يا سيّد حان وقت حلّ سرايا المقاومة…ذراع الحزب في الداخل والبيئة السنية!
حان الوقت يا سماحة السيّد حسن نصر الله أن تخرُج إلينا نحن اللبنانيين معارضيك ومؤيّديك بكلّ فئاتنا وأعمارنا ومناطقنا ومذاهبنا.
حان الوقت أن تخاطبنا مقرّراً معلناً: “أنا حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أعلن حلّ سرايا المقاومة على كلّ الأراضي اللبنانية وفي كلّ المحافظات والبلدات والمدن، رافعاً الغطاء عن كلّ من يحمل السلاح باسم هذه المجموعات وعن كلّ من يتلطّى خلف اسم المقاومة”.
السرايا للداخل
ما أساءت سرايا المقاومة إلى أحد بقدر ما أساءت إلى صورة المقاومة نفسها. منطق تشكيلها وتسميتها يشير دون لبس إلى أنّها قد شُكّلت دعماً للمقاومة في مواجهة اسرائيل، إلا أنّها بالممارسة كان المُراد من تشكيلها أن تكون ذراع الحزب في الداخل اللبناني، وتحديداً داخل البيئة السُنّيّة المناوئة بأكثريّتها للحزب وسلاحه.
استُعملت في 7 أيار 2008 في بيروت للتهويل على مفتي الجمهورية حينذاك الدكتور الشيخ محمد رشيد قبّاني في منزله، وعلى مبنى دار الفتوى في منطقة عائشة بكّار. في صيدا كان دورها توريط الشيخ أحمد الأسير في التسلّح والاشتباك ولا داعي لذكر كامل التفاصيل. أمّا في البقاع فشُكّلت تحت مبرّر تأمين طريق الشام فيما الحقيقة أنّ مهمّتها كانت قمع المعارضين من اللاجئين السوريين. عملت بنظام الدليفري في مخيّمات اللجوء هناك، فتعتقل هذا وتروّع ذاك، وتسلّم من يُطلب منها للاستخبارات خارج الحدود. أمّا ما حصل في عكار في الأيام القليلة الماضية فيختصر أيّ رواية وتفسير. وآخر صور هذه الحالة النافرة مثّلها يحيى الرفاعي في بلدة القرقف حين تبيّن أنّه رئيس بلدية برتبة زعيم عصابة من الأشرار والقتلة.
أخطأ الكثيرون في اتّهام الحزب بأنّه يقف خلف الجريمة. اتّهاماتهم كانت في السياسة وليس القضاء، ولم ينتظروا التحقيق. الاتّهام السياسي يا سماحة السيّد في لبنان “موضة” مارسها الجميع، ولطالما اتّهمت خصومكم بالعمالة لواشنطن وإسرائيل من دون أيّ قضاء أو تحقيق.
لم تثبت التحقيقات أنّ حزب الله متورّط بجريمة قتل الشيخ أحمد الرفاعي، وفي ذلك الشكر والحمد للعليّ القدير الذي أنقذنا من فتنة كبرى نائمة ملعونة لعن الله من يوقظها. الجريمة خطّط لها يحيى وأبناؤه بكلّ حقد وشرّ وفقدان للضمير، فاستدرجوا وضربوا وقتلوا وأخفوا الجثّة ظنّاً منهم أنّهم فوق الحساب والقانون ولا يد يمكن أن تطالهم في فعلتهم النكراء.
القاتل خطيباً على المنابر
وقعت الجريمة، كما أثبتت التحقيقات، على خلفيّة عائلية بلدية عقارية ولا شأن لها بالسياسة من قريب أو بعيد. لكن يا سماحة السيّد من حقّنا أن نطرح بعض الأسئلة: من زوّد القاتل وأبناءه بهذه الترسانة من الأسلحة الخفيفة والمتوسّطة والثقيلة؟ من طلب من الأجهزة الأمنيّة أن لا توقفهم عندما أُحرقت سيارة المغدور، وعندما أُطلق النار على ابن شقيق المغدور، وعندما لجأ إليها المغدور طالباً الحماية وتطبيق القانون؟
رُفعت كلّ هذه الشكاوى، يا سماحة السيّد، فيما القاتل يتصدّر المنابر في احتفالات الحزب والمقاومة، ويلتقط الصور وخلفه صور قائدَي المقاومة عماد مغنية ومصطفى بدر الدين، وتستضيفه شاشة الحزب مرّات ومرّات مبرّزةً موقفه ودعمه للحزب، ويحارب بسيف الحزب ويظلم الناس بسيفه ويبيع المشاع في قريته بسيفه.
سماحة السيّد.. من قتل الشيخ أحمد الرفاعي هو فائض القوّة الذي امتلكه يحيى الرفاعي، فاستسهل القتل والغدر وظلم الناس. وكما قال الشاعر طرفة بن العبد: “وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً…”.
سماحة السيّد.. نحن لا نطالبك بنزع سلاح حزبك، فذاك مطلب لا قدرة لنا عليه كما لا قدرة لك على القرار فيه، ونتركه للتسويات الكبرى التي كما يبدو ما عادت بعيدة، بل نرى ذلك الموعد قريباً، لكن نطالبك بحلّ ما يُسمّى سرايا المقاومة لحفظ دماء الناس وكلّ بريء.
انتصاراتك لا تحتاج إلى سرايا. السُنّة في لبنان لا يرغبون بمقاتلتك ولا يريدون. بل كلّ طموحهم أن يعيشوا بأمان في هذا الوطن الصغير.
زياد عيتاني- اساس