بعد هذه الشيطنة المدروسة: أسئلة على هامش جريمة عكار!
عندما يتمّ التركيز على شخصيات عامة وإعلاميين في الأوساط القريبة من الممانعة، يكون الاستنتاج التلقائي، أنّ الكثير من القراءة المعمّقة يجب أن تُمارس، فالشواهد على هذا النوع من التحذيرات كثيرة.
سبق أن شهد العام 2005، وما قبله، أحداثاً كثيرة. جبران تويني تمّ إلباسه قبعة حاخام اسرائيلي. رفيق الحريري لوحق إعلامياً بتهمة التآمر على المقاومة، عبر صناعة القرار 1559. مروان حمادة تمّ تخوينه. سمير قصير لوحق حتى اغتيل. وسام الحسن اتُهم بدعم الثورة السورية. أشرف ريفي اتهم بالداعشية.
لقد صدرت موجة التخوين بحق مجموعة من الناس لم يقم معظمها بما اتهمته به الممانعة. كان ردّ الفعل الأول على اختفاء الشيخ أحمد الرفاعي، وقبل اكتشاف الجريمة ومرتكبيها، ردّ فعل عاقلاً، لم يتجاوز الدعوة إلى الهدوء وانتظار التحقيق، وبعض من ذهب إلى اتهام جهاز أمني، فعل ذلك لأنّ أحد الجناة ينتمي إلى هذا الجهاز، لكن معظم السياسيين ورجال الدين بقوا حتى اكتشاف الجريمة، في موقع الانتظار ولم يصدر عنهم ما يدل على أنّهم حرّضوا على فتنة، كما ادعى بعض مسؤولي «حزب الله».
اذاً لماذا يتصدّر «الحزب» حملة اتهام الآخرين بالفتنة، وهو الذي تعمد البقاء بعيداً حتى الأمس القريب، تجنباً للدخول في متاهات متعبة؟ لماذا تصدّر «الحزب» حملة ردود الفعل، على فعل لم يحصل، أو بالكاد حصل منه ما لا يكفي لشن حملة مضادة؟
يبدو أنّ المسلّة تحت إبط «حزب الله» وسراياه المنتشرة في كل لبنان، قد نكزته، فأراد أن يتبرأ مما حصل، وهو ليس بالضرورة مسؤولاً عن قرار القتل، لكنه بالتأكيد كان يغطي المجموعة التي نفّذت الجريمة بغطاء سرايا المقاومة، وبتوزيع المازوت الإيراني، وبترسانة السلاح التي وجدت عند المنفّذين، ما يعطي المؤشر على أنهم محميون قضائياً وأمنياً، خصوصاً انه سبق لهم أن هددوا وأحرقوا من دون أن يتجرأ جهاز أمني على ملاحقتهم، وكانت النتيجة المفجعة أن خططوا للجريمة بدم بارد، ونفّذوها غير عابئين بالقضاء أو بالأمن.
عندما تستكبر مجموعة من الناس على القانون، وعندما تتجاوز كل الأعراف وتتصرف كأنها الملك في الغابة، تكون الحماية ويكون الغطاء الذي قدم لها شريكين في المسؤولية عن أي فعل تقوم به، لا سيما إذا نفذ هذا الفعل بدم بارد، وبقصد التصفية الجسدية. هذه المعادلة تنطبق على قتلة الشيخ أحد الرفاعي، الذين ذهبوا إلى الجريمة بأعصاب فولاذية، وهم متأكدون أنّ لا عقاب سيطولهم.
أمّا «حزب الله» الذي شنّ حملة التخوين الجديدة، فهو وجد أنّ حصول الجريمة داخل البيت الواحد يسقط الطابع السياسي عنها، ويتيح الفرصة لرشق خصومه بتهمة الفتنة، لكن ما فاته أنّ مشهد 7 ايار لم يختف بعد، وأنّ كل ما حصل منذ العام 2005 إلى اليوم ما زال في الأذهان، لكن السؤال الأخطر: ماذا ينتظر لبنان، بعد هذه الشيطنة المدروسة؟
اسعد بشاره- نداء الوطن