ماذا تعرف عن ظاهرة برق الزلزال؟
أظهرت المقاطع المصورة التي وثقت لحظة وقوع زلزال قهرمان مرعش، سطوع عدد من الأضواء في الأفق، ما دفع العديد من المتابعين إلى التساؤل حول سرها. وهي ليست المرة الأولى التي تلاحَظ فيها هذه الظاهرة، بالرغم من أنها لا تزال لغزاً يسعى العلماء إلى فك خيوطه.
وثّق عدد من الكاميرات ظاهرة سطوع أضواء لحظة وقوع زلزال قهرمان مرعش، وهو ما أثار موجة ردود فعل متسائلة حول ماهية هذه الأضواء التي تشبه البرق. وفي الوقت نفسه كانت الأضواء بالنسبة للبعض فسحة لبث مزيد من الإشاعات.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تجري فيها مشاهدة هذه الظاهرة المرافقة للزلازل، وتوثيقها، ما ينفي الأخبار الزائفة التي حيكت حولها. بيد أنها لا تزال لغزاً محيراً للعلماء، الذين صاغوا عدة فرضيات علمية لفك طلاسمها.
نظريات مؤامرة وأخبار زائفة
من بين التفسيرات التي تداولها ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي للأضواء التي رافقت الزلزال المدمر، هي أنها بروق العاصفة الثلجية التي كانت تعرفها تلك المناطق. ومنهم من افترض أن ذلك النور الأزرق، انبلج عن ماسات كهربائية جراء الهزة أو انفجار محولات.
فيما ركن البعض إلى نظريات المؤامرة، قائلاً بأن الأضواء مؤشر على سلاح أمريكي خارق يدعى “HAARP”، والقادر على التحكم وتغيير الظروف المناخية والتأثير على المجال المغناطيسي للأرض، وأن تركيا وسوريا وقعتا ضحية لهذا السلاح، الذي افتعل فيهما الزلازل. والمثير للانتباه بالأمر هو أن هذه المعلومات المضللة تلقفتها منصات صحفية مشهورة، وأعادت نشرها دون تحقق.
حسب الصحفية المختصة في التحقق الإخباري، نور حطيط، فإن “إشاعة أن زلزال قهرمان مرعش حدث بفعل سلاح أمريكي، كانت من أبرز المعلومات المضللة التي رافقت الكارثة”. وتضيف حطيط، في حديثها إلى TRTعربي، بأنه “إضافة إلى أن هذا السيناريو أشبه بأفلام الخيال العلمي، فقد أكد عدد من الخبراء أنه ليس هناك أي دلائل على وجود تكنولوجيا عسكرية قادرة على افتعال الزلازل”.
وهو ما تؤكده أيضاً بوابة التحقق الإخباري لوكالة “رويترز”، قائلة بأن “HAARP” هو برنامج لدراسة خصائص وسلوك طبقة الأيونوسفير الجوية، ويستخدم جهاز إرسال عالي الطاقة وعالي التردد. ونقلت الوكالة عن جيسيكا ماثيوز، مديرة برنامج “HAARP” بجامعة ألاسكا فيربانكس، قولها: “معدات بحث البرنامج ليست لها القدرة على أن تخلق أو تضخم الكوارث الطبيعية”.
علاوة على أنها ليست المرة الأولى التي يلاحظ فيها سطوع أضواء تزامناً مع الهزات الأرضية، فقبلها عام 2021 شوهدت الظاهرة نفسها إثر الزلزال الذي ضرب أكابولكو المكسيكية، وإثر زلازل اليابان عام 1973 و1967 و1965. ويعود أقدم أثر لهذه المشاهدات إلى القرن 19م، إثر زلزال نيوزيلاندا عام 1888.
ما التفسير العلمي للظاهرة؟
بالمقابل تبقى ظاهرة أضواء الزلازل نادرة الحدوث، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 85% من هذه الظاهرة حدثت بالاقتران مع زلزال داخل صفيحة تكتونية في مواقع الصدع القاري، وهي فئة تمثل 5% فقط من جميع الزلازل. وحسب المرصد الأمريكي للجيوفيزياء، ما زال هناك خلاف بين العلماء حول الأسباب المادية والعلمية الكامنة وراء برق الزلازل.
فيما تبقى أحد أهم الدراسات التي أنجزت في هذا الموضوع، تلك التي أجراها العالم فريدمان فرويند، من جامعة سان خوسيه الأمريكية، والتي اهتمت ببحث ودراسة حوالي 65 حادث مشاهدة برق زلازل.
ويفترض فريق بحث فرويند أن الأضواء ناتجة عن الشحنات الكهربائية في أنواع معينة من الصخور، والتي يجري تنشيطها أثناء النشاط الزلزالي، مشبهاً ذلك بأن “كما لو قمت بتشغيل بطارية في قشرة الأرض”.
وفي دراسة أخرى، نشرتها “الصحيفة اليابانية للفيزياء التطبيقية” المحكمة، تقول بأن الضغط الناتج عن نشاط الصفائح يخلق تأثيراً كهرمغناطيسياً، إذ تُنتِج الصخور الحاملة للكوارتز مجالات كهربائية قوية عند ضغطها بطريقة معينة.
وتعد أضواء الزلازل إحدى أكثر الظواهر الطبيعية تعقيداً، ذلك لقصر عمرها إذ لا يتعدى بعض الثواني، كذلك لعدم القدرة على التنبؤ بحدوثها.
TRT