نوستالجيا: “فرنسا أمّنا الحنون” و”باريس مربط خيلنا”..!

المخضرمون من الساسة اللبنانيين، وهُم باتوا قلّة، ما زالوا يحفظون من علاقة لبنان بفرنسا شعاريْن يعكسان شيئاً من الحنين، حين يذكرون شعار «فرنسا أمّنا الحنون» فهذا يعكس تعلُّق اللبنانيين بحقبة الثلث الأول من القرن العشرين، وصولًا إلى منتصف أربعيناته. لم يكن هذا الشعار وحيداً، بل أُضيف إليه شعار «باريس مربط خيلنا»، كدليل على حبّ اللبنانيين للعاصمة الفرنسية، وشغفهم بالسفر إليها.

 

لكن هذين الشعارَيْن أصبحا من الماضي، من زمن الإنتداب، فلا فرنسا ماكرون هي فرنسا ديغول وميتران وشيراك، ولا لبنان اليوم، هو لبنان كميل شمعون وفؤاد شهاب وشارل حلو. لبنان تغيّر، وفرنسا تغيّرت. لم يربط ماكرون شرف فرنسا، كما فعل ميتران، بسلامة العماد ميشال عون، ولم يخطب ماكرون في مجلس النواب كما فعل جاك شيراك. فرنسا غارقة اليوم في همومها، وما تستطيع تقديمه للبنان، هو استضافتها لاجتماعٍ خماسي تعرف أنّ دولتين حاضرتيْن، من الخمس، الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، مؤثّرتان، ودولتين غائبتين عن الاجتماع، إيران وسوريا، لديهما التأثير الذي يُحسَب له ألف حساب.

 

السؤال هنا: كيف بالإمكان الوصول إلى نتيجةٍ إيجابية، في غياب دولٍ مؤثِّرة؟

المعلومات الشحيحة الواردة من «الكي دورسيه»، مقر الخارجية الفرنسية، تؤكد أنّ المجتمعين لم يكونوا على موجةٍ واحدة لجهةِ مقاربة ملف انتخابات الرئاسة في لبنان، الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية تنطلقان من أولوية «المواصفات» وتقديمها على الأسماء، وحين يُصار إلى التفاهم على المواصفات، تصبح عملية الاختيار علمية ومنطقية وسهلة، انطلاقاً من المعايير التي تكون قد وُضعت.

 

في المقابِل، تولي فرنسا أهمية للإسم، وتُقدِّمه على المواصفات، وهي بهذا السلوك تحاول حشرَ الأطراف الآخرين ولا سيما الأميركيين، لكن حساباتها غير موفقة هذه المرة، ففرنسا تعاني مشكلة مستجدة مع إيران، الحاضر الغائب على طاولة «الكي دروسيه»، وهذا المعطى يضعها في موقفٍ ضعيف مع الجانب الإيراني، على رغم أنّ فرنسا كانت راعية الإمام الخميني إلى حين عودته الى ايران، وثمة مَن يقول إن فرنسا هي أم «الثورة الإيرانية، وإنْ كانت اليوم تدفع ثمن هذه الأمومة».

 

في ظل هذا الواقع، لا يبدو اجتماع باريس الخماسي أكثر من تشاور واستكشاف، ولعله الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، وثمة مَن يعتقد أنّ النجاح في باريس، يمر في فيينا، وما دون ذلك سيبقى اللبنانيون متعلقين بنوستالجيا «أمنا الحنون» و»باريس مربط خيلنا».

 

نداء الوطن

مقالات ذات صلة