كيف ظهرت أطنان الأدوية في لبنان… لتقديمها الى سوريا كمساعدات؟

صحيح أن تقديم المساعدات للمتضرّرين من زلازل تركيا وسوريا هو واجب أخلاقي وإنساني، إلا أن “الغريب العجيب” يكمن في أنه كيف توفّرت الأدوية والمساعدات في لبنان، بهذه السرعة، وبالأطنان، وبما يسمح لـ “الجحافل” والقوافل بنقلها الى الأراضي السورية، فيما آلاف اللبنانيين من دون دواء، وألبسة، وطعام…

“بالفتيل والسراج”

مساعدات دوائيّة وطبيّة من لبنان الى سوريا. هذا جميل، ولكن كيف ظهرت؟ وأين كانت مخفيّة؟ وكيف أصبحت من الفوائض التي يُمكن استعمالها كمساعدات؟

ممرّضون، مُسعفون، مُتخصّصون في علم النّفس (مع أن المتابعة النّفسيّة تُعتبَر ترفاً في ذهنيّة بعض الشعوب، ومن بينها بعض الفئات اللبنانية والسورية)، أطنان من الأدوية، والمواد الغذائية، والألبسة، وحليب الأطفال… فيما تكافح بعض الفئات اللبنانية للحصول على أدويتها وعلاجاتها “بالفتيل والسراج”.

فهذه مساعدات تخرج من لبنان، أي من البلد الذي أوصت “منظّمة العفو الدولية” حكومته مؤخّراً بضرورة الحرص على تأمين الدواء لشعبها، والذي كشفت (تلك المنظّمة) عن أنها (حكومته) أخفقت في الوفاء بالتزاماتها المتعلّقة بدعم مراكز الرعاية الصحية الأولية، التي يجب أن توفّر الأدوية مجانية ومنخفضة الكلفة لشعبه.

مدعوم؟

فاللبنانيون يعيشون المعاناة تلو الأخرى، للحصول على بعض أدويتهم، وسط غياب رسمي شبه تامّ عن الحاجات اليومية الكثيرة، بدءاً من رأس الهرم المتمثّل بوزارة الصحة، وصولاً الى الصيدليات، والمستشفيات…

فكيف فاضت الأدوية في لبنان “بسحر ساحر”؟ وكيف خرج الكثير منها من الأقبية والسراديب بهذه السرعة، وبات صالحاً لنقله الى سوريا على سبيل مساعدات، ومن دون أي جدال حول ما هو مدعوم، وما هو غير مدعوم منها؟ أو ما هو مُقدَّم كمساعدات للشعب اللبناني خلال أوقات سابقة، أو لا؟

تحقيقات

دعا مصدر واسع الاطلاع الى “فتح تحقيق بشأن المساعدات التي تتدفّق وستتدفّق الى سوريا، لا سيّما تلك التي تتعلّق بالأدوية والمواد الطبيّة، وذلك بهدف التحقُّق ممّا إذا كانت دخلت لبنان عبر المطار مثلاً، من قِبَل بعض المنظّمات الدولية، وبعد ساعات من زلازل تركيا وسوريا، وذلك تمهيداً لنقلها الى سوريا وفق بعض التدابير، وبما يجعل من لبنان ممرّاً لها لا أكثر. فلا بدّ من معرفة الحقيقة في شأنها، وما إذا كان المنقول الى سوريا هو من المخزون الدوائي الموجود في لبنان، والمُستورَد لصالح الشعب اللبناني، أو المُقدَّم كمساعدات الى اللبنانيين”.

وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على أنه “إذا كان تجّار الأدوية في لبنان يقفون خلف تلك الأطنان من المساعدات، فمن المؤكَّد أنهم لن يرسلوا تلك الأدوية الى سوريا مجاناً. وهذه مادّة أخرى لإجراء تحقيقات، لا سيّما أن سوريا ليست قادرة على أن تدفع مبالغ مالية لشراء أدوية في هذا الوقت، أي وسط الكارثة التي ضربتها، والتي تجعلها بحاجة الى مساعدات خارجيّة كثيرة”.

الحقيقة

وأشار المصدر الى “ضرورة التحقيق أيضاً في ما إذا كانت بعض المنظّمات الدولية طلبت من لبنان أن يُرسل قسماً من الأدوية الموجودة في مخازنه الى سوريا، مقابل أن تدفع هي (المنظّمات الدوليّة) ثمنها لنا، أو أن تؤمّن ما نحتاجه من بدائل لها، في وقت لاحق. ولكن متى الدّفع؟ ومتى تتوفّر البدائل التي يحتاجها اللبنانيون؟ ولماذا أُخفِيَت بعض أنواع الأدوية عن اللبنانيين في مراحل سابقة؟ وهل من صفقات مع بعض تجار الأدوية في هذا الإطار؟ وهل يقتصر دور لبنان على نقل تلك الأدوية تحت ستار مبادرات فردية، أو مساعدات؟”.

وختم:”يوجد الكثير ممّا يتوجّب أن نعرفه في دولة فاشلة، لا قدرة لديها على النّجاح في إجراء تحقيق واحد، في ملف واحد. دولة الضّجيج السياسي حول ضرورة استعادة العلاقات السياسية الكاملة مع سوريا، بدلاً من التركيز على توفير حاجات الداخل اللبناني الكثيرة في مثل تلك الظّروف. وبالتالي، لا قدرة تامّة على معرفة الحقيقة الفعليّة التي تُحيط بتلك المساعدات”.

أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”

مقالات ذات صلة