اعتداءات اسرائيلية أو منع “الحزب” من ترميم بنيته: قطبة مخفيّة حول هوية من يخرق الاتفاق؟

تستمر العمليات العسكرية الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية، بل حذّرت اسرائيل المسؤولين اللبنانيين من إستهداف كل مواقع “حزب الله” على كامل الأراضي اللبنانية، ومن ضمنها الضاحية الجنوبية إذا استمر “الحزب” في خرق اتفاق وقف إطلاق النار، فيما الحكومة اللبنانية و”الحزب” يتّهمان اسرائيل بخرق الاتفاق، وبالتالي لا بد من طرح السؤال: أين الحقيقة؟
في الواقع، هناك قطبة مخفيّة حول هوية من يخرق الاتفاق، فإسرائيل تزعم وجود نشاطات لـ”الحزب” يتم استهدافها مثل نقل أسلحة أو تهريب أموال وما إلى ذلك، أما الجانب اللبناني فيعتبر أن ما تفعله اسرائيل هو اعتداء على أراضٍ لبنانية وخصوصاً وجودها المستمر في خمس نقاط استراتيجية في الجنوب.
أما الباحث في شؤون الأمن والدفاع رياض قهوجي فيرى أنه وفق ما هو معلن في اتفاق وقف إطلاق النار يتبيّن أن اسرائيل تخرق وقف النار، لكن هناك أمرين لا نعرفهما: أولاً هل هناك إتفاق غير معلن بين الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل بمعرفة من الرئيس نبيه بري، يمنح تل أبيب حق التحرّك واستهداف أي نشاطات لـ”الحزب” مثل مخازن أسلحة وغيرها؟ ثانياً، هناك نوع من انعدام الشفافية من جانب السلطات اللبنانية حول مصير ترسانة “الحزب” العسكرية، ويبقى السؤال: هل سلّمت إلى الجيش اللبناني؟ وهل سهّل “الحزب” عمل الجيش في السيطرة على مواقعه وخصوصاً مصانع الصواريخ في لبنان؟
ويلفت قهوجي إلى أن هذا الأمر ستسأل عنه الدولة اللبنانية في المحافل الدولية عندما تطالبها بتطبيق الاتفاق من جهة وإلزام اسرائيل بتنفيذ ما تبقى من بنود أي انسحابها من النقاط الحدودية الخمس من جهة أخرى، مشيراً إلى أن موقف لبنان سيكون ضعيفاً إذا لم يلتزم “الحزب”.
لا شك في أن معطيات عديدة، تتقاطع حول استمرار الدعم الايراني، ويؤكد قهوجي أن وقف رحلات الطائرات الايرانية إلى بيروت سببه وجود أدلة بأن طهران تحاول إيصال أموال إلى “الحزب” بصورة غير شرعية، متخطية الحكومة والدولة اللبنانية. ولا يخفي النظام الايراني محاولاته لتغيير الوضع في سوريا بهدف إعادة فتح خطوط الإمداد مع “الحزب”، وما تمّ اكتشافه مؤخراً حول تورطّ جهات تركيا في نقل الأموال الايرانية إلى لبنان سينعكس سلباً على تركيا في الفترة المقبلة.
في المقابل، لا تبدو الدولة اللبنانية ممسكة بالأرض حتى الآن، بدليل استمرار الغارات الاسرائيلية على مواقع “الحزب”، وهذا ما يؤكّد وجود نشاطات له على الأرض لإعادة ترميم بنيته العسكرية، وهذه نقطة سلبية ليست لمصلحة الحكومة اللبنانية الجديدة.
لكن اللافت أن “الحزب” لا يرد على الخروق الاسرائيلية، ويوضح قهوجي أنه “يعاني من الضعف والعجز، ووضعيّة بيئته لا تسمح له بالمغامرات، هناك 100 ألف شخص بلا مأوى نتيجة الدمار المطلق، وإذا غامر وفتح الجبهة مجدداً، فلن ترحمه اسرائيل لأنها لا تزال في حالة حرب، وستعمل على تشريد عشرات الآلاف من منازلهم مجدداً، إضافة إلى قصف البنية التحتية في لبنان، ما سيزيد نقمة بيئته عليه”.
ولا بد من الأخذ في الاعتبار أن الواقع الاقليمي لا يخدم “الحزب”، ويعتبر قهوجي أن قدرات ايران تراجعت، وهي تعاني من الضعف، وقد انعكس انهيار نظام البعث السوري على جسور الامداد بين ايران و”الحزب”، والضغوط الدولية مستمرة على كل أجزاء محور الممانعة، وها هي الضغوط مستمرة مثلاً على الحشد العراقي لإنهاء دوره في العراق، إضافة إلى أن ايران تعيش حالة خوف من تحرّك عسكري اسرائيلي-أميركي ضد منشآتها، وهذا ما سينعكس على “الحزب” حتماً!
جورج حايك- لبنان الكبير