تونس تكرم مطربتها ذكرى في الذكرى العشرين لرحيلها !

ستنظم تونس في السابع من مارس الجاري الدورة الحادية والعشرين لمهرجان الأغنية الذي سيتواصل على امتداد خمسة أيام ليشكل حدثا ثقافيا مهما مع بداية فصل الربيع، وإضافة متميزة إلى الساحة الفنية لاسيما في ظل ما أدخل عليه من عمليات تجديد وتطوير وتكثيف للبرامج والفقرات والأهداف. وستشهد سهرة افتتاح هذه الدورة تكريم الفنانة الراحلة ذكرى محمد (1966 – 2003) بمناسبة الذكرى العشرين لوفاتها، واستذكارا لبداية تجربتها الفنية التي تزامنت مع انطلاق المهرجان في بدايات ثمانينات القرن الماضي.

كانت ذكرى قد شاركت سنة 1980 في برنامج المسابقات التلفزيوني “بين المعاهد” بأغنية “اسأل عليا” لليلى مراد وهي نفس الأغنية التي شاركت بها بعد ذلك في برنامج الهواة “فن ومواهب” وفازت بالجائزة الكبرى في النهائي يوم 23 يوليو 1983 بأداء مبهر ورائع لأغنية “الرضا والنور” لأم كلثوم.

بعد أشهر قليلة سجّلت ذكرى أول أغنية لها لحنها الفنان الراحل عزالدين العياشي خصيصاً لها وهي “يا هوايا”، ثم تعرفت على الملحن عبدالرحمن العيادي الذي لحّن معظم أغانيها فيما بعد من كلمات الشاعر الراحل حسونة قسومة وأبرزها “لمن يا هوى ستكون حياتي” و”حبيبي طمن فؤادي” و”إلى حضن أمي يحن فؤادي” و”ودعت روحي معاه من يوم ما ودعني”.

وقد واجهت ذكرى في بلادها الكثير من الخيبات التي ساهمت في صقل شخصيتها وفي الدفع بها إلى تحدي الظروف وتكريس جهودها للأغنية الليبية ولاسيما البدوية منها بعد أن نجح الملحنون الليبيون في اكتشاف مميزات صوتها وأهم زوايا الإبداع والجمال في حنجرتها، لكن رغبتها في الانتشار الواسع على الصعيد العربي جعلتها تتجه إلى القاهرة حيث التقت بالموسيقار هاني مهنا الذي أنتج لها ألبومين وهما “وحياتي عندك” عام 1995 و”أسهر مع سيرتك” في سنة 1996. وفي عام 1997 صدر لها ألبوم من إنتاج ميجا ستار يحمل اسم “الأسامي”، وفي سنة 2000 أصدرت ألبوم “يانا” من إنتاج فنون الجزيرة.

أما آخر ألبوم صدر لها باللهجة المصرية فكان سنة 2003 بعنوان “يوم ليك ويوم عليك” الذي سبق موعد صدوره وفاتها بثلاث أيام فقط، فيما كانت قبل أسبوع من رحيلها في طرابلس حيث سجلت آخر أغانيها الليبية وهي “صبي عيني”، كلمات عمر رمضان وألحان ناصف محمود.

كما تألقت ذكرى في الغناء باللهجة الخليجية بمختلف تفرعاتها، وتم اعتبارها من قبل الكثير من النقاد أفضل صوت عربي غنى اللون الخليجي، وجرى اختيارها في مناسبات عدة كأفضل مطربة خليجية، رغم أنها تونسية الأصل، ولاسيما أن كبار الفنانين الخليجيين تدافعوا لتسجيل ثنائيات معها ومن بينهم صوت الأرض طلال مداح في “ابتعد عني” وعملاق الغناء الحضرمي أبوبكر سالم في “يا مشغل التفكير” وفنان العرب محمد عبده في “حلمنا الوردي” ونجم الأغنية الكويتية عبدالله رويشد في “ما فقدتك” وغيرهم.

صدر لذكرى العديد من الألبومات الخليجية منها: “التلاقي” عام 1997، “ذكرى 1” عام 1998، “ذكرى 2” عام 2002، “ذكرى 3” عام 2003، “وش مصيري” عام 2003، “أغان أعجبتني” عام 2004، “وتبقى ذكرى” عام 2004. ومن أبرز ما تضمنته تلك الألبومات أغاني «ياللي ملكت الروح» و”إلين اليوم” و”فزيت” و”ما فيني شي”، و”وش أخباري” و”وينك أنت” و”الأسمرانية”.

وينتظر أن تشهد سهرة تكريم ذكرى تقديم نماذج من إنتاجاتها التونسية والليبية والمصرية والخليجية فيما يمكن التأكيد على أن الفنانة الراحلة منذ عشرين عاما مازالت لم تُكتشف بعد بالشكل الذي تستحقه مسارات تجربتها، خصوصا وأن اللون المصري هو الذي طغى على بقية الألوان التي أدتها، كما أن اللون الليبي بقي مهمشا بسبب عدم وجود مؤسسة إنتاج قادرة على جمع شتاته.

وكلفت إدارة مهرجان الأغنية الفنان الملحن عبدالرحمن العيادي بقيادة الفرقة الموسيقية في ليلة تكريم ذكرى، ودعت مجموعة من الفنانين التونسيين والعرب إلى المشاركة فيها وهم صابر الرباعي ومحمد الجبالي ويسرى محنوش وصفا سعد وغازي العيادي وملكة الشارني ونوال غشام وآية دغنوج وآمنة دمق وألفة بن رمضان من تونس، وهاني شاكر ومحمد الحلو وإيهاب توفيق من مصر، ونيكولا سعادة وسعد رمضان من لبنان وشاب جيلاني وخالد الزواوي من ليبيا.

وأكد المدير الفني للمهرجان عادل بندقة لـ”العرب” أن الهيئة المديرة حرصت على إحياء ذكرى المطربة ذكرى محمد التي كانت من أبرز الأصوات التي رافقت بدايات المهرجان في ثمانينات القرن الماضي، وتتزامن هذه الدورة مع مرور 20 عاما على رحيلها، وهي التي تركت وراءها إرثا غنائيا ثريا وخالدا سواء في تونس أو في المنطقة العربية رغم أن مسيرتها لم تتجاوز العشرين عاما تقريبا.

وأشار بندقة إلى أن تكريم من خدموا الأغنية والثقافة التونسية عموما يعتبر إعادة اكتشاف لهم من خلال لفت الانتباه إلى خصوصيات تجاربهم ومساراتها، لاسيما في تجربة ذكرى التي تتميز بالثراء والتنوع والشمولية.

العرب

مقالات ذات صلة