حزب الله” يُشهر “ترسانته الشعبية الثقيلة”.. وموقف مرن متقدم من أمينه العام”!

مع أن التقديرات السابقة ليوم تشييع الأمينين العامين الراحلين لـ”حزب الله” السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين كانت تتوقع أعداداً كبيرة للمشاركين من أنصار الحزب، فإن الحشود التي تدفقت على مدينة كميل شمعون الرياضية ومحيطها اتّسمت بضخامة مشهودة عكست بلوغ التعبئة الحزبية والشعبية للحزب ذروة غير مسبوقة في هذا الحدث المفصلي من مصير الحزب.
ذلك أن تشييع السيد نصرالله أريد له أولاً أن يتوّج شهادة الزعيم الأبرز لـ”حزب الله” الذي سقط في أعتى حرب دارت بين الحزب وإسرائيل بفعل اندفاع نصرالله نحو مواجهة “وحدة الساحات”، ولذا برزت مشاركة الوفد الإيراني كأكبر وفد أجنبي بين الوفود الخارجية التي جاءت خصوصاً من دول “محور الممانعة” وبالأخص إيران والعراق واليمن.
كما أن الحشود الضخمة (ذهبت تقديرات إلى الحديث عن مئات الألوف) عكست الرسالة الأساسية التي برزت من خلال التشييع وأراد أن يطلقها الحزب نحو إسرائيل كما نحو الداخل اللبناني والخارج العربي والدولي، وهي أن الحزب أخرج “ترسانته البشرية” الثقيلة رداً على المعطيات والانطباعات الجارفة منذ اغتيال قياداته وكوادره وتكشّف الخسائر العسكرية الجسيمة والقاسية التي أصابته ناهيك عن انقطاع الجسر الحيوي الرئيسي الذي كان يشكل شريان تسليحه ومدّه بالقدرات العسكرية عبر سوريا. لذا تجاوزت الحشود المناسبة بذاتها على أهميتها الكبيرة بالنسبة إلى مكانة نصرالله وصفي الدين في صفوف المحازبين والأنصار، إلى الرد الضمني العابر للرسائل بمعنى تعويض الحزب ما مني به معنوياً وعسكرياً وبشرياً والإبقاء على صورة القوة النابعة من قوته الشعبية.
بيد أنه من باب التدقيق في وقائع التشييع برزت مفارقتان لافتتان، تمثلت أولاهما في الموقف المرن المتقدم للأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم من الانضواء ضمن ورشة إعادة بناء الدولة والتزام الطائف وهو موقف يكتسب دلالات بارزة ولكنه انطوى على تناقضات عندما أدرج “الحق في المقاومة” إلى جانب التزام الدولة. كما توقف المراقبون عند موقف لافت لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون أمام الوفد الإيراني اعتبر بمثابة رسالة سيادية تتوج التعامل بندية مع إيران.
مراسم تشييع السيدين نصرالله وصفي الدين في المدينة الرياضية، مرت بحد أقصى من الترتيبات الأمنية التي ضمنت تدفق الحشود من دون حوادث أو اشكالات تذكر. وتقدم الحضور الرسمي والسياسي والديبلوماسي رئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته الرسمية والحركية كما بصفته ممثلاً لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون، ووزير العمل محمد حيدر ممثلاً رئيس الحكومة نواف سلام. وكان الوفد الإيراني أكبر الوفود الخارجية إذ ضم وزير الخارجية عباس عراقجي ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، بالإضافة إلى عائلات الرئيس الإيراني السابق ابراهيم رئيسي، ووزير الخارجية الإيراني السابق حسين عبد اللهيان وقائد قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ومستشار الرئيس الإيراني محسن رضائي وما يقارب الأربعين نائباً.
النهار