لبنان «دخل في نفق مظلم»: إستحقاقات أمام ثلاثة مآزق!
ينطلق الاسبوع بجلسة رابعة لمجلس الوزراء في أجواء خالية من اعتراضات لافتة، وتعاود المصارف عملها بعد تعليقها الاضراب أسبوعاً على امل اتخاذ الاجراءات التي توقف المواجهة الدائرة بينها وبين القضاء، فيما يدور في الاوساط حديث عن تسوية للاستحقاق الرئاسي تطبخ في الدوائر والعواصم المعنية ولن يطول الوقت للبدء بترجمتها فور نضوجها. في الوقت الذي سقبع لبنان في النفق مع تزايد الازمات الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية استفحالاً نتيجة تأخّر الحلول المطلوبة للأزمة الرئاسية، ما ينعكس عدم استقرار ومخاوف من حصول فوضى ما تزال حتى الآن تحت السيطرة بالحد الأدنى المتاح الى أجل غير معلوم.
يعقد مجلس الوزراء جلسته الرابعة منذ خلو سدة الرئاسة عند التاسعة صباح اليوم وعلى جدول أعمالها ثمانية بنود مالية وإدارية تعني موظفي القطاع العام في الوزارات والمؤسسات العامة والأسلاك العسكرية، ومنها مشروع مرسوم يرمي الى تعديل تعويض بدل النقل الشهري المقطوع للعسكريين في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك وشرطة مجلس النواب. كذلك بالنسبة الى ما هو مطروح لمعالجة رواتب الموظفين والإجراءات المعتمدة لتأمين بدل الانتقال الذي يرضي الموظفين ودوام العمل الأسبوعي. ويتضمن جدول الاعمال ايضاً طلب وزير المال ان تتم الجباية والصرف على أساس «القاعدة الاثني عشرية» في انتظار صدور قانون موازنة 2023.
وعلى رغم من الضجيج الذي رافق الجلسات الثلاثة السابقة تعقد الجلسة اليوم وسط صمت مُطبق. وباستثناء الحملات التي خصّصت لها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض التصريحات النيابية لم يصدر اي موقف خاص بهذه الجلسة التي يبدو أن رئيس الحكومة لم يحدد موعدها قبل أن يضمن موافقة النصاب القانوني لها بموافقة الوزراء، الذين ضمنوا حضورهم بعد لحظات من توزيع جدول أعمالها الجمعة الماضي قبل ان يحدد موعد انعقادها اليوم.
ميقاتي على موقفه
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ ميقاتي متمسّك بالموقف الذي اتخذه على صعيد حل أزمة المصارف في مواجهة اجراءات المدعي العام لجبل لبنان غادة عون في حق بعض المصارف، فهذا الموقف أراد منه وقف النزيف وضمان تماسك المؤسسات. فهو ليس دفاعاً عن مصرف او مصارف يمكن ان يكون بعضها او بعض اصحابها قد ارتكب اخطاء، وإنما دفاعاً عن القطاع المصرفي برمّته امام تكرار البعض لأزمة «تبييض الاموال» التي من شأنها ان تضرب القطاع بكامله والذي بات يتّكِل على مصرف او مصرفين مراسلين يتعاملان معه في الخارج، فإذا توقف هذا التعامل يتعرض القطاع عندها لأزمة كبرى.
واضافت المصادر انّ ميقاتي يتعامل مع هذه الازمة من موقع المسؤولية الوطنية لحماية المؤسسات، ووجد انّ واجبه هو ان يبادر في هذا الصدد، فيما المبادرة كانت مطلوبة ولا تزال من وزير العدل ومجلس القضاء الاعلى والمدعي العام التمييزي لمعالجة هذا الامر.
ثلاثة مآزق
في غضون ذلك، قالت اوساط معارضة لـ«الجمهورية» ان لبنان «دخل في نفق مظلم في ظل انهيار متواصل وغياب القدرة على الحلول والمعالجات وتوافق الجميع على أنّ المدخل لبداية هذه المعالجات يكون من خلال انتخاب للجمهورية، وتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة، وما لم تبدأ هذه المسألة بانتخابات الرئاسة سيبقى الوضع اللبناني يشهد مزيداً من الانهيارات المتتالية فصولاً».
واضافت هذه المصادر انّ «المشكلة تكمن في انّ هناك عملياً ثلاثة مآزق اساسية:
ـ المأزق الاول: أن قوى الداخل غير قادرة على الوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية بسبب تعطّل الآليات الدستورية الديموقراطية وامتناع فريق الموالاة عن الرضوخ لنتيجة الآلية الدستورية الديموقراطية بجلسات انتخابية متتالية ومفتوحة وإصراره على مرشّحه تحت عنوان «إمّا هذا المرشح وإمّا الفوضى»، وعدم قدرة المعارضة على توحيد كل صفوفها وصولاً الى تبنّي مرشحها من قبل 65 نائباً. وبالتالي، هناك المأزق الداخلي في ظل عدم قدرة الموالاة والمعارضة على تجاوز عتبة الـ 65 والتعطيل المتبادل الذي يبقي الرئاسة في حالة شغور.
– المأزق الثاني يتمثّل في ان المجتمع الدولي غير قادر، وقد أظهر الاجتماع الخماسي في باريس انه غير قادر على إخراج لبنان من الشغور وغير قادر على ممارسة الضغوط، وغير قادر على فرملة الواقع الانهياري، وبالتالي المجتمع الدولي عاجز عن فعل اي شيء.
– المأزق الثالث: انه لا يكفي إجراء مُطلق أي انتخابات رئاسية. فالانتخابات الرئاسية في هذه المرحلة وفي هذه الآونة لها شروطها ومن ابرزها انتخاب رئيس سيادي اصلاحي ورئيس حكومة سيادي اصلاحي وحكومة اصلاحية سيادية، لأن الانهيار الذي وصل اليه لبنان لم يعد بالامكان معالجته عن طريق سلطات عادية وفق النمط السابق في تشكيل الحكومات وانتخاب الرؤساء».
وختمت المصادر المعارضة: «نحن امام مرحلة استثنائية تستدعي سلطات دستورية استثنائية، وللأسف الموالاة ليست في وارد إقرار استثنائية الوضع. وبالتالي، امام المأزق الداخلي والمأزق الخارجي ومأزق توليد السلطة، لبنان يتجه فصولاً نحو مزيد من الانهيار، ولا خلاص ولا حل سوى من خلال انتخابات رئاسية سريعة في ظل سلطات متجانسة ومتكاملة سيادية إصلاحية تطلق ورشة لإنقاذ لبنان».
الجمهورية