لا نقاط مشتركة بين“الحزب” و”القوات”: عدوّان أم خصمان؟

لا علاقة مباشرة بين “حزب الله” و”القوات اللبنانية”، بل تكاد الخصومة المستفحلة بينهما تتحوّل إلى عداء، وقد لاحظ مراقبون أن “القوات” كانت الحزب الأبرز المستثنى من دعوات المشاركة في تشييع الأمين العام لـ “الحزب” حسن نصر الله يوم الأحد الفائت.
من الواضح أن “القوات” ليست عاتبة، إذ لم تكن تنتظر أن تتم دعوتها للمشاركة في هذه المناسبة، بل على العكس خلفية الأجواء التي سبقت هذا اليوم بين جمهوري الحزبين كانت متوترة، وهذا ما برز في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن قيادة “القوات” وحرصاً على القيم الأخلاقية منعت جمهورها من التعليق على التشييع، وخصوصاً أنها تؤمن بـ”حرمة” الموت وتحرص على السلم الأهلي وعدم استفزاز مشاعر الآخرين الذين يعتبرون من مكوّنات الوطن اللبناني.
لا شك في أن الجمهورين قطعا شعرة “معاوية”، وتجاوزا مشاعر الخصومة إلى العداء، وغالباً ما يلجأ جمهور “الحزب” إلى تخوين الفريق السيادي معتبراً أنه صهيوني، لمجرد أنه يعارض سياسة الهيمنة الايرانية في لبنان ويريد دولة فعلية.
وما زاد الهوّة بين الحزبين المواجهات السياسية الضارية على خلفية انفجار مرفأ بيروت ومسار التحقيق الذي يقوده القاضي طارق البيطار ثم حوادث الطيونة وعين الرمانة وصولاً إلى اغتيال القيادي في “القوات” الياس الحصروني الذي تتهم فيه الأخيرة “الحزب”.
لكن اللافت أن “القوات” على الرغم من التناقض مع مشروع “الحزب” السياسي، أقدمت خلال الحرب الأخيرة على خطوة ايجابية في مناطق نفوذها ولا سيما دير الأحمر عندما فتح أهاليها المؤيدون لـ”القوات” سياسياً، بيوتهم لبيئة “الحزب” التي نزحت من مناطقها بفعل التدمير الاسرائيلي. ومع ذلك، لم يثمّن “الحزب” خطوة “القوات” واستمر في معزوفة “التخوين”.
لا نقاط مشتركة بين “الحزب” و”القوات” بدءاً من القيادتين وصولاً إلى الحزبيين والمؤيدين والمناصرين، ولو أن نواب كلا الحزبين انتخبوا العماد جوزاف عون رئيساً. ويؤكد باحث أكاديمي أنه لا يمكن القول إن “القوات” و”الحزب” عدوّان، فالأعداء لا يمكن أن يجلسوا مع بعضهم البعض، فيما الحزبان يتعايشان في البرلمان والحكومة ويخضعان للاستحقاقات الدستورية نفسها، مشيراً الى أن “العدو الوحيد للبنان هو اسرائيل، أما في الداخل اللبناني فلا وجود لأعداء”.
مع ذلك، يعترف الباحث بأن بين الحزبين خصومة حادة من طبيعة استراتيجية، ويمتد صراعهما منذ العام 2005 وحتى اليوم، وخصوصاً أن “القوات” تعتبر “الحزب” ورث نظام “البعث” السوري عبر وضع يده على القرار الاستراتيجي للدولة واحتكر قرار السلم والحرب، والتناقض بينهما يُختصر في مشروعيهما على الشكل التالي: مشروع “القوات” وهي رأس حربة فيه يقضي بقيام دولة فعلية، يُطبّق فيها الدستور والقرارات الدولية، وتحتكر فيها الدولة السلاح وتفرض سلطتها على كل الأراضي اللبنانية. أما مشروع “الحزب” فيربط لبنان بإيران ويبقي البلد ساحة مستباحة لنفوذها ويورّطه في حروب ومشكلات كبيرة، وهو يريد دولة شكليّة وصوريّة لمصلحة مشروعه الاقليمي الكبير.
“الحزب” و”القوات”، خاض كل منهما تجربة عسكرية، ولو في حقبتين مختلفتين، الأول لا يزال يتمسّك بسلاحه والثاني سلّم سلاحه في مطلع التسعينيات إلى الدولة وانصرف إلى السياسة، وبالتالي صراعهما السياسي سيستمر إلا إذا احتكم “الحزب” إلى الدولة وسلّم سلاحه إلى الجيش اللبناني واكتفى بالتنافس السياسي!
جورج حايك- لبنان الكبير