وسطاء على خط برّي- جنبلاط: “الزعل والعتب” تخطيا الفترة المقبولة!

لا شك في انّ علاقة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي والرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط يُضرب فيها المثل، لانها تاريخية متينة لا يمكن لأحد ان يزرع الخلاف ضمنها، لذا ومهما اختلف جنبلاط مع السياسيين، لا يمكن ان “يُزعّل” رئيس المجلس والعكس صحيح، اذ كانا وسيبقيان حليفين وصديقين وفق مصادر الطرفين، خصوصاً انّ ساحتهما السياسية لم تشهد اي “خربطة” كبيرة منذ عقود، بل بعض العتاب على “قد المحبة” ليس اكثر، ومن ثم يعود كل شيء الى مكانه سالماً، لانّ الحليفين مرتبطان سياسياً ببعضهما، ولطالما شهدت العلاقة بعض التباين الذي سرعان ما يزول، وفق عملية تدوير زوايا للحفاظ على علاقتهما.

آخر خلافاتهما ظهر بعد التباين السياسي بين جنبلاط ونجله النائب تيمور، الذي يترأس كتلة “اللقاء الديموقراطي”، على خلفية قرار الاخير بتسمية القاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة، ورفضه إعادة تسمية نجيب ميقاتي لترؤسها من جديد، وهذا ما أيده “الثنائي الشيعي”، وكان الاتفاق قائماً مع جنبلاط الاب على المضي بهذا الخيار، إلا انّ الكتلة الجنبلاطية إرتأت التصويت لسلام وفق خيار رئيسها النائب تيمور، فحينئذ شعر “الثنائي” انهما تلقيا ضربة سياسية من وليد جنبلاط لانه أخلّ بوعده، الامر الذي أدى الى توتر سياسي بين عين التينة والمختارة بصورة خاصة.

لطالما كان جنبلاط يُعتبر بيضة القبّان في اللحظات السياسية الحرجة، التي تميل نحو دفة “الثنائي الشيعي”، لكن هذه المرة لم يكن ضمن هذا الاتجاه، فالمملكة العربية السعودية دخلت على الخط، فأدّى النائب تيمور دوراً أساسياً، لا بل هدّد بترك “اللقاء الديموقراطي”، وهذا ما دفع بجنبلاط الاب الى ضبط الخلاف العائلي، لانه يعرف انّ علاقته مع رئيس المجلس قد تهتز، لكنها بالتأكيد لا تقع، لانّ أغلبية المحطات السياسية وضعت اسميهما ضمن خانة سياسية واحدة.

من هنا، يمكن التأكيد أنّ علاقة عين التينة – المختارة تبقى صلبة مهما اشتدت ضمنها العواصف السياسية، وهي لطالما لم تقع في المحظور، بل كانت الخط الذي يلتقي في معظم الاوقات، وفي حال غيّر طريقه كان يعود الى مكانه ولو بعد حين.

الى ذلك، غابت الزيارات المسائية التي كان يقوم بها جنبلاط كل أحد الى عين التينة، واقتصرت العلاقة على رسائل بين ممثل برّي النائب علي حسن خليل، وممثل جنبلاط النائب وائل ابو فاعور، لكن ومنذ فترة وجيزة دخل وسطاء على الخطين، لانّ “الزعل والعتب” تخطيا الفترة المقبولة، ومن ضمن الوسطاء نائب سابق مقرّب من الطرفين يقوم بإزالة التوتر، ويقول: “لا تحتاج عودة علاقتهما الى جهد كبير، لانها ستعود الى سابق عهدها والجفاء سيزول بالتأكيد”.

في السياق، تشير مصادر الوسطاء، الذين لا يتجاوز عددهم الثلاثة، الى انّ تحالف الرجلين كان قوياً ولافتاً خلال العهد السابق، وهذا ما ساهم في توافقهما ومعرفتهما بالكثير من خبايا الخلافات الوزارية تحديداً، واليوم لا يريد اي طرف منهما قطع “شعرة معاوية” مع الآخر، لكن ما حدث شكّل مفاجأة في الساعات الاخيرة، اذ لم يستطع وليد جنبلاط “فرملة” ما جرى ضد الثنائي، ما جعله يبدو محرجاً خصوصاً أمام برّي، اذ لم يكن بيضة القبّان التي تحسم الموقف لمصلحة الثنائي، كما كان يفعل الزعيم الدرزي في معظم الاحيان.

في غضون ذلك، ثمة مقرّبون من عين التينة، ينقلون عتب الرئيس برّي على ما قام به جنبلاط، فهل يزيل هذا العتب ويوضح الحقائق؟ لانّ الساحة السياسية ليست معتادة المشهد المتوتر بينهما، مع إشارتهم الى انّ جنبلاط لا يمكن ان يقبل إطالة ذلك المشهد، ولا بدّ من ان يمرّر رسائل قريبة لتعبيد طريقه نحو عين التينة، التي تبقى السند الاكبر له حين تشتد متاعبه السياسية ويكثر عدد خصومه، الامر الذي يُطمئن الوسطاء خلال حركة الاتصالات التي يقومون بها بعيداً عن الاضواء، ويشيرون الى انّ العلاقة ستعود تدريجياً وبهدوء الى سابق عهدها.

صونيا رزق- الديار

مقالات ذات صلة