متى تتوقّف الأجهزة الأمنية عن مخالفة القانون؟

اعتادت الأجهزة الأمنية والعسكرية إصدار وثائق اتصال (تصدرها مخابرات الجيش) وكتب معلومات (قوى الأمن الداخلي)، ولوائح إخضاع (الأمن العام) من دون الرجوع إلى القضاء تنفيذاً لإشارةٍ قضائية. وثائق الاتصال وكتب المعلومات تؤدي إلى توقيف الأشخاص الصادرة في حقّهم، بناءً على قرار أمني بحت، وتحويلهم إلى التحقيق، فيما لا يتجه الأمن العام في غالب الأحيان إلى توقيف من تصدر في حقهم لوائح إخضاع، لكنّ هؤلاء يُمنعون من إجراء أي معاملة لدى الأمن العام، كالاستحصال على جواز سفر أو استقدام عاملةٍ أجنبية…
ويصل عدد وثائق الاتصال وكتب المعلومات وبلاغات الإخضاع الصادرة حتى اليوم إلى نحو 60 ألفاً، 40 ألفاً منها بحق أشخاصٍ من منطقة البقاع الشمالي.
سنداً لأحكام القانون، يمكن فقط لقضاة النيابة العامة إصدار بلاغات البحث والتحرّي، فيما تُعد البلاغات التي تصدرها الأجهزة الأمنية من «البدع» التي تمسّ بالحرية والحقوق الشخصية، وتعرّض لتوقيفات اعتباطية أو تعسّفية، وهي مُعتمدة بشكل أساسي في الأنظمة البوليسية، وقد دخلت لبنان في حقبة سيطرة النظام السوري السابق.
في 24 تموز 2014، أصدرت حكومة الرئيس تمام سلام قراراً بإلغاء جميع هذه التدابير لعدم استنادها إلى أي نصٍّ قانوني. وعطفاً على القرار، وتطبيقاً له، صدر في آب 2014، تعميم عن النائب العام لدى محكمة التمييز رقم (62/ص/2014) ألغى جميع بلاغات البحث والتحريّ المُعمّمة استناداً إلى وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة حتى تاريخه عن الأجهزة العسكرية والأمنية. وقد التزمت قوى الأمن الداخلي بالقرار، بخلاف مخابرات الجيش والأمن العام، في مخالفة لا لبس فيها من الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وبعد جلسة لمجلس الوزراء في 9 كانون الثاني الماضي، أصدر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي تعميماً طلب فيه إلى الأجهزة العسكرية والأمنية التقيّد بقرار حكومة سلام (2014)، وتنفيذاً له ولأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية (الرقم 328) المعدّل بالقانون (الرقم 359) سيّما المادة (24)، طلب ميقاتي إلى الأجهزة المعنية إعداد تقرير مفصّل لوثائق الاتصال ولوائح الإخضاع الصادرة حتى تاريخه يتضمّن تبويباً لها، تمهيداً لإلغاء مفاعيلها بصورةٍ فورية. ومرة جديدة لم ترضخ الأجهزة.
رحلت حكومة ميقاتي، وتولّت زمام الأمور حكومة «العهد الجديد» برئاسة القاضي الدولي نواف سلام، فهل يتغيّر النهج المعتمد من قبل الأجهزة لضمان أكبر للحريات، وهو ما يستلزم المتابعة مع المسؤولين قضائياً عن هذا التسيّب، وهم على المستوى القضائي: مدّعي عام التمييز ومفوّض الحكومة، وعسكرياً قائد الجيش ومدير المخابرات والمدير العام للأمن العام، وسياسياً وزراء الدفاع والداخلية والعدل لمسؤوليتهم جميعاً عن النيابات العامة والأجهزة العسكرية والأمنية وقادتها؟
ندى ايوب- الاخبار