الحكومة والجيش يتشددان حيال “تنمر” الحزب: أهدافه تنقلب ضده !

مع أن “حزب الله” مضى في محاولاته للتنمر على الدولة اللبنانية وإطلاق رسائله التي يريد من خلالها إظهار استمرار قوته في الإمساك والتحريك للشارع الموالي له، فإن الساعات التي أعقبت اعتداء أنصاره يوم الجمعة الماضي على اليونيفيل والمواطنين على طريق مطار رفيق الحريري الدولي عكست انقلاب ما أراده من أهداف ضده تماماً. إذ إنّ الدولة اللبنانية من أعلى هرمها ممثلاً برئيس الجمهورية ومروراً برئيس الحكومة والحكومة وتدرجاً إلِى الجيش والقوى الأمنية بدت مستنفرة تماماً لمواجهة حازمة لممارسات أنصار الحزب ومنعهم من التسبب من الأذى الإضرار والتشويه لمسيرة العهد والحكومة في بدايتهما كما لتجنيب لبنان كلفة موقف خارجي بالغ السلبية. ذلك إنّ الأصداء الدولية والغربية عموماً حيال اعتداء أنصار “حزب الله” على قافلة لليونيفيل وإصابة نائب قائد اليونيفيل المنتهية ولايته وعنصرين معه بجروح بعدما أثارت موجة واسعة فورية من الإدانات عكست مواقف شديدة الخطورة على لبنان ان لم يواجه بحزم العبث والفوضى والتفلت الذي عكسته ممارسات أنصار الحزب في الأيام الثلاثة الأخيرة. وإذا كان الحزب عمد إلى مزيد من التعنت والتصلب والتهور أمس بتنظيمه تجمعاً لأنصاره على طريق المطار القديم انتهى بغوغاء ولو اقل فوضوية من الجمعة فإن الجيش أظهر رسالة حزم ترجمة للقرار السياسي الذي بلورته اجتماعات السرايا وبعبدا اذ أوقف ما لا يقل عن خمسة وعشرين متورطاً في الاعتداء على قافلة اليونيفيل والمواطنين على طريق المطار.

ولعل هذا الحزم دفع بطهران التي كانت رافضة لمنح الإذن لطائرتين من شركة الميدل إيست نقل المواطنين اللبنانيين العالقين في مطار طهران إلى الليونة إذ أعلنت مساء أمس استعدادها لمحادثات “بناءة” مع لبنان في شأن استئناف الرحلات الجوية بين طهران وبيروت. وتحدّث وزير الخارجية الإيرانيّ ونظيره اللبنانيّ هاتفيًا عن “سبل لحل قضية الرحلات الجوية المدنية بين البلدين” مؤكدَين “استعدادهما لإجراء محادثات بناءة وبنية حسنة”، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية.

وبحث وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية عباس عراقجي، ووزير خارجية لبنان يوسف رجي، في العلاقات الثّنائيّة والتّطورات الإقليميّة. وخلال المحادثة، هنّأ عراقجي رجي على تعيينه وزيرًا جديدًا للخارجية اللبنانية، متمنيًا له وللحكومة اللبنانية الجديدة التّوفيق والنجاح. وأعرب الجانبان عن استعدادهما لإجراء محادثات بناءة بروح من حسن النية.

وكانت المعالجات لهذا التطور تواصلت امس وتوجت باجتماع بين رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام الذي اعلن انه ابلغ رئيس الجمهورية بانجازالبيان الوزاري للحكومة، “وسنعقد اجتماعاً عند الرابعة من بعد ظهر الاثنين المقبل لاقراره. والموضوع الثاني الذي تم بحثه خلال اللقاء، كان محوره الاحداث التي تابعها الجميع امس، وموقف الحكومة والدولة واضح لجهة ان حرية التعبير هي مسألة مقدسة في الدستور والمواثيق الدولية والقوانين. ولكن حرية التعبير امر، والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة وقطع الطرق امر آخر، وهو امر غير مقبول نهائياً.

يمكن التعبير عن الرأي كتابة او بالتظاهر السلمي او بأشكال أخرى سلمية، ولكن ليس وفق الطريقة التي حصلت بالأمس وأول من امس، ان لجهة قطع الطرق او الاعتداء على “اليونيفيل”، لانه بعيد عن التعبير عن الرأي السلمي وهو امر مدان جداً. كما بحثت مع فخامة الرئيس، ضرورة التشدد في تطبيق القانون ومحاكمة كل من اساء للامن في اليومين الماضيين، وهي مسألة لا تهاون فيها مطلقاً. وجرى ايضاً خلال اللقاء، طرح موضوع الانسحاب الإسرائيلي، وسنستمر في حشد كل الدعم الدبلوماسي والسياسي الذي يمكن للبنان القيام به لانجاز هذا الاستحقاق الاساسي.”

