ملف إعادة الإعمار مُطوّق ومسرحيّة الوساطات لإنسحاب “إسرائيل”سقطت…فهل تبقى القرى المدمّرة رهينة؟

يبقى ملف إعادة إعمار القرى الجنوبية المهدّمة، من أبرز الاهتمامات التي تشغل الدولة وأبناء تلك البلدات، التي إنقلبت اوضاعهم وباتوا مشرّدين في أرضهم، ينتظرون العودة النهائية، التي تبدو بعيدة وفق المعطيات السياسية، التي تشير الى انّ الملف المذكور مطوّق من جميع النواحي بالشروط ، أبرزها تسليم سلاح حزب الله وتنفيذ القرارين 1701 و1559 مع كل الاصلاحات المطلوبة، وإلا لن تقدّم المساعدات الموعودة، مع الإصرار على انّ اي تأخير في التنفيذ يعني في المقابل لا إعمار، ما يضع تلك القرى في خانة الرهينة، كما يضع الحكومة امام التحدّيات والانظار الخارجية التي تراقبها على اي خطأ، خصوصاً انها نالت ثقة مجلس النواب بنسبة عالية، وبيانها الوزاري كان واضحاً من ناحية بنوده التي تؤكد على تحقيق الاصلاح على كل المستويات.
الى ذلك، تبدو العوائق والشروط مفروضة على الخط اللبناني فقط، فيما تتغاضى بقوة وبصورة علنية على الخط “الاسرائيلي”، من ناحية الصمت امام احتلال “اسرائيل” للنقاط الخمس الاستراتيجية في الجنوب، إضافة الى غض النظر عن المنطقة العازلة التي تنوي إقامتها عند الحدود، ما يعني مخالفة فاضحة للقرار الدولي1701.
في السياق، وعلى الرغم من مطالبة لبنان بوساطات من الدول الراعية لوقف إطلاق النار، وبضرورة إنسحاب “إسرائيل” من المواقع التي تحتلها، إلا انّ النتيجة تبدو وكأنّ تلك الوساطات مجرّد مسرحية خصوصاً من الجانب الاميركي، الذي يمون بقوة على “إسرائيل” ويملك التأثير الكبير عليها، من ناحية إعطائها الضوء الاخضر لأي عملية تقوم بها والاسباب معروفة، لذا يمكنها بكل بساطة إلزامها بالانسحاب من المواقع الحدودية، من خلال هيئة المراقبة الدولية التي يترأسها الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز.
في غضون ذلك، تبرز المخاوف من بقاء هذا الملف من دون اي حل حتى أمد بعيد، بالتزامن مع كل التداعيات السلبية التي نتجت عنه، فهنالك بلدات حدودية مدمّرة بشكل شبه كامل، وصل بعضها الى نسبة تسعين في المئة، وبعضها الآخر الى سبعين، ومن أبرز البلدات المهدّمة: مارون الراس، ميس الجبل، مركبا، العديسة، كفركلا، الطيبة، عيترون، الناقورة، يارون، فضلاً عن قرى دمّرت بالكامل في القطاعين الغربي والشرقي، مع غياب كلّي لشبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والطرقات اي لكل البنية التحتية، ما يجعل منازل تلك القرى غير صالحة نهائياً للسكن.
وعلى الرغم من هذه الصور القاتمة، ينقل بعض الاهالي الجنوبيين بأنهم باشروا اعمال الترميم لمنازلهم من نفقتهم الخاصة، بعدما قاموا بتعبئة إستمارات من البلدية التابعين لها جغرافياً، على ان يرفقونها لاحقاً بفواتير يقدمونها للبلدية مع صور سابقة للمنزل، اي قبل الترميم وبعده تكون بمثابة مستندات رسمية تحفظ حقهم، وتدفع لهم الأموال حين تتوفر من قبل الدولة.
في سياق متصل، ووفق “الدولية للمعلومات” فإن 22 بلدة مدمّرة بشكل شبه كامل على الشريط الحدودي من اصل 29 ، وتضّم ما يقارب 22 الف وحدة سكنية مهدّمة نهائياً من ضمنها قصور حديثة.
وسط هذه الاجواء السوداء، لا بدّ من الإشارة الى انّ ثغرة ايجابية فتحت في الامس، من خلال صيغة جديدة تعمل عليها “اللجنة الخماسية”، بهدف إنسحاب “إسرائيل” من النقاط الجنوبية، وهذا ما أشار اليه السفير المصري في لبنان علاء موسى، بعد لقاء اللجنة رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة، حيث أعرب موسى عن إلتزامه بتنفيذ ما جاء في البيان الوزاري وخطاب القسم.
صونيا رزق- الديار