أخر شهداء الحلقة الجهنمية لقمان سليم والعدالة… اغتالوه مرتين!
عشية الذكرى الرابعة لاغتيال لقمان سليم، احد اشجع المفكرين والناشطين الذي كان أخر شهداء الحلقة الجهنمية لحرب الاغتيالات التي استهدف عبرها محور سياسي “ممانع ” تمتد غرف عتمه من لبنان الى ايران مرورا بدمشق، أصرّ القضاء اللبناني على اشهار أسوأ الحقائق المظلمة التي تغرقه بإعلان استسلامه للترهيب.
صدر “قرار ظني” يقول ان أربع سنوات من التحقيقات التي اجراها قاضي التحقيق الأول المكلف ملف اغتيال لقمان لم تتوصل الى كشف القتلة وهؤلاء قيدوا في خانة القتلة المجهولي الهوية. لم نتخيل توقيتا اسوأ لصدمة كهذة تقدم كهدية مسمومة لعموم اللبنانيين الذين لا يزالون يراهنون على عدالة وطنية شجاعة إصلاحية تبدأ بمكان ما في إعادة الثقة الى ملح الحكم والعدالة الذي هو القضاء فاذا بالصدمة مدوية وصارخة. والحال ان الصدمات القضائية في حرب الاغتيالات صارت مسارا ونمطا شبه ميؤوس من إصلاحه الا اذا صدقنا ان ثمة ثورة إصلاحية ستأتي يوما، مع الحكومة القيد الولادة ان قيض لها ان تولد وان تكون إصلاحية فعلا، او مع سواها. لولا “إنقاذ” العدالة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من خلال تشكيل اول محكمة دولية لقضية إرهابية، لكانت قيدت الان الى جانب التعتيم المزمن الذين حوصرت به جرائم اغتيال جبران تويني وسمير قصير وبيار الجميل ووليد عيدو ومحمد شطح وجورج حاوي وأنطوان غانم وفرنسوا الحاج ووسام عيد ووسام الحسن… لم تصدر قرارات ظنية في ملفات هؤلاء الشهداء ولا ورقة في ملفات التحقيق المفتوحة والمنسية في جرائم اغتيالهم حتى الساعة والى يوم لا نقوى اطلاقا على التكهن ما اذا كان سيأتي. واذا كان ثمة من سيسأل لماذا لا تدرج جرائم الاغتيالات التي سبقت حرب محور الممانعة على رجالات الثورة الاستقلالية، أي قبل الطائف، فالجواب بديهي وهو ان ما طمس في الحروب يبرره اهل الظلامية بانه صناعة حرب فيما الاغتيالات منذ 2005 حتى اغتيال لقمان سليم قبل أربع سنوات كانت موصوفة ومحددة في ظروفها ووقائعها وتحتاج الى الجهة الشرعية المخولة كشف القتلة وتثبيت المسؤولية الجرمية ورسم مسار المحاكمات لاحقاق العدالة، أي الجهة الحصرية التي في إمكانها اثبات ان الاتهام الوجداني مطابق تماما للاتهام القضائي.
اسقط القضاء اللبناني، ولا يزال، الحلقة الأساسية الجوهرية المفقودة في مسلسل حرب الاغتيالات، بما يجعل مسألة العدالة أساسا لا تتقدمه أي أولوية أساسية أخرى، لنفض الصورة الأشد قتامة وظلامية عن الدولة اللبنانية. جاء تجهيل الفاعل في قرار ظني معتم في قضية لقمان سليم الان بمثابة رمية من غير رام في وجه عملية تشكيل حكومة الرئيس نواف سلام كما في وجه انطلاقة عهد الرئيس جوزف عون. لا العهد سيحقق خطاب قسمه ولا الرئيس المكلف وحكومته يوم تولد سيكونان عند التزامهما امام اللبنانيين ما دام القضاء وتصحيح العدالة لن يكونا امام ثورة حقيقية.
اغتال انفجار مرفأ بيروت اكثر من 250 شهيدا فحوصر المحقق العدلي وكاد يغدو ضحية مقتلة لمنع كشف القتلة في الدولة العميقة مثل القتلة الذين يطلقون الرصاص ويفجرون الكمائن. لقمان سليم كما شهداء ثورة الأرز تماماً، لا يحتاج الوجدان الاتهامي لكشف قتلته، لكن دولة لبنان والعدالة المنسوبة اليها هما تحت ردم الظلام حتى قيامة نأمل ان تكون على أيامنا!
نبيل بو منصف – النهار