مؤشرات خطرة لانقسام سياسي كبير…وتعطيل عام!
حاول عدد من النواب التخفيف من وطأة ما حصل في مجلس النواب، لكن الحقيقة الأكيدة ان ما جرى على هامش جلسة اللجان المشتركة لم يكن عاديا، وان كان لم يخرج عن المشهد السياسي العام المتأزم في البلاد.
جلسة اللجان حملت مؤشرات خطرة، اذ عكست الانقسام المسيحي – الإسلامي، والفرز الطائفي في الملف الرئاسي المعقد، وحول موضوع الجلسات الملحة والضرورية.
وتؤكد مصادر سياسية في هذا المجال، ان المسألة ليست فقط اعتراضا من نواب تكتل “لبنان القوي” على مناقشة مشاريع قوانين بسبب عدم دستوريتها وتضامن نواب “الجمهورية القوية” و”الكتائب” معهم، بقدر ما هو اختلاف سياسي بفرز طائفي رهيب، ونكد سياسي عميق أطاح جلسة اللجان النيابية المشتركة، وسيؤدي الى تعطيل كامل لأي جلسة في المستقبل.
فالمواقف في جلسة يوم الثلاثاء تعدت الخطوط الحمراء الموضوعة في العمل السياسي، فارتفعت وتيرة السجالات والمداخلات تحت عنوان اتهام النائب جبران باسيل الحكومة بالتزوير في تواقيع المراسيم، بتناغم واضح مع نواب “القوات” لجهة الصلاحيات الدستورية في مرحلة الشغور الرئاسي.
وفق المصادر، فان أزمة الشغور عكست الانقسام الحاد بين النواب المسيحيين، الذين اصطفوا في جبهة الدفاع عن صلاحيات رئاسة الجمهورية، رافضين شطب توقيع رئيس الجمهورية على المراسيم واستفراد رئيس حكومة تصريف الاعمال بالتوقيع، والمدافعين عن ضرورة تسيير أمور الناس الحياتية وحق ميقاتي في التوقيع.
هذا الانقسام السياسي، كما تقول المصادر، من الصعب ان يبقى تحت السيطرة وسوف يتفاقم مع الوقت مع عدم القدرة على ضبطه، ومن الواضح ان الفريق المسيحي الذي توحد فجأة مؤخرا، يتطلع لإجراء الانتخابات الرئاسية أولا، ويتجه الى ربط تعطيل الجلسات بتعطيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، على قاعدة “لا تشريع ولا حكومة في فترة الشغور”.
يؤكد المعترضون على أداء الكتل المسيحية، ان البلاد تمر بأزمات اقتصادية واجتماعية تحتاج الى حلول، بدل قلب الطاولة والتلهي بمسألة الشغور، خصوصا ان التعطيل يتحمل وزره المسيحيون بسبب خلافات القيادات المارونية حول الاستحقاق الرئاسي، الأمر الذي أدى الى تطيير الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري، كما لم تنجح فكرة بكركي وطروحاتها لعقد لقاء للنواب الـ٦٤ في الصرح.
ما جرى في جلسة اللجان المشتركة يدل على المنحى الخطر، وانزلاق البلاد نحو الأسوأ، وعكس مخاطر اهتزاز تفاهم التيار الوطني الحر وحزب الله الذي كان قادرا دائما على ضبط الوضع، وأخطر ما فيه أنه يأتي متناغما مع الأصوات الداعية الى اللامركزية الإدارية، على خلفية انعدام التفاهم بين الشركاء في الوطن وانهيار التفاهمات السياسية، فالفريق المسيحي بات ميالا الى طروحات المركزية لتأمين العدالة الإجتماعية والمالية، في ظل الفراغ في الكرسي الرئاسي، وتوافق الأفرقاء السياسيين في المقلب الآخر الى تسيير أمور البلاد وتشريع الضرورة.
ابتسام شديد- الديار