افتتاح مبنى السفارة الإيرانيّة الجديد: الدلالات والرسائل
شكل افتتاح المبنى الجديد للسفارة الايرانية في بيروت في الذكرى الـ ٤٤ لقيام الجمهورية الاسلامية الايرانية حدثا لافتا في هذه المرحلة الدقيقة في تاريخ لبنان الذي تعصف به الازمات من كل الجهات وسط تخل عربي ودولي عن لبنان، فجاء افتتاح المبنى الجديد للسفارة الايرانية عكس المشهد الماساوي والصورة المعممة عن البلد، وكشف عن مدى الاهتمام في لبنان الذي لا يمكن الاستغناء عنه وعن اداوره، وليضيف الى المبادرات الايرانية مبادرة جديدة وايجابية تجاهه.
فالمبنى الجديد للسفارة الايرانية في بئر حسن قرب ملعب الغولف، حيث يتميز بمساحته الواسعة وهندسته ذات الطابع العمراني الايراني المميز المستوحى من الحضارة الفارسية، وهذا ما ادهش كل المشاركين في حفل الافتتاح من كل الاطياف اللبنانية، وما زاد في اهمية المناسبة الحضور الشامل والمميز والواسع للمرجعيات الروحية والفاعليات الاقتصادية والاجتماعية والنخب الثقافية من مختلف الطوائف والمناطق. ومن المستحيل ان يرى اللبنانيون مشهدا مماثلا وجامعا وحاشدا في اي احتفال لسفارة او لقوة سياسية في مثل هذه الظروف الدقيقة من حياة البلد كما ظهر في السفارة الايرانية، وهذا يدل على قوة الجهاز الدبلوماسي الايراني وتفوقه لجهة التواصل مع المكونات الشعبية والاجتماعية كما يشكل بالاساس استفتاءا ايجابيا وداعما لدور ايران في دعم حركات المقاومة ومنع سقوط البلد.
هذا الحدث المميز والضخم، حظي بمتابعة بارزة ودقيقة من كل العاملين في الشأنين الديبلوماسي والسياسي، كما اظهر حجم الاهتمام الايراني في لبنان والاستعداد الدائم لمساعدته في كل المجالات، وتاكيد جديد حمله نائب وزير الخارجية الايراني كبير المفاوضين الايرانيين الذي رعى حفل الافتتاح خلال جولاته على المسؤولين اللبنانيين بالالتزام بتقديم الهبة الايرانية من الفيول وبناء معامل كهربائية ودعم الجيش اللبناني و كل القطاعات، دون اي جواب من المسؤولين اللبنانيين الذين تحججوا بالفيتو الاميركي الذي يعرقل ايضا وصول الغاز المصري والكهرباء من الاردن.
وحسب المتابعين ايضا، امتاز الدور الايراني الدبلوماسي في لبنان بالهدوء، وهذا ما ترجم في الملف الرئاسي، حيث لم يعقد اي لقاء ولم يصدر اي تصريح عن السفارة الايرانية في هذا الشان ولم يتطرق السفير الايراني في كل اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين الى الموضوع الرئاسي واعتبره شأنا داخليا، بخلاف عشرات الاجتماعات في السفارات الاميركية والفرنسية والسعودية والتدخلات اليومية لجهة طرح الاسماء ووضع الفيتوات.
وبالاضافة الى الدور الرسمي، تمكنت السفارة الايرانية من نسج افضل العلاقات مع كل المكونات السياسية بمن فيهم المعارضون لسياساتها، والجميع يعرف مدى العلاقة التي كانت تربط السفير الايراني السابق ابادي الذي قتل في اثناء موسم الحج في السعودية بالرئيس امين الجميل كما ان احد الديبلوماسيين الايرانيين المميزين قال لاعلاميين لبنانيين في طهران “ليس لدينا مشكلة مع القوات اللبنانية مطلقا ومنفتحون على الجميع والحوار معهم” حتى ان السفارة الايرانية في بيروت تشهد احيانا كثيرة حوارات بين نخب ايرانية ولبنانية مستقلة حول كل المواضيع، مع تنظيم رحلات لشخصيات لبنانية الى طهران للاطلاع على معالمها وكيفية ادارة مؤسساتها، والذين زاروها مؤخرا عادوا باجواء مناقضة كليا لما يتم تسويقه وبثه محلياً وخارجيا.
وحسب المتابعين ايضا، فان ايران لم تدخل في اي سجال داخلي مع اي طرف لبناني رغم الكم الهائل من الهجمات اليومية علىها وتحديدا اثناء ما شهدته من احداث اخيرة، حتى ان بعض اللبنانيين حددوا مواعيدا لسقوط النظام الايراني لكنها لم تتوقف عند هذه الامور الصغيرة مطلقا وردت بسلسلة من المبادرات الايجابية من بينها افتتاح السفارة ومغزاه الكبير، وهي لا تنطلق في سياساتها من معادلة “سفارة مقابل سفارة” او من خلال “الحرتقات” والتحديات بل عبر نهج اعمق واشمل والنظر الى الامور بشمولية ووعي وهذا سر التفوق على الاخرين.
وحسب المتابعين، هذا الوعي عند القيمين على اعمال السفارة في بيروت، والابتعاد عن المشاكل الداخلية والردود قوبل بارتياح لبناني من الجميع وهو تاكيد ايراني على سلامة البلد واستقراره.
رضوان الذيب- الديار