كيف يختلف الصيام المتقطع عن رمضان؟

يُعتبر الصيام من أقدم العبادات التي مارسها الانسان على مر العصور، ويحمل في طياته معاني روحية وصحية عميقة. ويعتبر شهر رمضان المبارك أحد أبرز المناسبات التي يمتنع فيها المسلمون عن الطعام والشراب من الفجر حتى المغرب، كوسيلة لتقوية الايمان وتعزيز الشعور بالتقوى. وانتشر مؤخراً مفهوم “الصيام المتقطع” كأحد أنماط التغذية الحديثة، الذي يعتمد على فترات معينة من الامتناع عن الطعام لتحسين الصحة العامة وخسارة الوزن.
أخصائي التغذية ايلي سعادة أوضح لـ”لبنان الكبير” أنّ “الصيام العادي في رمضان هو الامتناع كلياً عن الأكل والشرب تقريباً لمدة ١٦ ساعة، أمّا الصيام المتقطع فهو نظام غذائي نحدد من خلاله فترات الأكل. أشهر نوع من الصيام المتقطع هو نظام ١٦/٨ ما يعني ١٦ ساعة صيام وامكان تناول الطعام خلال ٨ ساعات، كما هناك ١٤/١٠ او ١٢/١٢ أو يوم/ يوم أي أن يصوم الشخص يوماً ويتناول الأكل طبيعياً في اليوم التالي. الفرق الرئيسي بينهما أنّ صيام رمضان هو صيام ديني أمّا الصيام المتقطع فهو نظام غذائي يُعتمد لانقاص الوزن أو حتى يكون الأشخاص بصحة جيدة. والفرق الثاني أنّ الشخص في رمضان يمتنع عن شرب المياه والسوائل أثناء الصيام، لكن في الصيام المتقطع المياه مسموح به وقت الصيام أو حتى السوائل من دون سكر”.
وأضاف: “في فترة الصيام أول ٤ الى ٦ ساعات يعتمد الجسم على الغلوكوز من الأكل حتى يأخذ الطاقة، فيرتفع ومقابله يرتفع الانسولين حتى يخزن الفائض في الكبد والعضل على شكل يسمى غلايكوجين. من ٦ الى ١٢ ساعة يستخدم الجسم مخزون الغلايكوجين حتى يأخذ الطاقة وبعد ١٢ الى ١٦ ينخفض هذا المخزون، وحينها يحرق الجسم الدهون حتى يأخذ الطاقة التي يريدها. في رمضان بسبب الامتناع عن المياه والأكل لفترات طويلة يكون هناك تباطؤ في التمثيل الغذائي لكن الجسم يتكيف بعد عدة أيام، أمّا في الصيام المتقطع فالجسم يكون مستقراً أكثر لأن لا جفاف بسبب النقص في شرب المياه وحرق الدهون يكون بكميات أكبر بسبب نسبة المياه التي تدخل الجسم خلال الصيام”.
وأكد سعادة أنّ “النوعين من الصيام مفيدان لكن الصيام في رمضان يحتاج الى ادارة أكثر من ناحية الافطار والسحور حتى نأخذ الطاقة والترطيب اللازم لجسمنا. هناك فوائد مشتركة بين الصيام في رمضان والصيام المتقطع منها تحسين حساسية الانسولين، انقاص الوزن، تحسين صحة القلب نتيجة انخفاض ضغط الدم، وتقليل الالتهابات. وللصيام في رمضان تأثيرات ايجابية وسلبية على مستوى الطاقة والنشاط البدني، في الأيام الأولى من الصيام يشعر الصائم بتعب شديد، لكن بعد تكيف الجسم يبدأ باستخدام الدهون كمصدر للطاقة لتحسين التركيز وتقليل الشعور بالجوع خصوصاً عندما يكون الافطار والسحور متوازنين. وهناك تحديات في هذه الفترة منها نقص المياه التي تؤدي الى الجفاف وبالتالي انخفاض مستويات الطاقة التي بدورها تسبب وجعاً في الرأس ودواراً خصوصاً في فصل الصيف”.
أفضل وقت لممارسة الرياضة في رمضان هو بعد الافطار بساعتين أي عند هضم الطعام وعودة مستوى السكر إلى طبيعته. ويمكننا ممارسة الرياضة قبل الافطار بساعة ويجب ألا تكون التمارين قوية، بحسب سعادة الذي لا ينصح بممارسة الرياضة قبل الافطار.
وبالنسبة الى أفضل الأطعمة التي يجب تناولها في رمضان لتعويض العناصر الغذائية المفقودة، شدد سعادة على وجوب أن يبدأ الافطار بتمر ومياه لأن التمر هو مصدر سريع للطاقة والسكريات الطبيعية وفيه بوتاسيوم ومغنيسيوم ويعوض المعادن التي خسرناها. وبالنسبة الى المياه، فهي تقوم بترطيب الجسم وفيها معادن. الوجبة الأساسية يجب أن تكون مكونة من نشويات وكربوهيدرات حتى نأخذ طاقة للجسم بصورة مستدامة ومنها الأرز والكينوا والبطاطا الحلوة والبرغل والشوفان، اضافة الى البروتين كاللحم والدجاج المشوي والسمك أو البروتين من خلال العدس والحمص أو الفاصوليا. كما يجب أن يكون الطعام غنياً بالدهون الصحية حتى نزيد الشبع (زيت زيتون- أفوكادو- مكسرات- سردين- سلمون)، اذ يساعد الدهن على امتصاص الفيتامينات من الطعام كما تقوم المياه بذلك، ويمكن شربها خلال الأكل. كما أنّ الخضار غنية بالألياف التي تحسن عملية الهضم وتمنع الامساك.
الصيام في رمضان تأثيره أقل على انقاص الوزن، فمن الممكن أن لا يكون فاعلاً بسبب دسامة الوجبة على الافطار، لكن من الممكن أن ينقص الوزن اذا كنا نقوم بتوازن بين السحور والافطار، بحسب سعادة، الذي يحبذ في الصيام المتقطع تناول الطعام من العاشرة قبل الظهر حتى السادسة مساءً ومن ثم الصوم من السادسة مساءً حتى العاشرة قبل الظهر، وهذا يؤدي إلى الهضم بصورة صحيحة. أما بالنسبة الى الوزن فمن الممكن أن ينقص في كلا النوعين من الصيام والعكس ممكن، وهذا يعتمد على مدة الصوم ونوعية الأكل وممارسة الرياضة لكن الصيام المتقطع أفضل لانقاص الوزن أكثر من رمضان، لأنه يمكن الاكمال به لفترات طويلة من دون وجود تأثيرات سلبية وهذا بسبب الحصول على المياه والسوائل ولأن الصيام المتقطع يحافظ على استقرار السكر في الدم.
وبالنسبة الى الصيام للذين يعانون من مشكلات صحية كالضغط والسكري وغيره، قال سعادة: “قد يكون من الجيد اتباع الصيام لكن يجب أن يكون هناك اشراف طبي بسبب وجود أدوية يجب تناولها في أوقات معينة خلال النهار أو بعد وجبة معينة. الصيام المتقطع هو أفضل لمريض السكري لأنه يساعد على تحسين حساسية الانسولين ويقلل من مقاومته ويسمح بشرب المياه، الصيام الطويل غير محبذ وصيام رمضان يحتاج الى مراقبة خاصة لأنه أصعب من الصوم المتقطع”.
تالا الحريري- لبنان الكبير