مُستوطنو شمال فلسطين المحتلّة لن يعودوا… ويتحسّرون على عودة أهالي الجنوب: هل هو انتصار للحزب؟

حدد رئيس حكومة العدو “الاسرائيلي” بنيامين نتنياهو موعداً لعودة سكان المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، وعند الحدود مع لبنان في الجنوب، يوم غد في اول آذار، لكنه جوبه من غالبية المستوطنين والبالغ عددهم نحو 65 الفا برفض العودة غير الآمنة، والتي نزحوا من منازلهم نتيجة الحرب التي فتحها لاسناد غزة حزب الله الذي لم يقض عليه، وقوته العسكرية ما زالت قائمة وان تراجعت بنسبة عالية بعد العمليات العسكرية، وفق ما يؤكد رؤساء مجالس المستوطنات والمدن، وقد شهدوا كيف كانت الصواريخ والقذائف تتساقط على كل الشمال وصولاً الى “تل ابيب”، وان حزب الله لم يخسر كل قدرته العسكرية.
ويحاول جيش الاحتلال ارسال تطمينات الى المستوطنين، بانه وخلال فترة وقف اطلاق النار على مدى ثلاثة اشهر، قام ايضاً بتدمير كل البنية العسكرية والمدنية لحزب الله الذي اخلى مراكزه جنوب الليطاني، ولم يعد قادراً على استخدام الانفاق التي كان يهدد بانه منها كان سيدخل الى الجليل الاعلى في فلسطين المحتلة، كما فعلت حركة “حماس” في غلاف غزة في عملية “طوفان الاقصى” في 7 تشرين الاول 2023، الا ان مستوطني الشمال ليسوا متحمسين للعودة، على عكس ما فعله اهل جنوب لبنان الذين انتقلوا الى مدنهم وقراهم مع انتهاء مهلة 60 يوماً في اتفاق وقف اطلاق النار في 27 كانون الثاني الماضي، والذي مُدد الى 18 شباط الحالي، فواجهوا الاحتلال “الاسرائيلي” بدباباته وجنوده، وسقط منهم نحو 150 شهيداً وعدد كبير من الجرحى، لكنهم اصروا على الوصول الى منازلهم المدمرة، فبقوا في اماكن عودتهم بين الدمار وانعدام الخدمات من ماء وكهرباء واتصالات هاتفية، وطرقات محفرة جرفتها آليات العدو العسكرية، الذي قرر بالتدمير الممنهج، ان يمنع العودة للاهالي، والذي يعرف بانهم هم بيئة المقاومة، فسقط منهم مئات الشهداء اثناء محاولاته المتكررة التوغل في بلدات وقرى الحافة الامامية عند الشريط الحدودي، لا سيما في عيتا الشعب وكفركلا والخيام وبليدا وعيترون ومارون الراس وميس الجبل وغيرها، فلم يدخلها الا بعد وقف النار.
ويتحسر المستوطنون “الاسرائيليون” كيف عاد اهل الجنوب، وهم مترددون في العودة، لان الامن النهائي لم يتحقق كما يعلن مسؤولون في المستوطنات، حيث حاول قادة العدو بث الطمأنينة في نفوسهم، بالاشارة الى ان المراكز الخمسة التي بقي فيها جنود الاحتلال عند الحدود اللبناني، والتي تشرف على المستوطنات، فانما هي “حزام امني” يبدأ من الناقورة غرباً الى القطاع الشرقي، فلا خوف من تسلل عناصر لحزب الله او اطلاق صواريخ من جنوب الليطاني، لان حزب الله لم يعد يملك قوة عسكرية، وتم القضاء على “قوة الرضوان”، التي كانت تشكل خطراً على المستوطنات، وفق ما يقول قادة العدو من سياسيين وعسكريين، لمجالس المستوطنات.
وما زال المستوطنون “الاسرائيليون” خائفين من العودة، فيشكو رؤساء مجالس محلية، من ان نحو 70%من المنازل مدمرة وغير صالحة للسكن، ولا وجود لبنية تحتية، فالمراكز الصحية مقفلة والمدارس غير مؤهلة، ولا امان للعودة، ويحمّل المستوطنون الحكومة “الاسرائيلية” برئاسة نتنياهو بانها تخلت عنهم، ولم تبدأ باعادة الاعمار، او دفع التعويضات، وفق ما تتناقله تقارير اعلامية عن المستوطنين الذين اعلن نحو 40% بانهم لن يعودوا الى شمال فلسطين المحتلة، وامّنوا سكنهم في اماكن بعيدة عن الحدود.
فمستوطنة المطلة المواجهة لبلدة الخيام وسهلها وكفركلا، يبدو الدمار كبيرا فيها، وهي وبعد مرور اربعة اشهر على الهدنة مع لبنان، فان تقريراً “اسرائيلياً” نشر عن رئيس السلطة المحلية في المطلة دافيد ازولاي، كشف فيه عن ان 62% من السكان لا يخططون للعودة في آذار، فيما اعلن 16% منهم انهم لن يعودوا ابداً، وهذا وضع مقلق يقول ازولاي الذي يشير الى ان الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن رمز النصر الذي تطمح اليه الحكومة “الاسرائيلية” الى تحقيقه، وان لا مكان للعودة في الوضع الحالي الذي يوجد في المطلة 460 منزلا من اصل 620 مدمراً بالكامل، ولا يعيش في المطلة سوى 20 مستوطناً.
فالاضرار التي لحقت بمستوطنات شمال فلسطين المحتلة لحقت بنحو 2900 مبنى من جراء نيران حزب الله، وان الخسائر تفوق 9 مليارات شيكل، وهذا ما يشكل عبئاً على الخزينة “الاسرائيلية” التي تعاني من خسائر مالية واقتصادية ضخمة، بسبب الحرب التي لم يوقفها نتنياهو الذي تدنت شعبيته، ويطالبه “الاسرائيليون” بوقف الحرب التي تسببت بكارثة وبدعوته الى الاستقالة والمحاكمة.
وبسبب ما حل بالكيان الصهيوني منذ اغتصاب فلسطين عام 1948، وفق ما يؤكد مسؤولون “اسرائيليون” ويعلنون ان الحكومة الحالية التي تسيطر عليها الاحزاب الدينية اليهودية المتطرفة، ستجلب “الخراب الثالث” للدولة العبرية التوراتية، التي يرى قادة هذه الاحزاب، ان اقامة “اسرائيل الكبرى” باتت قريباً، اذا استمرت الحرب التي يطالب بها كل من ايتمار بن غفير وتسائيل سموتريتش، لان توقفها من دون ابادة الشعب الفلسطيني كما حصل في غزة وتهجيره منها، واستعادة الضفة الغربية كاملة، وبناء هيكل سليمان وتدمير مسجد الاقصى، فان “اسرائيل” الى خراب وزوال.
وكشفت دعوة الحكومة “الاسرائيلية” المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة للعودة، حجم الدمار الذي لحق بالمستوطنات، والخسائر المادية التي وقعت فيها، وهو ما لم يعرفه الكيان الصهيوني في حروبه السابقة، فان يعود اهالي الجنوب الى مدنهم وقراهم، ويتردد المستوطنون، فهو بنظر “الاسرائيليين” انتصار لحزب الله، وهو ما دفع بمستوطنين الى الدعوة لعدم الانغماس في الراحة المدمرة التي تسعى، على الرغم من الانجازات المذهلة، الى ترك الشمال بلا سكان وهو ما يريده حزب الله، الذي سيواجه تأخيرا في اعادة الاعمار لا بل منعه بقرار اميركي، قبل ان تفكك ترسانته العسكرية.
كمال ذبيان- الديار