“بوس بصل وانسَ اللي حصل”… والمعنى بقلب الشفتين!
مررت أول من أمس أمام ستاند “العروضات” في سوبر ماركت تحاكي أسعاره ذوي الدخل المحدود كما تحاكي أسماء منتجاته غير المتمكنين من الإنكليزية فلا تضطر ست البيت أن تسأل أول من تصادفه إذا كان المقصود بـكلمة cauliflower الباذنجان المدعبل وإن كان الـ coriander هو البندورة المعلّقة بحد ذاتها!
استوقفني في جولتي البصرية أن سعر القرنبيط متهاودٌ جداً 14999 ليرة فقط، وأن كيلو الحامض بـ 15999 والبطاطا من النوع الرديء بـ 16999. لا أصفار تُذكر. مررت على تلة البصل مرور الكرام. ثمة عرض مغر. السعر المعلن بالخط العريض 61999. اعتقدت أن السعر عائد لكيس الخمسة كيلوغرامات. تفحّصت رأسا فوجدته رخواً. لم أهتم كثيراً. تابعت جولة الأحد التقليدية وخرجت راضياً مرضياً بشكل عام.
أمس، وعشية الـ “فالانتاينز داي”وفي جولة صباحية على تويتر كان “كيلو البصل” هو الـ”تراندينغ” في لبنان، لا “الدبدوب الأحمر” ولا “يا حبيبي تعال أسرع وعجّل وشوف اللي جرى لي”. كيلو البصل؟ أمر غريب، صُعقت بمفعول رجعي إذ تبين لي أن الـ 61999 ليرة هو سعر الكيلو الواحد لا الخمسة ولا الثلاثة. من العشرين ألفاً، أو أكثر بقليل، قفز كيلو البصل إلى ما بين الستين ألف ليرة والـ 75 الفاً.
وأطرف ما قرأت، حول جنون البصل، بيتان من الشعر لأحدهم:
قديش صرنا يا بصل عمنشتهيك/
غلّيت سعرك عالبشر شو صاير فيك/
كنا نشرّ دموع لمّا نقشرك /
صرنا نشرّ دموع لمّا نشتريك
عرفنا الكثير من الثورات الشعبية/ المطلبية في العالم العربي، كثورة الخبز (مصر) وثورة البطاطا ( في الأردن) وثورة الزيت والسكر ( الجزائر)…ترى أزف موعد “ثورة البصل” في لبنان؟ ربما حان الوقت لمثل هذه الثورة وإجراء “نفضة” لبعض المصطلحات، كأن تذمّ أحدهم بقولك “بتسوا قشرة بصلة”. قول كهذا، مع ارتفاع سعر البصل، يدخل اليوم في باب المديح. أما المثل الرائج “يا داخل بين البصلة وقشرتها ما ينوبك إلّا…” فهو ما زال صالحاً في السُعودية ودول الخليج لا في لبنان، لأن سيأتي وقت نشتهي فيه رائحة البصلة “المصنصنة”.
سعر كيلو البصل لم ينسِني عيد العشاق، وسجل القبلات المتوجبة، وما ورد في قاموس القبل، كقبلة الأسكيمو، وقبلة المطبخ، وقبلة الأسنان، والقبلة المقلوبة والقبلة الأشهر على الإطلاق: القبلة الفرنسية، وها أنا، على مشارف ثورة، أطلق من عندياتي قبلة ثورية بنكهة البصل. وهكذا سيداتي وآنساتي وسادتي لا بأس من تغيير المثل الشعبي المعروف ليصبح على هذا النحو “بوس بصل وانسَ اللي حصل”، والمعنى بقلب الشفتين.
عماد موسى