هستيريا الاقتتال المسيحي: المهم هل كرسي الرئاسة “قواتية أو عونية”… وليذهب الشعب إلى الجحيم؟

لا ينقص البلد إلا المزيد من التعطيل، وكأنه لا يكفي أن تكون مؤسسات الدولة كلها في حالة شلل بسبب الأزمة الاقتصادية، والمؤسسة القضائية سيطرت عليها الخلافات والانشقاقات، لدرجة يتوقع أن تحتاج إلى سنوات لعودتها إلى مسارها الطبيعي، ولم يبق إلا مؤسستين تعملان، قوى الأمن ومجلس النواب، ويبدو أن “التيار الوطني الحر” يحاول أن يضربهما، فبعد هجوم رئيسه جبران باسيل على الجيش منذ فترة، وكذلك تعطيله النصاب لأي جلسة للهيئة العامة لمجلس النواب، عطل جلسة اللجان المشتركة أول من أمس، ولقي هذه المرة إسناداً من “القوات اللبنانية” وبعض القوى المسيحية الأخرى، فهل المطلوب أن يُعطل البلد من أجل رئاسة الجمهورية؟ ألا يؤدي هذا الأمر إلى مزيد من الانهيار؟

“الثنائي المسيحي يريد للبلد أن ينهار” هكذا علق مصدر سياسي مواكب لما حصل في جلسة اللجان الثلاثاء، وقال: “بعد كل ما جرى أصبح بإمكاننا اتهام التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بأنهما يسعيان الى انهيار البلد، علهما يستفيدان من هذا الانهيار، فربما يظن سمير جعجع أنه في حال انهار البلد قد يصل إلى سدة الرئاسة، أو لعل الانهيار يضعف حزب الله، أما جبران باسيل فأصبح معلوماً للقاصي والداني أنه يحاول ابتزاز حزب الله، ولا يهمه إن انهار البلد، المهم أن يرضخ الحزب لصالحه، بل انه يكرر تجربة عمه يوم أعلن تمرده على اتفاق اللبنانيين عام 1989، ويعتمد نهج (أنا ومن بعدي الطوفان).”

وأشار المصدر الى أن “جبران يناقض نفسه في الخطاب نفسه، من جهة يقول إن الحكومة غير ميثاقية وغير دستورية، ومن جهة أخرى يتهم الرئيس (نجيب) ميقاتي بأنه لا يقوم بواجباته، وهو يستدرج الجنون في البلد، ويجر معه التيارات المسيحية الأخرى، التي ما إن يبدأ باسيل بالمزايدة، حتى تبدأ هي بالمزايدة والتشدد أكثر، حالة من الهستيريا والجنون والتنافس الشعبوي على الشارع المسيحي غير مسبوقة في تاريخ لبنان، ولا أحد يفتش عن رئاسة الجمهورية ولا مصلحة الوطن، بل يفتشون عن مصالحهم الضيقة، وما يمكن أن يحققوه من مكتسبات.”

ورأى المصدر أن “الاشكال اليوم مسيحي، ولكن المسيحيين يرفضون أن يتوافقوا، ويرفضون حوار البطريركية المارونية، ويرفضون حوار الرئيس نبيه بري، ولا يريدون للحكومة أن تجتمع، ولا يقبلون التشريع في المجلس النيابي لأن هناك فراغاً في الرئاسة، وإذا اتجه المسلمون الى تسمية رئيس تبدأ معزوفة الميثاقية”، متسائلاً: “كيف يمكن أن يأتي الحل؟ هل يجب تعطيل البلد حتى يقرر الثنائي المسيحي التوافق على رئيس؟ وفي حال لم يتفقا، هل تستمر لعبة التعطيل إلى ما لا نهاية؟ هذا يعني أنه في حال أنعم علينا المسيحيون، وتوصلوا إلى اتفاق حول رئيس قد لا يقبل أن يستلم سدة الرئاسة، لأنه سيكون رئيساً على أطلال بلد.”

التاريخ في لبنان يعيد نفسه مجدداً، قتال المسيحيين على السلطة نتج عنه دمار شامل للبلد في فترة الثمانينيات، والمصيبة الأكبر أن الأسماء لم تتغير حتى، فلا يزال خلاف التقاتل على السلطة بين “القوات” و”التيار”، بل لا يزال رئيس حزب “القوات” هو نفسه سمير جعجع، أما “التيار” فان ميشال عون كان خاض المعركة لو أن عمره يسمح بذلك، ولكنه أوكل المهمة إلى ولي عهده وصهره، وفي نهاية المطاف يختلف الثنائي المسيحي على الرئاسة، ولكن يتوافق على تعطيل البلد، أما الشعب، فعليه أن يعرف أن كرسي رئاسة الجمهورية أهم منه، ولا يهم إن مات أو مرض، أو جاع أو عطش، المهم أن كرسي الرئاسة قواتية أو عونية، وليذهب الشعب إلى الجحيم.

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة