سيناريو تطيير التمديد من عين التينة الى السراي: من قرر التخلي عن اللواء عباس ابراهيم؟

الخميس في الثاني من اذار، يطوي اللواء عباس ابراهيم صفحات مشرقة من تاريخ الامن العام اللبناني خطت مسيرة 14 عاما من النجاحات لرجل استثنائي، حيث نجح “الوسيط النزيه” في أن يشكل على مدى سنوات طوال، صلة وصل بين لبنان والدول الخليجية كما الاوروبية والاميركية حيث حمل أصعب وأدق الملفات وكان يعود منها في كل مرة منتصرا ولكن غير مزهوّ بانتصاراته بل مخططا بديبلوماسيته المعهودة للملف التالي.

على مدى 14 عاما، لم يترك ابراهيم في الامن العام الا الصيت الجميل والديبلوماسية اللبقة والهدوء الرصين، يتحدث عنه العاملون معه بانه “الرجل الذي يعمل في الظل” بلا عراضات اعلامية والهدف واحد: خدمة الوطن وتغليب المصلحة العليا على المصالح الضيقة.

نجح الرجل في جمع “المحارب والأمني والديبلوماسي” بشخصية واحدة اعطته من القوة الناعمة ما يكفي لحل الغاز أصعب الملفات، لكن المعنيين في لبنان نجحوا في ايجاد كل الحلول القانوني منها وغير القانوني، المخالف للدستور او المطابق له، بفتاوى او بلا فتاوى، لكل الملفات، الا للتمديد للواء عباس ابراهيم! فمن طيّر التمديد ومن قرر التخلي عن الشخصية التي سطرت انجازات على امتداد الوطن؟

اي عاقل ومتابع للسياسة اللبنانية يدرك تماما انه لو وُجدت النية والارادة السياسية للتمديد للواء عباس ابراهيم لما كان الحل مستعصيا سواء في السراي او في مجلس النواب تقول لـ “الديار” مصادر بارزة متابعة للملف وتتابع: واضح أن هناك من لا يريد للواء ابراهيم اكمال المهام.

وتروي المصادر عبر الديار سيناريو تطيير التمديد، فتشير الى ان الطرف الذي كان ولا يزال يحارب من اجل التمديد للواء عباس ابراهيم هو حزب الله فيما رئيس مجلس النواب لم يكن يضمر التمديد. وترى المصادر ان 4 امور طيرت التمديد: اولها تطيير الجلسة التشريعية فرمي الكرة من ملعب ساحة النجمة الى السراي، ثانيا تنصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من اخذ الامر على عاتقه ثالثا احالة الموضوع الى لجنة قانونية لم تجد الحل المناسب اضافة الى عدم إقدام وزير الداخلية بسام المولوي على اي خطوة كاستدعاء ابراهيم من الاحتياط دون موافقة ميقاتي.

وتستفيض المصادر بشرح الاسباب، فتشير الى أن الجدول الفضفاض الذي وضعه بري لجلسة تشريعية دفع بالكتل المسيحية الوازنة الى مقاطعة الجلسة، وتقول المصادر: رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي تجمعه علاقة طيبة باللواء ابراهيم كان مستعدا لحضور جلسة التشريع اذا اقتصر الجدول على بنود ملحة وابراهيم نفسه كان بهذا الجو، وهو اي باسيل اشترط فقط امرين: الاول ان يكون التمديد عموميا لكل المديرين العامين وان تضم الجلسة بنودا فقط طارئة وضرورية وملحة، الا ان بري رفض ان يشترط عليه احد جدول الاعمال فطارت الجلسة بأكملها ورمى عندئذ بري الكرة بملعب ميقاتي الذي دفع بها نحو لجنة قانونية من القضاة والخبراء عجزت بدورها عن ايجاد حل قانوني للتمديد اما وزير الداخلية بسام المولوي فلم يتجرأ على اتخاذ اي خطوة دون اخذ بركة الرئيس ميقاتي، وهذا ما لم يحصل، اذ كان بامكان المولوي ان يستدعي اللواء ابراهيم من الاحتياط لكنه لم يفعل لان ميقاتي اعتبر ان هذا الامر سيسبب له “وجعة راس” اذ انه سيفتح الباب امام تساؤلات عن سبب عدم استدعاء اللواء العرم في الجيش وكذلك مالك شمص، حتى ان موضوع التمديد للواء ابراهيم لم يطرح امس من خارج جدول اعمال مجلس الوزراء فطار التمديد بفعل فاعل بات معروفا تكمل المصادر معلقة: لو لم تأت “وشوشة ما” غامزة من قناة الرئيس ببري للرئيس ميقاتي بعدم التمديد لكان الحل وُجِد اليوم قبل غد ولكان الرئيس بري أخرج ألف أرنب لحل ما!

على اي حال بات التمديد خلف اللواء عباس ابراهيم الذي كان يرفض بحسب معلومات “الديار”، في مجالسه الخاصة أن يكون التمديد غير قانوني، مرددا انه سيغادر موقعه مرتاح الضمير.

اما بعد تنصل الجميع من الحل المطلوب فارتأى اللواء ابراهيم البقاء بعيدا عن الاعلام في هذه الفترة، وهو اكتفى تعليقا على عدم ايجاد الحل لتمديد مهمته بعبارة واحدة: “كلنا اصغر من الوطن”! علما ان الاكيد أن دور الرجل الذي تميز “بقوّته الناعمة” لم ينته، فلا بد للرجل الذي برع في الامن والسياسة ان يكون موقعه محفوظا، ولو بعد حين، سواء في الوزارة او النيابة او الرئاسة الثانية!

وبعدما باتت مغادرة اللواء ابراهيم لمنصبه حتمية تترجم خلال ايام، باتت الانظار تتجه لمن سيخلف عباس ابراهيم؟ على هذا السؤال ترد اوساط مطلعة على حركة الاتصالات الجارية بالاشارة الى انه عادة من يخلف، بالوكالة، هو الضابط الأعلى رتبة، وفي هذه الحالة فهو الضابط الماروني رمزي الرامي المرجح ان يخلف ابراهيم، ولكن المشكلة ان العرف يقتضي أن منصب المدير العام يشغله شيعيًا، لذا يُهمس في بعض المجالس عن اتجاه لوضع ضباط مسيحيين في التصرف لتولي الضابط الشيعي الأقل رتبة أي العقيد فوزي شمعون المهمة علما ان هذا الامر سيخلق جدلا واسعا ولن يكون بالامر السهل.

لكن المستغرب بحسب ما كشف مصدر بارز مطلع على حركة الاتصالات الجارية، ان المعنيين بدؤوا البحث في أكثر من سيناريو من بينها طرح تعيين أصيل، لا وكيل، ويشير المصدر الى ان الفكرة واردة من بري وميقاتي لكن عندما تمت مفاتحة حزب الله بمحاولة لجس نبضه حول عقد جلسة حكومية لتعيين بديل أصيل عن اللواء ابراهيم، بدل تعيين بالوكالة، رفض حزب الله الموضوع باعتبار ان حكومة تصريف اعمال لا يمكنها أن تعقد جلسات مخصصة لملف بحجم التعيينات لموظفي الفئة الاولى!

الديار

مقالات ذات صلة