وقال : “إذا اعتقد أحد أنّ الاعتداء على “اليونيفيل” بالشكل الذي حصل، من شأنه المساعدة على إنجاز الانسحاب الإسرائيلي في 18 شباط، يكون مخطئاً. ولكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن العمل لحشد كل الدعم الدبلوماسي والسياسي لتحقيق هذا الأمر. ويجب التأكيد ان “اليونيفيل” منذ انشائها تشكل عامل استقرار في الجنوب، ونحن من طالب بها وبحاجة اليها، والاعتداء عليها هو جريمة بحق لبنان”. وشدد على “ان سلامة المطار هي فوق أي اعتبار، وسلامة المسافرين وامن اللبنانيين مسألة لن نتساهل فيها بأي شكل من الأشكال”.

وكان سلام ترآس بعد الظهر في السرايا اجتماعاً وزارياً لمتابعة المستجدات. وترأس وزير الداخلية أحمد الحجار اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي، لمتابعة الأوضاع الأمنية في ضوء الحوادث المستجدة. وبعد الاجتماع، أكّد وزير الداخليّة أنّ “الاعتداء على قوّات “اليونيفيل” يعتبر جريمة وهو مرفوض”. وقال “التحقيقات ستستكمل بشكل جدي وسنلاحق الفاعلين بكلّ جدّية وهناك 25 موقوفاً لدى مخابرات الجيش يتمّ التحقيق معهم وموقوف لدى قوى الأمن”.

وأضاف: “طلبت من الجيش والقوى الأمنية التشدد على الأرض للحفاظ على الأمن وحماية المواطنين”، مشدداً على أنّ “قطع الطرقات ممنوع”.

ونفذ اعتصام دعا إليه “حزب الله” بعد الظهر على طريق المطار القديمة عند جادة الإمام الخميني- جسر الكوكودي وانتشر الجيش اللبناني بكثافة عند مدخل مطار رفيق الحريري الدولي، تحسبًا لأي تطورات أمنية.

وصودف مرور دورية وحافلة لـ”اليونيفيل” برفقة آلية للشرطة العسكرية في الجيش اللبناني بالتزامن مع الاعتصام. وقد حاول عدد من المحتجين اعتراض طريق الدورية، فيما عمل عناصر مخابرات الجيش على تأمين مرور الدورية باتجاه مطار رفيق الحريري الدولي وتفرقة المتظاهرين.

وأفيد أنه بعد الكلمة التي ألقاها مسؤول “حزب الله” محمود قماطي في التظاهرة حاول عدد من المتظاهرين الاقتراب من مدخل حرم المطار، الأمر الذي اثار المواجهات بينهم وبين عناصر الجيش اللبناني الذين أطلقوا عددا من القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين بهدف تفرقتهم، ليرد مناصرو الحزب برمي الحجارة على الجيش.

كما جرت محاولات من قبل المتظاهرين لإشعال الإطارات بهدف إغلاق المحول الفرعي على طريق المطار القديمة المؤدية الى الجهة الشرقية من الأوتوستراد، فيما عملت عناصر الجيش على منعهم عبر اطلاق القنابل المسيلة للدموع. وأعاد الجيش فتح طريق المطار بالاتجاهين، فيما أعلنت اللجنة المنظمة للاعتصام “انتهاء الاعتصام بعد أن أوصل رسالته”.

وفي محاولة احتوائية للتداعيات السلبية التي اثارها انصار الحزب قال مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا أنّ الاعتداء الذي تعرضت له قوات اليونيفيل على طريق المطار “أمر غير مقبول”، مشددًا على أن “حزب الله” يحافظ على علاقة جيدة مع القوات الدولية والتنسيق بينهما كامل، كما أنه يحترم القرار 1701. وأوضح صفا “أنّ هناك فرقاً بين اعتصام سلمي نعبر فيه عن رأينا ضد قرار منع الطائرة الإيرانية وبين ما حصل من اعتداء على اليونيفيل”.

وأضاف: “نقول للسلطة وللجيش اللبناني أنظروا إلى وضع الناس ولا تضغطوا عليهم أكثر”.

أما في ما يتعلق بملف الانسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية، أكّد صفا أن هذا الموضوع “متروك للدولة وكيفية التعامل مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، وفي ضوء نتائج الاتصالات وما ستقوم به اللجنة يحدد “حزب الله” موقفه على لسان أمينه العام في تشييع شهيد الأمة”.

وسط هذه الأجواء سجل تطور ميداني جديد في الجنوب حيث افيد مساء بأن مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة على طريق عام جرجوع – إقليم التفاح . وعلى الأثر، تحرّكت فرق الإسعاف باتجاه مكان الإستهداف وسط معلومات عن سقوط جرحى. ووفق المعلومات سقط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى باستهداف السيارة .واشارت القناة 12 الإسرائيلية ان الجيش الإسرائيلي إستهدف عنصرًا في الوحدة 127 التابعة لحزب الله والذي كان مسؤولًا عن إطلاق المسيرة باتجاه إسرائيل الأسبوع الماضي . واعلنت إسرائيل اغتيالها عباس أحمد حمود أحد قادة الوحدة الجوية في “حزب الله”.

وأصيبت الشقيقات يارا وسارا و لارا أبو كرنيب ومتى موسى من بلدة عربصاليم بجروح مختلفة، وقد صودف مرورهم في المنطقة لحظة وقوع الغارة وعملت فرق الإسعاف على نقلهم إلى مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية.

النهار

مقالات ذات صلة