تهدئة مرحليّة في لبنان: خيار الفوضى لا يزال قائماً!

تُسحب شيئاً فشيئاً ذرائع “الفوضى”، وأهمها تعليق إضراب المصارف كرمى لعيون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ومثلها الإدعاء “المحلي” على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فهل يمكن القول ان الفوضى التي حذّر منها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لن تحصل؟

عندما صعّد السيد نصر الله من حدّة خطابه في وجه الفوضويين الذين يريدون تضييق الخناق على اللبنانيين، كان يملك معلومات حول طروحات دولية بخصوص الرئاسة اللبنانية، أساسها أنه يمكن تسويق اسم قائد الجيش جوزاف عون دون الدخول في تسوية مع الحزب بالداخل، وبحسب مصادر قيادية في فريق 8 آذار، فإن هذا الخيار سقط، لأن المطلوب ليس اندلاع الحرب بين لبنان و”اسرائيل”، بل الضغط للحدود القصوى لتحسين شروط التفاوض في التسوية المقبلة.

وتُشير المصادر إلى أن قوة حزب الله على طاولة المفاوضات تنطلق من خطره على الكيان الصهيوني، ولذلك فإن هذه الورقة التي يلوح بها حزب الله دائماً، في حين يُدرك خصومه أنه جاهز لاستخدامها، اذا شعر الحزب للحظة أن هناك من يريد أن يكسر ذراعه، لذلك فإن ما بين الحزب والخصوم الدوليين نوعا من اتفاق على خطوط حمراء يُمنع تخطيها، لذلك تراجعت حدة التصعيد بعد خطاب السيد نصر الله، علماً أن اكثر من رسالة وصلت لحزب الله بعد الخطاب تؤكد أن لا نية للأميركيين ولا لغيرهم بخلق الفوضى في لبنان.

تمكّن السيد نصر الله من فرض تهدئة داخلية ولو لبعض الوقت، بالمقابل تسارعت الأحداث الخارجية، أبرزها ما يجري على مستوى الإقليم، وهنا بيت القصيد، بحسب المصادر، التي تؤكد أن تحركات ايجابية تحصل في الإقليم، من ايران الى العراق والسعودية واليمن وسوريا، وهذه التحركات فرملت إندفاعة الفوضويين في لبنان، فليس صحيحاً ان ما يجري في العراق يعني إخراج إيران منه، إذ تكشف المصادر أن الإيرانيين موجودون اليوم على طاولة عراقية أمنية، وخلال وقت قصير سيكون هناك إعلان عن نتائج هذه الطاولة، والتي ستكون لمصلحة العراق وإيران معاً، كما أن دولة العراق مستمرة بدورها في تقريب وجهات النظر بين السعوديين والإيرانيين، ومن المفترض أن يحصل تقدم في هذا الملف خلال الشهر المقبل، ما سيعني أيضاً انعكاسات إيجابية على الملف اليمني، وعندما يُحل ملف اليمن أو يوضع على سكة الحل، يمكن القول عندئذ ان الملف اللبناني سيوضع على الطاولة.

وتؤكد المصادر أن الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات في المنطقة، فكما أن خيار التهدئة وارد، كذلك خيار التصعيد بعد فترة من الزمن بحال تعرقلت المساعي الإقليمية، علماً أن هذه المساعي وإن قطعت شوطاً إيجابياً هذه المرة، إلا أنها معرضة لأن تفشل، خاصة من البوابة السورية، بعد وضع الرئيس السوري بشار الأسد في موقف صعب بين الخليج وإيران، لذلك ترى المصادر أن التهدئة الحالية في لبنان قد تكون مرحلية، وقد نعود الى زمن التهديد بالفوضى، وظهور عناصرها.

هذا بما يتعلق بالخارج، أما في الداخل، فهناك أطراف بدأت تشعر أنها ستكون خارج اللعبة، لذلك فهي حاضرة للقيام بأي شيء لأجل التشويش على أي تسوية لا تشملها.

محمد علوش- الديار

مقالات ذات صلة