الرجل يستطعم “طعم” النصر والفوز الرئاسي: أتكون الثالثة ثابتة لفرنجية؟
إنها المرّة الثالثة التي يستشعر سليمان فرنجية اقترابه من رئاسة الجمهورية. يستطعم الرجل “طعم” النصر أو الفوز الرئاسي. ولكن تبقى بالنسبة إليه العبرة في الخواتيم. في العام 1998 كانت مفاوضات حثيثة جارية على الساحة اللبنانية عبر قنوات وسيطة بين الرئيس رفيق الحريري وسليمان فرنجية لانتخابه رئيساً للجمهورية، وذلك لقطع الطريق على إميل لحود. لم تنجح تلك المحاولات. تكرر السيناريو في العام 2015، عندما قرر سعد الحريري السير بدعم ترشيح فرنجية، والذي حظي وقتها بموافقة نبيه برّي، وليد جنبلاط، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي اتصل به مباركاً، لكن من دون إتمام المناسبة.
لعبة الوقت
حالياً، يعيش سليمان فرنجية باعتبار نفسه مرشحاً أوحد. في حسابات الورقة والقلم هو الحاظي بأكبر عدد من الأصوات، والذي لم يصل إلى الخمسة والستين صوتاً حتى الآن. يرى كما حلفاؤه -أي حزب الله وحركة أمل- أن تأمين هذه الأصوات ممكن بالاستناد إلى بعض المسارات. إذ يعتبرون أن فرنجية قد يشكل ارتياحاً لدى بعض السنّة، وبالتالي يمكن استقطابهم، لا سيما في ظل العلاقات المتوترة بين التيار الوطني الحرّ وباقي الأفرقاء، وبين القوات اللبنانية وعدد من القوى.
يخوض الثنائي الشيعي في هذه المرحلة إحدى أبرز المعارك على طريق إيصال فرنجية للقصر الجمهوري. يستندون إلى لعبة الوقت، وتراجع مقومات صمود المعارضين على اعتراضهم. كما يراهنون على متغيرات إقليمية قد تفتح طريق الرجل من إهدن إلى بعبدا. ومن أبرز المراهنات، هو عدم وجود فيتو فرنسي أو اميركي على رئيس تيار المردة، بالإضافة إلى الجو العام لدى السفراء الذين شاركت دولهم في إجتماع باريس، والذي يشير إلى أنه لم يتم الاتفاق على اسم، وسط رمي المهمة على عاتق اللبنانيين الواجب التفاهم فيما بينهم. أما الأهم بالنسبة إلى حزب الله وحركة أمل، فهو التطورات على خطّ “المفاوضات” السعودية السورية. إذ تقول مصادر قريبة من الطرفين إن هذا المسار سينعكس إيجاباً لمصلحة فرنجية.
الاعتراض المسيحي
عملياً يبقى هذا الاستعراض السياسي مناطاً بطرف واحد، أو بجهة سياسية على تحالف فيما بينها وتسعى لإيصال فرنجية. أما على الضفّة الأخرى فحتى الآن لم يتغيّر شيء. معارضو فرنجية في الداخل على موقفهم، ولم يتبلغوا بأي تبدلات إقليمية أو دولية على هذا الصعيد. الإعتراض المسيحي على حاله، خصوصاً لدى القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ. أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، والذي يفضل الذهاب إلى مرشح ثالث، لا يزال على موقفه وفي المسعى نفسه. وفي هذا السياق ستأتي زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط برفقة النائب وائل أبو فاعور إلى المملكة العربية السعودية للقاء المسؤولين عن الملف اللبناني هناك، وربما سيسمع جنبلاط جواباً سعودياً واضحاً وشافياً بهذا الصدد.
خرق سريع أم معركة طويلة؟
يتفاءل حزب الله بقرب الوصول إلى تسوية، تؤدي إلى انتخاب حليفه رئيساً للجمهورية، يستند في ذلك إلى جملة معطيات، من بينها الانتقال بالبحث عن ما هو مطلوب خليجياً وسعودياً بالتحديد من فرنجية للتفاهم عليه. يعتبر الحزب أنه في حال تحقق خرق على هذا الصعيد، فإن البحث سيتحول فيما بعد حول خريطة طريق عهد فرنجية، ومن سيكون رئيساً للحكومة، ومن لحاكمية المصرف المركزي وقيادة الجيش. لكن ذلك كله مؤجل، بانتظار معرفة المسار الحقيقي لفرنجية، وإذا ما كان سيحقق خرقاً سريعاً، أم أنه بداية المعركة التي ستستمر طويلاً، أم أن هذه الهجمة بترشيحه من قبل الثنائي الشيعي ستنتهي من دون الظفر بالنتيجة المطلوبة. وعليه، فإن تمسك حزب الله وحركة أمل وفرنجية بموقفهم، في مقابل تمسك المعترضين بموقفهم المضاد، سيقود إلى إطالة أمد الأزمة وتبديد أي مقوم من مقومات إنجاز الاستحقاق الرئاسي في المدى المنظور، بانتظار توفر ظروف إقليمية ودولية أكثر وضوحاً.
منير الربيع- المدن