صيغة رابح – رابح تبقي على اللواء إبراهيم عباس !

يعقد مجلس النواب اللبناني قبل نهاية فبراير الجاري جلسة ينتظر أن يمدد فيها مهام المدير العام للأمن اللواء عباس إبراهيم الذي يبلغ سن التقاعد في الثاني من مارس القادم، وهو ما يجنب لبنان فراغا على رأس المؤسسة الأمنية يحذر كثيرون من تداعياته السلبية على نشاط الوحدات الأمنية ومهامها.

وفي ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ نهاية ولاية ميشال عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، لا يمكن قانونيا ودستوريا تعيين مدير عام جديد للأمن، إذ إنه صلاحية حصرية للرئيس اللبناني، ما يبقي فرضية التمديد مخرجا وحيدا لتفادي الفراغ في أعلى هرم المؤسسة الأمنية.

وأشارت مصادر لبنانية مطلعة إلى أن هناك إجماعا شبه كامل من الكتل النيابية بشأن المضي في آلية التمديد لإبراهيم، في توافق سياسي نادر بين الفرقاء السياسيين الذين لم يتجاوزوا حتى الآن خلافاتهم بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وقالت المصادر إن التمديد للمدير العام للأمن يحظى بقبول إقليمي ودولي أيضا، إذ يحظى إبراهيم بعلاقة جيدة ومتينة مع كل من السعودية والولايات المتحدة وفرنسا، ما يسهل التوافق الداخلي بشأن التمديد له.

وأشارت المصادر إلى أن اللواء إبراهيم يلعب دورا محوريا في تماسك المؤسسة الأمنية والحفاظ على السلم الأهلي، إضافة إلى دور مهم تقول مصادر إنه لعبه في صفقة ترسيم الحدود مع إسرائيل.

ولعب إبراهيم إلى جانب مهامه الأمنية دورا في تقريب وجهات النظر بين الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عندما تعلق الأمر بالتعيينات، وهو ما يحسب للرجل على أنه شخصية توافقية وليست صدامية.

ولا يحوط باللواء إبراهيم تناحر كالذي رافق ما دار بين مرجعية رئيس الأركان أمين أبوالعرم المحال على التقاعد في الرابع والعشرين من نوفمبر، والنائب السابق وليد جنبلاط، وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. ولا كذلك الحؤول دون تمديد ولاية المفتش العام في المجلس العسكري اللواء ميلاد إسحق المحال على التقاعد في الخامس والعشرين من ديسمبر كجزء من اشتباك اندلع بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزيف عون.

وذكرت مصادر لبنانية أن الاتصالات نشطت في أكثر من اتجاه مؤخرا لتأمين نصاب ميثاقي لمجلس النواب يتم فيه إقرار “قوانين الضرورة”، ويكون من بينها القانون الذي يؤدي إلى بقاء اللواء إبراهيم في منصبه تفاديا لحصول فراغ في موقع المدير العام، علما أن لا قدرة على تعيين خلف له في مجلس الوزراء الذي ينعقد تحت شروط معقدة وتوافقات سياسية مسبقة.

تعثر انتخاب رئيس للجمهورية يلقي بظلاله على المؤسسة الأمنية

ويتصدر الحراك الوزير السابق ناجي البستاني الذي أعد صيغة لاقتراح قانون يتولى طرحه أحد النواب في جلسة “تشريع الضرورة” التي يفترض أن يقر فيها قانون “الكابيتال كونترول”، وينص على تعليق العمل، بصورة استثنائية، حتى 2025/12/31 بالبند 1 من المادة 67 من المرسوم رقم 112/1959 المعدل، في ما خص إحالة المدير العام للأمن العام على التقاعد لبلوغه الرابعة والستين، ويعاد العمل بهذا البند ابتداء من 2026/1/1، أي أن تنتهي ولاية إبراهيم في نهاية العام 2025.

وأكدت المصادر أن حزب الله، القوة السياسية الأبرز، وافق على الصيغة التي اقترحها البستاني دون تردد، حتى قيل إن الأمين العام للحزب حسن نصرالله سأل عن موعد الجلسة، في إشارة واضحة إلى موافقته.

وأما رئيس حركة أمل والبرلمان اللبناني نبيه بري فلم يعارض طرح الصيغة على مجلس النواب في أول جلسة، لكنه اشترط حضور مكون مسيحي رئيسي لتوفير غطاء للجلسة وجدول أعمالها.

وعندما وصلت الصيغة إلى رئيس تكتل لبنان القوي الوزير السابق جبران باسيل لم يمانع بدوره، لكنه ربط الموافقة على حضور الجلسة بطرح مشروع قانون “الكابيتال كونترول”، الذي أنجزته اللجان المشتركة وبات من الضروري إحالته على الهيئة العامة.

ويشكل اقتراح البستاني مخرجا للقوى السياسية المشتبكة في ما بينها على التعيينات، في ظل انعدام فرص تعيين بدلاء من الضباط الذين يتولّون مراكز رفيعة بسبب الواقع السياسي الراهن، ولعدم وجود حكومة أصيلة، كما أنه يثبت حصص المرجعيات داخل الأجهزة ويؤكد حضورها، ما يعني أن الكل خرج رابحا. كما يريح الاقتراح القوى السياسية من مناقشة هوية ممثليها المقبلين لدى الأجهزة الأمنية، ويضع حدا للصراع المستحكم بين كبار الضباط في السباق على تولي المناصب التي ستشغر.

وتتوزع المواقع الأساسية في الدولة اللبنانية على 179 وظيفة من الفئة الأولى أو ما يعادلها، وستصبح العشرات منها شاغرة هذا العام، تضاف إليها المواقع التي شغرت في النصف الثاني من العام الماضي، وعجزت السلطة السياسية عن إجراء التعيينات لملئها، إثر إخفاقها في تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية التي حصلت منتصف شهر مايو الماضي.

وتشهد الساحة السياسية اللبنانية حاليا حالة من الغموض والقلق بشأن مسار العمل في المؤسسات الدستورية وبقاء البلاد في حالة الفراغ الرئاسي منذ الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، وما خلفه ذلك من تداعيات على عمل مجلس النواب تتعلق بمسألة التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، إلى جانب مخاوف حول مسار الحكومة التي تولت صلاحيات رئيس الجمهورية بحكم الدستور، في ضوء تهديد أحد الفرقاء السياسيين بانسحاب وزرائه في حال التمديد للقادة الأمنيين والعسكريين.

العرب

مقالات ذات صلة