معادلة فرنجية في بعبدا مقابل سلام في السراي
بعد فتور رئاسي برز خلال الاسابيع الماضية، بغياب جلسة يوم الخميس التي كانت سائدة في السابق، يبدو الحراك قائماً من خلال اتصالات مكثفة وفق مصادر متابعة للملف الرئاسي، التي اشارت الى انّ المسؤولين تلقوا بما يشبه التحذيرات من مماطلة الفراغ الرئاسي، لانهم يستطيعون انتخاب رئيس لو ارادوا ذلك فعلياً، لكن اكثرية هؤلاء غير مهتمين وكأنّ الامر لا يعنيهم، متناسين انهم يمثلون الناخبين الذين قدّموا لهم وكالة ثمينة، فيما ما زالو يتلّهون بالقشور ليس اكثر، الامر الذي يطرح تساؤلات حول الجدوى التي يستفيدون منها، حين لا يكترثون لاستحقاق هام جداً . لكن ما يجري يؤكد انهم بعيدون كل البعد عن المسؤولية التي لم يتحمّلوا اعباءها كما يجب.
الى ذلك تبرز معلومات في الكواليس الرئاسية التابعة للفريق الممانع، أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يعمل على خط الوساطات بقوة، لإيصال مرشح الفريق المذكور، الى جانب حزب الله الذي بات متمسّكاً اكثر برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لانه يثق به كثيراً، لذا تبرز هذه المهمة لإيصاله عبر الانفتاح على نواب يُعتبرون من الوسطيين او المستقلين، او من خانة الذين “يمون” عليهم الفريق الممانع خصوصاً بري، ومن ضمنهم بعض النواب السنّة، الذين “يمون” عليهم ايضاً الرئيس سعد الحريري ولو من بعيد او تحت الطاولة.
لكن، ووفق معلومات من المملكة العربية السعودية، فإن الحريري لا يمكنه التهاون في هذا الملف، او دعم اي مرشح من الفريق الآخر، خصوصاً فرنجية الذي تربطه علاقة لا بأس بها مع المملكة، لكن ليس لدرجة تأييدها وصوله الى قصر بعبدا، لانه كان وما زال رأس حربة في الفريق الآخر، وإن حاول منذ فترة استمالة بعض الافرقاء الفاعلين في الخارج كفرنسا، التي باتت تؤيد وصوله لانه افضل الموجود وليس في مطلع اللائحة، التي تحتاج الى دراسة معمّقة، بعدما خرجت بعض المعلومات من اللقاء الخماسي، الذي لم تبرز حقيقة نتائجه الى العلن.
وتقول المعلومات انّ فرنسا عادت لتستبدل المرشح الوسطي التي كانت تطالب به بآخر هو فرنجية، على الرغم من انه يحمل صفات ومميزات مغايرة لتلك التي كانت تطالب بها، لكن هذه المرة ضمن صورة مختلفة، اذ اكثر ما يهمها هو التوازن بين الفريقين المتخاصمين، اي الموالاة والمعارضة، لذا فالأنسب رئيس من الممانعة ورئيس حكومة من المعارضة، وهذه افضل الحلول لانها تحمل التوافق والقبول، فلا خاسر ولا رابح، وبذلك نعود الى مقولة ” لا غالب ولا مغلوب”، وهي الصيغة التي كان يتم التداول بها قديماً، والتي أنتجت التعادل والوفاق ولو بصورة غير حقيقية، فأبقت الوضع ضمن خانة المقبول ليس اكثر، اي بعيداً عن اي شرارة قابلة للاشتعال سريعاً.
الى ذلك، افيد بأنّ باريس طرحت معادلة، سبق انّ مرّت في سماء التسويات الرئاسية، لكنها لم تلمع بل سقطت خلال ايام قليلة، اما اليوم فتبدو آخر خرطوشة قبل إعلان فشل التسويات، وهي معادلة سليمان فرنجية مقابل نواف سلام، السفير والقاضي في المحكمة الدولية، الذي طرح اسمه بقوة قبل سنوات لرئاسة الحكومة، واليوم عاد من جديد، لكن ثمة “فيتو” عليه بالجملة، فيما يصبح مقبولاً في السراي، في حال بات فرنجية مقبولاً في بعبدا. وهذا الطرح عاد الى الواجهة بأنامل فرنسية، اطلقت قبل فترة رسائل بالجملة تحمل هذا العنوان خصوصاً الى حارة حريك.
ووفق المعلومات، ستتابع الوساطة مع رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط للموافقة، لكن رئيس “اللقاء الديموقراطي” تيمور جنبلاط الذي بدأ بالتمايز عن والده بحسب ما تقول مصادرهما، فضّل قائد الجيش العماد جوزف عون على فرنجية، ومن هذا المنطلق يبدو هذا الجواب كمن يطبّق المثل الشائع، الذي ينطبق على جنبلاط في كل الاوقات والمواسم السياسية وخصوصاً الرئاسية، اي “إجر بالبور وإجر بالفلاحة”، وبهذه الطريقة لا “يزعل” احد من آل جنبلاط، لا عون ولا فرنجية. وهذا يعني ان نسبة حظوظ فرنجية بدأت ترتفع رسمياً في حال نجح برّي في جلب جنبلاط الاب الى ساحة الممانعة ولو رئاسياً، تحت عنوان “مصلحة الوطن تقتضي إنهاء الفراغ”، اي عودته من جديد وكما في كل استحقاق هام الى دوره كبيضة قبّان.
الديار