“إنتفاضات” في اتجاهات مختلفة.. ومشاركة “على القطعة”!
تعقد حكومة تصريف الاعمال جلستها الثالثة في ظل الفراغ في سدة الرئاسة بعد تريث لأسبوع افساحاً في المجال امام الاتصالات لتخفيف حجم الاعتراض على عقد جلسات حكومية من اكثر من طيف سياسي وروحي. فهل وقوع موعد الجلسة في السادس من شباط سيزيد إحراج “حزب الله” امام تمسّك “التيار الوطني الحر” برفضه عقد جلسات للحكومة؟
يختصر 6 شباط عناوين الازمة والتحديات في لبنان بما سيحمله من تطورات تبدأ من السرايا الحكومية وتصل الى باريس، فإلى قصر العدل غير البعيد عن كنيسة مار مخايل التي احتضنت تفاهم “حزب الله” و”التيار البرتقالي” قبل 17 عاماً.
قبل اكثر من اسبوع اعلن الرئيس نجيب ميقاتي ان حكومته ستعقد جلسة لمناقشة الملف التربوي، ولا سيما ان الاضراب مستمر في المدارس الرسمية وانضمت اليه بعض المدارس الخاصة بعد اصرار الاساتذة على انصافهم وإن جزئياً في ظل تدهور اوضاعهم المعيشية اسوة بمعظم اللبنانيين.
وقتذاك، تمنى “حزب الله” على ميقاتي التريث في عقد جلسة للحكومة، إذ إنه كان يعالج النتوءات التي اعترت علاقته بحليفه “البرتقالي” بعد مشاركته في جلستي الحكومة في 5 كانون الاول و18 كانون الثاني الماضيين.
لكن الضغط الهائل للملف التربوي واطلاق وزير التربية عباس الحلبي صرخة لانقاذ العام الدراسي، ومن ثم تشديد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعد لقائه الرئيس نبيه بري في عين التينة على حجم الازمة التي يعيشها القطاع التربوي، وبالتالي ضرورة عقد جلسة للحكومة، ما يعني ضمناً العمل على اقناع “حزب الله” بالمشاركة في الجلسة، ولا سيما ان الحزب كان متريثاً في اعطاء الاجابة النهائية بشأن مشاركته في الجلسة التي سبق لميقاتي أن اعلن نيته لعقدها.
حجم الضغوط واستمرار الاضراب في المدارس وتضخم المطالب للقطاعين الرسمي والخاص والجامعة اللبنانية وعدم التوصل الى حلول، حتمت الذهاب الى الجلسة.
مصادر حكومية اكدت لـ”النهار” ان الوضع التربوي بات اكثر من ملحّ لوضعه على طاولة البحث الحكومي، فضلاً عن بنود اخرى متصلة وتحمل طابع الطارىء والضروري، ما دفع رئيس الحكومة الى توجيه الدعوة على قاعدة “ليتحمل كل طرف مسؤولياته وحتى لو بقي الرافضون والمتريثون على مواقفهم”، وفي ذلك اشارة الى “حزب الله”.
خلاصة ذلك ان هناك من يضع الحزب في موقع المفاضلة بين حلفائه وبين مطالب الناس الضرورية، وهذه المعادلة يرسمها حلفاء الحزب وكذلك مَن ليسوا من اصدقائه ويتركونه في مكان لا يحسد عليه. وللمصادفة جاء تحديد موعد الجلسة في الذكرى الـ17 لتوقيع “تفاهم مار مخايل” الذي يمر في مرحلة حساسة ودقيقة تستوجب اعادة النظر الجدية في مضمونه لضمان استمراره.
بَيد أن “حزب الله” ارتأى في نهاية المطاف المشاركة في جلسة اليوم وفق السيناريو الذي شهدته “جلسة الكهرباء”، وبالتالي مناقشة الملف التربوي الملحّ وربما بند آخر، ومن ثم تُرفع الجلسة فلا يكون الحزب قد ساهم في زيادة اعتراض حليفه العوني، ولا سيما ان هناك بنوداً على جدول الاعمال لا تحمل صفة الضرورة.
في مطلق الاحوال ان اعتراض “التيار الوطني” لن يتغير، وهو ما فتىء يصف جلسات الحكومة بغير الشرعية والفاقدة للميثاقية، مستندا الى دعم سياسي حتى من خصومه، فضلاً عن مواقف روحية منتقدة لممارسة الحكومة الحالية صلاحيات رئاسة الجمهورية.
اما كيف ستكون علاقة طرفي “التفاهم” على وقْع ما سيحدث في 6 شباط، فان الامور ستذهب في اتجاه مزيد من العتب “البرتقالي” على حارة حريك ولكن ضمن سقف يسعى الطرفان للحفاظ عليه استكمالاً للقاءي الرابية وميرنا الشالوحي.
وفي اختيار 6 شباط موعدا للاستحقاقات المعقدة، جاء تحديد قاضي التحقيق في ملف انفجار المرفأ طارق البيطار جلسة الاستجواب للنائب غازي زعيتر في ذلك التاريخ بما يعنيه للفريق السياسي الذي ينتمي اليه زعيتر، أي حركة “امل”، والذي يصف ما جرى في “انتفاضة 6 شباط” بنقطة تحوّل في لبنان.
فهل جاءت “انتفاضة قضائية” في التاريخ عينه لتكون نقطة تحوّل في التحقيق في انفجار المرفأ، أم هي مصادفة غير مقصودة؟