استراتيجية الحزب لانتخاب فرنجية: مشاركة باسيل بلا تصويت
كتب منير الربيع في المدن: حركة جديدة يطلقها حزب الله على الساحة السياسية. إيقاعها مختلف هذه المرّة.
يتمسك الحزب بمواقفه وشروطه نفسها، ولكنه يسعى إلى توسيع هامش التوافق حولها. يتعاطى بهدوء مع الملفات، ولذلك أخذ مبادرة باتجاه ترتيب العلاقة مع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، بعد انقطاع وجفاء وتوتر. تأتي خطوة حزب الله باتجاه باسيل بعد زيارة إلى كليمنصو، في سياق تحقيق الحزب لتقدم سياسي في خطواته السياسية. هو يعلن أمام الجميع بأن مرشحه سليمان فرنجية.
يسعى لاستقطاب العدد الكاف من الأصوات لانتخابه. هذا المسار يوحي بأن الحزب ينتقل من معادلة “البحث عن مرشح توافقي” إلى تقديم مرشحه كشخصية توافقية.
التصويت والنصاب
طرح حزب الله لفرنجية بشكل شبه علني، من شأنه أن يحفز على إطلاق مسار سياسي جديد يفتح الباب أمام محادثات داخلية، إما قد تقود إلى توافق حول فرنجية على قاعدة التسوية، في حال كان قادراً على إقناع الآخرين به، أو ستكون النتيجة إعلان الحزب خوض هذه المعركة، بغض النظر عن سعيه إلى إبرام تسوية قد تعني الانتظار طويلاً إلى أن تتوفر الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس تيار المردة. فالحزب لا يريد تكرار سيناريو مشابه لانتخاب ميشال عون. لذا، بعض المعطيات لدى مقربين من الحزب تشير إلى أنه بدأ باستراتيجية توفير 65 صوتاً لسليمان فرنجية، من دون الحاجة لأصوات التيار الوطني الحرّ.
ويعمل الحزب وفق ذلك، من أجل التهدئة مع التيار وعدم الاستمرار في حالة صدام. بمعنى أن الحزب لا يريد أن ينتخب فرنجية في ظل استمرار الخلاف مع باسيل. كذلك ما يشدد عليه حزب الله هو أن يكون تكتل لبنان القوي مشاركاً في جلسة الانتخاب ولا يقاطعها. وهذا جزء من البحث الذي سيستمر مع رئيس التيار الوطني الحرّ، لأن الأساس يتركز على حضور طرف مسيحي قوي في جلسة الانتخاب، وثانياً ضمان نصاب الثلثين، أي 86 نائباً داخل القاعة العامة.
جنبلاط والسنّة
وانطلاقاً من هذا المعيار، عمل الحزب على التواصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، واستكمل مساره مع التيار الوطني الحرّ، لأنه لا يريد حصول أي خلاف عميق أو خصومة، إنما استمرار العلاقة على الرغم من الاختلاف في المقاربات ووجهات النظر. كما أن الحزب حريص على عدم تكرار تجربة التحالف الرباعي، وإظهار القوى المسيحية الأساسية بأنها معزولة عن هذه التسوية. ويعتبر المقربون من الحزب بأنه في حال تم إقناع جنبلاط بخيار فرنجية، فحينها تصبح معركته سهلة، لا سيما أن هناك قناعة تفيد بأن الحزب قادر على استقطاب العديد من أصوات النواب السنّة. ولا يخفي الحزب أنه في ظل عدم الاهتمام الدولي التفصيلي بصياغة التسوية الداخلية في لبنان، فإن هامش التحرك سيكون أوسع. وفي حال كان هناك استغلال لهذا الإهمال الخارجي، فمن الممكن أن ينجح في إيصال مرشحه، على أن يسعى فرنجية إلى ترتيب علاقاته مع الدول العربية، ولا سيما مع السعودية.
لا أحد يمكنه الإجابة على سؤال أساسي حتى الآن، إذا ما كان حزب الله يتمسك بترشيح فرنجية إلى النهاية، وأنه لن يتخلى عنه، وبالتالي لا بد من انتظار ظروف انتخابه مهما طال الزمن. أم أن الحزب قد يعدل عن ذلك بالتفاهم مع فرنجية وبنتيجة قناعة لديه بأن الظرف غير مؤاتٍ، وبالتالي البحث عن مرشح توافقي آخر ضمن “خطة ب”.
لا يُسقط الحزب -حسب المعلومات- خيار الخطة باء من حسابه. لكن من دون وضعه على الطاولة حالياً. ولكن الأكيد أنه كلما اشتد الوضع في الإقليم، كلما تمسك بمرشحه. بينما هناك من يعتبر أنه في اللحظة التي تحصل فيها تقاطعات وتقاربات إقليمية، فهو لا يريد إدارة ظهره لأي مقومات خارجية، أي أنه لا يريد عزل التسوية الداخلية عن غطاء خارجي. وهو يأخذ بالاعتبار الحركة الفرنسية التي يريد أن يكون على انسجام أو تناسق معها، سواء بفرنجية أو بغيره.