سقطت كل محاولات برّي: ما خُفي من كلام شيا في عين التينة… ظهر في بكركي ومعراب!
إنشغلت الأوساط السياسية اللبنانية بما تمّ تسريبه من عين التينة خلال «التمشاية» الشهيرة بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا والتي أكّدت خلالها السفيرة لبري أن بلادها لا تضع «فيتو» على انتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، ما فسّره البعض تبدلاً في الموقف الأميركي أو ظهور علامات رضى أميركي من عين التينة على انتخاب فرنجية.
يُعتبر برّي من السياسيين اللبنانيين الأكثر حنكةً، فهو الذي يُدوّر الزوايا ولا يقطع «شعرة معاوية» مع أحد وخصوصاً الإدارة الأميركية، وقد نجا من العقوبات الأميركية التي وضعت على حليف حليفه السابق «التيار الوطني الحرّ» رغم أنها طالت معاونه السياسي النائب علي حسن خليل.
وترك ما تمّ تسريبه من غرفة عمليات عين التينة أثره طوال الفترة الماضية وقد تعزّزت الشكوك بعد عدم صدور بيان نفي من السفارة الأميركية، لكن من يُدقّق في الكلام الأميركي يكتشف أنه تمّ إجتزاؤه كمن يقول «لا إله» ولا يكمل بعبارة إلا الله.
لكن كل الغموض الذي تركته «تمشاية» عين التينة أوضحته السفيرة الأميركية خلال زيارتها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع واللقاء الذي جمعها مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، حيث تمّ التأكيد على عدم تسليم واشنطن إدارة لبنان إلى المحور الإيراني وعدم إبرام اي تسوية أو صفقة على حساب القضية اللبنانية، مع تقدير شيا لمواقف البطريرك الراعي الإنقاذية ودعمه في معركة تثبيت أسس الدولة والمساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك الثناء على مواقف جعجع الوطنية والسيادية والتي ترفض التنازل عن إستقلال لبنان. وتؤكّد معلومات «نداء الوطن» أنّ مواقف واشنطن التي شدّدت عليها شيا خلال جولتها ينطلق من مبدأ أساسي، هو ماذا تريد واشنطن من لبنان؟
ويُفهم من الدبلوماسية الأميركية عدم رغبتها بتطبيق القرارين 1559 و1701 بالقوة لذلك يصرّ الأميركيّون على حفظ إستقرار لبنان ويعتبرون أنّ الوجه الأساسي للإستقرار هو مالي بامتياز، ولا يتأمن إلّا من خلال عودة المملكة العربية السعودية للعب دورها في لبنان نظراً لتدفق المساعدات المالية منها، وفتح باب الخليج المالي المغلق هو بيد الرياض. وتعتبر واشنطن عدم تأمين الإستقرار المالي للبنان سيؤدّي إلى الإنهيار التام وهذا ما لا ترغب به وتعمل من أجل تجنّب هذا السيناريو الكارثي.
ترغب واشنطن في ترك لبنان على نار هادئة، فانشغالاتها العالمية كثيرة، وتتمنى القيام بانتقال لبناني للسلطة شرط أن يؤدي هذا الإنتقال إلى ترسيخ الإستقرار لا ذهاب البلاد إلى الفوضى العارمة وخلق مشاكل جديدة.
ومن هذه الزاوية تؤكد واشنطن أنّ شرطها الأساسي موافقة السعودية على أي رئيس مقبل، وبالتالي ترمي واشنطن كرة النار الرئاسية في ملعب الرياض لتأمين الاستقرار المالي. من هنا يظهر بوضوح موقف المملكة الذي يؤدّي إلى إخراج فرنجية من السباق الرئاسي لأنها تعارض إنتخاب رئيس من محور «حزب الله» و»الممانعة».
وتتمنى واشنطن أيضاً انتخاب رئيس يستطيع التواصل مع العالم الخارجي وتعتبر أي رئيس من صفوف 8 آذار غير قادر على التواصل مع القوى الداخلية ولا مع أميركا والمجتمع الدولي والرياض. وبات موقف واشنطن واضحاً بالنسبة لضرورة تواصل لبنان مع صندوق النقد الدولي لحلّ أزمته الإقتصادية، وبالتالي تعتبر أي رئيس من صفوف «الممانعة» لا يمكنه التواصل مع الصندوق، لذلك تُصرّ واشنطن على انتخاب رئيس إصلاحي وسيادي وبعيد عن الفريق الآخر وغير ملتصق وملحق به.
إذاً، سقطت كل محاولات برّي في التسويق بوجود رضى أميركي على إنتخاب فرنجية، فالسفيرة الأميركية أوحت بعدم ممانعة بلادها إنتخاب فرنجية شرط وجود موافقة سعودية على هذا الإنتخاب، وبالتالي لو فعلاً لا تمانع الرياض وواشنطن في إنتخاب فرنجية وسط تأييد «الثنائي الشيعي» له، فلماذا لم يُنتخب بعد؟
الان سركيس- نداء الوطن