جهاز أمن الدولة: من يحرس الحرس؟
كشفت مصادر لبنانية عن ضبط عمليات سرقة داخل جهاز أمن الدولة شملت أسلحة وذخائر و”شفط” كميات كبيرة من البنزين من الآليات العسكرية وفقدان “ديبوات” البيئة من السيارات العسكرية لبيعها في السوق السوداء. ورغم ذلك لم تعمد قيادة المديرية إلى فتح أي تحقيقٍ في الأمر.
وتتحدث المصادر عن سرقة 6 بنادق أميرية و30 ألف رصاصة تم اكتشافها قبل أسابيع أثناء استخراج صناديق ذخيرة من مخزن السلاح التابع للمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا. إذ تبيّن فقدان 20 ألف طلقة خاصة ببندقية p90 وعشرة آلاف طلقة لبنادق M4. وبعد التدقيق، تبيّن أيضاً سرقة ثلاث بنادق من نوع Beretta وثلاث أخرى من نوع p90. ورغم أن قيمة المفقودات تُقدّر بآلاف الدولارات، لم يُحل الأمر إلى القضاء العسكري من أجل فتح تحقيق عدلي لتحديد المتورطين والمقصّرين.
وبحسب المعلومات “اكتفت المديرية بتحقيق مسلكي داخلي تولاه النقيب خليل عون، مسؤول المواكبة لدى المدير العام، من دون أن يُفتح تحقيق قضائي، ومن دون التوصّل إلى تحديد الفاعل أو استعادة القطع والذخائر المسروقة. واكتُفي بتوقيف ثلاثة عناصر لم يعترف أي منهم بتورطه في السرقة، وتشكيل عدد من العناصر على الوحدات. إلا أن التحقيقات بيّنت أنّ مفاتيح المخزن موجودة على الطاولة أمام بابه الرئيسي بشكل دائم وبإمكان أيّ شخص الوصول إليها، كما تبيّن عدم وجود كاميرات مراقبة على مداخل المخزن أو داخله”.
وبحسب مصادر داخل الجهاز، فإن “البنزين المخصص للآليات العسكرية المفتوح ينتهي في سيارات بعض العناصر، فيما هناك نحو 10 آلاف ‘بون’ (20 لتراً) بنزين تطبع شهرياً يوزّع نصفها على الضباط والمخصصات، فيما لا يُعرف مصير الكمية المتبقية. وتؤكد المصادر أنّ هناك ضباطاً متقاعدين من الجهاز لا تزال في عهدتهم سيارات عسكرية مع رصيد بنزين مفتوح”.
والاثنين أعلن وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية زياد المكاري تعرض أرشيف الوكالة الوطنية للإعلام (وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية) لسرقة الخادم الذي يضم صور كل المناسبات منذ سنة 1961، إضافة إلى سرقة خمسة أجهزة كمبيوتر من غرفة الأرشيف.
وأضاف أن الموظفين فوجئوا بأن باب الغرفة كان مفتوحا بالكسر والخلع والمحتويات مسروقة، موضحا أنه تم الاتصال بالقضاء المختص وبالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وبوشرت التحقيقات والتحريات.
وذكر أن السرقة شملت جزءا بسيطا من المجموعة الكاملة لأرشيف الصور، مشددا على أن قاعدة معلوماته لا تزال محفوظة في الوزارة ولم تفقد، ورأى أن تداعيات عملية السرقة معنوية ومادية معا.
واعتبر المكاري أن ما حدث يشكل جريمة بحجم الوطن، مشددا على أنه لن يألو جهدا في مساعدة المعنيين لكشف الحقيقة كاملة حتى ينال الفاعل عقابه.
ومقر الوكالة الوطنية للإعلام يقع في نفس المبنى الذي يضم وزارتي الإعلام والسياحة وبجوار مبنى وزارة الداخلية والبلديات بالعاصمة بيروت.
ويشهد لبنان ارتفاعاً كبيراً في حوادث السرقة المسجلة في مختلف مناطقه ومدنه، لتتحول إلى ظاهرة عامة بدأت تترك آثارها الواضحة على حياة اللبنانيين اليومية وأمنهم الاجتماعي، لاسيما في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد على وقع الأزمة الاقتصادية الأكبر في تاريخها.
ويؤكد الباحث محمد شمس الدين أن هذا الارتفاع هو النتيجة المتوقعة والطبيعية للأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، إضافة إلى الارتفاع الكبير في نسبة العاطلين عن العمل مقابل الارتفاع الموازٍي في تكاليف الحياة. ويأتي ذلك في وقت يعيش فيه أكثر من نصف سكان البلاد تحت خط الفقر.
وتلفت مصادر إلى أن انعكاس الأزمة الاقتصادية على الأجهزة الأمنية وأدائها ليس سراً يفشى.
وانخفضت محفزات العناصر والضباط بعدما تراجعت قيمة رواتبهم ومخصصاتهم بشكل هائل، أضف إلى كل ذلك الاستنزاف الذي تعيشه كافة القطاعات الأمنية والعسكرية بسبب الوضع الأمني الذي بدأ ينفلت أكثر فأكثر في الشارع، ومع ذلك فإنها تعمل بقدراتها القصوى ومازالت مسيطرة على الحالة الأمنية العامة في البلاد وتقوم بواجباتها.
ويزداد الوضع الاقتصادي سوءا في لبنان، حيث ضاقت سبل العيش بكثيرين. وخلال أسبوعين فقط، تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق السوداء من 60 ألفا مقابل الدولار إلى أكثر من 80 ألفا الأسبوع الماضي.
وانعكس ذلك ارتفاعا في أسعار المحروقات والمواد الغذائية، فيما توقفت عدة متاجر عن تسعير بضائعها.
وقد قارب سعر صفيحة البنزين (20 لترا) مليونا وأربع مئة ألف ليرة (حوالي 19 دولارا)، أي ما يعادل قرابة ثلث راتب جندي، في بلد بات فيه 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
وانهارت الخدمات العامة. ويمكن للأسر، من دون استئجار مولد خاص، أن تتوقع فقط ساعة أو نحو ذلك من الكهرباء في اليوم. وساهم نقص مياه الشرب في تفشي الأمراض، بما في ذلك حالات الكوليرا الأولى منذ عقود.
ومن المتوقع أن يزداد الضغط المعيشي على سكان البلاد نتيجة حزمة الضرائب التي تستعد السلطات لإقرارها، إذ بدأت من رفع تعرفة الاتصالات الخلوية، وستمتد إلى قطاع الكهرباء الذي لا يؤمن أكثر من تغذية ساعتين في اليوم، كما من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع والمواد الغذائية والبضائع المستوردة ما بين 20 و50 في المئة خلال الأشهر المقبلة.
العرب