تجارب نووية لمنع كويكب من الاصطدام بالأرض بحلول 2032… فالعواقب كارثية

أعلن علماء وكالة الفضاء الأوروبية قبل بضعة أيام اكتشافهم لكويكب “واي آر 4 2024” الذي يصل عرضه بين 40 متراً و100 متر، ومن المحتمل أن يصطدم بالأرض بحلول عام 2032. وقدّر العلماء وجود نسبة 1.2 في المئة لاصطدام هذا الكويكب بالأرض، من دون تحديد المكان المحتمل للاصطدام، وهذا ما أثار قلق المتابعين الذين عبروا عن قلقهم من كارثة وشيكة ستصيب الكوكب بعد سبع سنوات.

وبينما أثبتت مهمة “دارت” التابعة لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا” قبل نحو ثلاثة أعوام أن اصطدام مركبة فضائية بكويكب عمداً يمكن أن يحول مسار صخرة فضائية قاتلة بعيداً عن كوكبنا، فهذه الطريقة لن تفلح للأسف مع الصخور الأكبر أو تلك التي تُكتشف بصورةٍ متأخرة، لذا تشير البحوث الجديدة، إلى أن تفجير كويكب بالأشعة السينية مثل تلك التي يتم إنتاجها في انفجار نووي يمكن أن يحرف بنجاح حتى الكويكبات الأكبر حجماً القادرة على تدمير حضارة الأرض.

كيف ندفع كويكباً بعيداً عن الأرض؟
لنتخيل أن علماء الفلك رصدوا كويكباً متجهاً نحونا، عند وقوع هذا السيناريو إذا كانت الصخرة الفضائية صغيرة بما يكفي وتم اكتشافها قبل عقدٍ من الزمن على الأقل، فيمكنهم استخدام مركبة فضائية تسمى المصادم الحركي، وكانت هذه هي فرضية “دارت” في أيلول 2022، حين صدمت وكالة “ناسا” عمداً مركبة فضائية غير مأهولة وشبه مستقلة بحجم شاحنة صغيرة بكويكب يعادل طوله ملعب كرة قدم يُسمى “ديمورفوس” بسرعة 14 ألف ميل في الساعة، ما أدى إلى تغيير مداره بصورةٍ كبيرة.

أما بحال كان لدينا أقل من حوالي 10 سنوات قبل الاصطدام، أو كان هذا الكويكب كبيراً بما يكفي لتدمير بلد بأكمله، فقد لا ينقذنا شيء مثل “دارت”، فحتى مع وجود إخطار مسبق كاف، فإن التأثير الحركي، أو حتى أسطول من التأثيرات الحركية، قد لا يكون كافياً لمنع الاصطدام بالأرض.

انطلاقاً من ذلك يقول علماء الفضاء أن الرأس الحربي النووي قد يكون قادراً على توصيل كمية هائلة من الطاقة والزخم اللازمين لإنقاذ الكوكب. وقد أظهرت عمليات المحاكاة الحاسوبية السابقة أن كويكباً يبلغ طوله 100 متر (قادر على تدمير مدينة بأكملها) يمكن أن يتبخر بالكامل تقريباً بقنبلة تزن ميغا طن واحد إذا تم تفجير الصخرة الفضائية نووياً قبل شهرين على الأقل من الاصطدام.

لتحقيق هذه الغاية، يقول العلماء أنه عند وجود أي خطر وشيك سيصدر أمر لمركبة فضائية غير مأهولة ومسلحة بجهاز نووي بأن تقف على مقربة شديدة من الكويكب. وعند الانفجار، ستطلق القنبلة دفعة من الإشعاع، مثل الأشعة السينية وأشعة غاما والنيوترونات. وسوف تنحرف هذه الإشعاعات إلى جانب واحد من الكويكب ويتم امتصاصها. وهذا سيؤدي على الفور إلى تحطيم الصخور وتبخيرها ودفع الكويكب في الاتجاه المعاكس.

وقد حدث شيء مماثل مع مهمة “دارت”، فعندما ضربت “ديمورفوس” كومة من الأنقاض الضعيفة، حفرت الصدمة وقذفت الكثير من الحطام وهذا ما حرف “ديمورفوس” بصورةٍ كبيرة.

تجربة مختبرات “سانديا الوطنية”
من غير المرجح أن تجري وكالات الفضاء أي اختبار دفاع كوكبي في الفضاء بجهاز نووي، إذ يمكن أن يؤدي الإطلاق الخاطئ إلى رش المواد المشعة في الغلاف الجوي، ناهيكَ بأن أي دولة تسعى إلى وضع رؤوس حربية نووية في الفضاء لأي سبب من الأسباب من شأنها أن تؤجج التوترات السياسية غير المسبوقة.

لكن لحسن الحظ، تشير البيانات المستمدة من اختبارات الأسلحة النووية، ومرافق التجارب عالية الطاقة مثل منشأة الإشعال الوطنية في مختبر “لورانس ليفرمور الوطني” الأميركي، والمحاكاة الحاسوبية المتطورة، إلى أن حملة انحراف القنبلة النووية المضبوطة بدقة يمكن أن تكون فعالة للغاية في منع الاصطدامات بالأرض.

وقد اختبر فريق من الباحثين الأميركيين بالفعل نظرية نجاح الأسلحة النووية بصد خطر الكويكبات الضخمة، وسمحوا للكويكبات الصغيرة بأن تتصارع مع بعضها البعض باستخدام انفجارات نووية زائفة عبر جهاز يسمى Z Machine في مختبرات “سانديا الوطنية”. يستخدم هذا الجهاز مجالات كهرومغناطيسية مكثفة لتوليد درجات حرارة عالية وضغوط عالية وانفجارات قوية من الأشعة السينية، وهو قوي لدرجة يمكنه بسهولة إذابة الماس.

وبتوسيع نطاق نتائجهم لتشمل صخور الفضاء الحقيقية، يقدر الباحثون الأميركيون أنه حتى الكويكب الذي يبلغ طوله أربعة كيلومترات يمكن أن ينحرف تدريجاً بعيداً عن الأرض بضربةٍ نووية.

عواقب كارثية
إذا كان الكويكب صغيراً بحجم 40 إلى 60 متراً فقد ينفجر في الغلاف الجوي بدلاً من ضرب الأرض لكنه سيتسبب بأضرار جسيمة على مساحة واسعة بسبب موجة الصدمة. وإذا كان الكويكب بحجمٍ أكبر بما يعادل 80 إلى 100 متر فقد يصطدم بالسطح ويسبب دماراً إقليمياً، ويدمر كل شيء في نطاق 10 إلى 50 كيلومتر ويسبب حرائق في الغابات. أما إذا ضرب المحيط فيمكن يمكن أن يتسبب كويكب بقطر 100 متر في حدوث تسونامي هائل بارتفاع 10 إلى 50 متراً ويؤدي بالتالي إلى إغراق المدن الساحلية.

المدن

مقالات ذات صلة