الكشري لم يعد طبق الفقراء في مصر: من يقدر على تكلفته؟

قفزت أسعار وجبة الكشري في مصر بنسبة 59 في المئة خلال ديسمبر الماضي، وسط ارتفاعات حادة في أسعار المواد الداخلة في صناعة أشهر طبق في مصر.

وقالت وكالة بلومبيرغ للأنباء إن مؤشر الكشري أظهر ارتفاعا بنسبة 59 في المئة خلال ديسمبر على أساس سنوي، أي ثلاثة أضعاف معدل التضخم في مصر البالغ 21.3 في المئة.

وأوردت أن مكونات الكشري ارتفعت أسعارها بحدة خلال الفترة الماضية، مع صعود سعر العدس بنسبة 66.5 في المئة والأرز بنسبة 89 في المئة والطماطم بنسبة 83 في المئة. كذلك طرأ ارتفاع على أسعار المعكرونة بنسبة 75 في المئة والبصل بنسبة 27.5 في المئة والزيت بنسبة 47 في المئة والثوم بنسبة 36.5 في المئة.

والكشري، الخالي من الكربوهيدرات واللحوم، لازم موائد المصريين خاصة الفقراء خلال العقود الماضية، بفضل انخفاض سعر مكوناته.

ويتألف طبق الكشري بشكل أساسي من الأرز المسلوق والمعكرونة والعدس، والبصل المقلي وصلصة الطماطم والثوم مع رشة من الخل.

والطبق المصري المميّز، الذي تعتمد عليه جميع طبقات الشعب المصري وتجده على عربات الشوارع ومنافذ الوجبات السريعة وحتى في المحالات الفاخرة، تعتبر كلفته الباهظة إحدى نتائج الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتعدّ مصر مشتريا رئيسيا للقمح والسلع الأخرى، وتضررت من ارتفاع كلفة الواردات خلال العام الماضي. وتسبب تخفيض قيمة العملة المحلية أكثر من مرة لمعالجة أزمة نقص العملات الأجنبية في ارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية أكثر من أي وقت مضى.

وتعترف الحكومة بحجم الأزمة والحد الذي يمكن أن يتحمله المواطن المصري. وأكدت تصريحات رسمية أن حل أزمة ارتفاع الأسعار هو أولوية قصوى حاليا، خاصة أنه في مصر عادة ما ينفق أصحاب الدخل المنخفض على الطعام نسبا أكبر من دخولهم مقارنة ببقية الشرائح الاجتماعية.

وعلى الرغم من أن هذه الأكلة ترتبط بوجدان المصريين، فإنها تحولت إلى وجبة مفضلة للعديد من الأجانب في أوروبا والخليج.

ويزداد الجدل حول أصل الطبق الشعبي الأشهر في مصر، وتقول مصادر تاريخية إن المصريين لم يبتكروا هذه الأكلة، فهم لم يعرفوها إلا عند اندلاع الحرب العالمية الأولى بعد مجيء الجنود الهنود مع القوات البريطانية التي أعلنت فرض الحماية على مصر عام 1914، وكانوا يطلقون على هذا الطبق حينها “كوتشري”.

ونتيجة لاختلاط المصريين بالجنود الهنود من خلال عمليات البيع والشراء عرف المصريون هذه الوجبة وبدأت تنتشر في أحياء القاهرة، التي كانت تسكنها إلى جانب المصريين أقليات إيطالية أحبت الأكلة وأضافت إليها المعكرونة التي يعشقها الإيطاليون، وللمرة الثانية أحب المصريون تلك الإضافة، إلا أنهم قرروا أن يضيفوا إلى هذه الوجبة شيئاً من إبداعهم، فكانت الصلصة الحمراء الحارة والدقة التي تتكون من مزيج من الثوم المهروس والخل والشطة الحمراء، كما أضافوا إليها البصل المحمر الذي قاموا برشه على وجه طبق الكشري، إلى جانب الحمص.

وقد يكون أول من ذكر الكشري في التاريخ المدون هو ابن بطوطة (توفي 1377) في “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، ففي وصف الهند قال عنه “يطبخون المنج مع الأرز ويأكلونه بالسمن ويسمونه كشري (بالكاف والشين المعجم والراء) وعليه في كل يوم وكلمة كشري مشتقة من اللغة السنسكريتية وتعني أرز مع أشياء أخرى”.

وهناك مقولة أخرى تفيد بأن الكشري أكلة مصرية، مثلما ورد في كتاب “الجيبتانا: أسفار التكوين المصرية” الذي يحوي النصوص الدينية لمصر القديمة.

ويختلف الكشري من بلد إلى آخر، فالكشري المصري الذي تعده المطاعم أو المنازل عبارة عن أرز ومعكرونة وشعيرية وعدس، يتم سلقها كل على حدة، كما يجب نقع الحمص قبل الطهي بخمس ساعات، ثم ترص في أطباق وتضاف إليها الصلصة والتقلية ويقدم كطبق رئيسي ليس معه شيء.

أما الكشري الإسكندراني فيختلف عن الكشري العادي في باقي المحافظات، حيث يتم وضع العدس الأصفر بدلاً من العدس الأسود ليختلف شكله عن الكشري العادي، ويصبح لونه أصفر ولا تضاف إليه الصلصة.

العرب

مقالات ذات صلة