.
وقال الجوهري: “لدى الاسلام يحق لنا بأربع زوجات وبالزواج المؤقت متى نشاء فهذه شريعتنا، بامكانهم أن يشكوا على الشريعة ان كانوا من الخارج لكن استعمال مفرد لقيط غير مسموح، وزواجنا عكس زواجهم لكننا لا نقول انه غير شرعي وأن أبناءهم غير شرعيين لأنهم لا يتطابقون مع شريعتنا”.
وتساءل “بين الشيعة والسنة عقد مختلف لكن هل بامكانهم القول عن عقدنا انه باطل وكل ما ينتج عنا باطل أو العكس صحيح؟”، مشيراً الى “أننا لم نعتد كبشر أو كمذاهب أن نعيّب على الآخرين، ولو كان لقيومجيان صديق شيعي أو سني أو أي آخر مختلف لكان في كل فترة سيحاوره بصورة متواصلة ولكان تجنب الوقوع في هذه الأخطاء، وكذلك الأمر لدى السني والشيعي. اذاً الحوار بيننا دائماً يحصننا لعدم الوقوع في مثل هذه الأخطاء ويبعدنا عن الجهل”.
جواد: زواج شرعي والولد شرعي
أما الشيخ علي جواد فأكد أن “موضوع العقد المنقطع هو عقد شرعي وزواج شرعي مماثل للزواج الدائم، كلاهما لديهما شروط يجب أن تتحقق ونستشهد بالآية القرآنية ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾، وزواج المتعة عقد شرعي ومن شروطه أن تكون المرأة مطلقة أو أرملة راشدة لها عقل وأن تقبل بإرادتها، وبالتالي الطفل الناتج عن عقد توافرت فيه الشروط الشرعية هو طفل شرعي ومسجل ولا أحد يخجل به شرعاً، يحق له الارث من والده ويتمتع بكل حقوق الولد الشرعي”، موضحاً أنه “في حال كان العقد منقطعاً المرأة لا ترث من الزوج، لها حقوق وعليها واجبات من دون حقوق الزواج الدائم وواجباته، ويكونان متفاهمين عليهما”.
يتضح من كل هذا أن زواج المتعة مشرّع لدى الطائفة الشيعية وليس بزنا كما يجري تداوله، ويبدو أن الوزير قيوميجان وقع في فخ عدم الدقة في نقل المعلومة، معتبراً أن الولد الناتج عن زواج المتعة غير شرعي ويماثل اللقيط، وفي المقابل صحّح له الفقه الديني والشيعي هذا الخطأ الذي نقله، وربما كان الحوار مع كل الديانات والطوائف أساساً لإخراجنا من هذه الأخطاء الجسيمة التي تسجل علينا.
ابة المصري- لبنان الكبير