جريمة 4 آب.. المحاكمة “راجعة” في هذا التاريخ

على مسافة أسبوع من الموعد الذي حدده قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار لجلسات استجواب عشرة أشخاص من المدعى عليهم بدأ عدد منهم التحضير لتقديم الدعاوى القضائية ضد البيطار لمنعه من العودة إلى التحقيقات.

محاولات “الإلتفاف” ليست مستغربة، علماً أن عددا من المدعى عليهم للحضور إلى جلسات التحقيق التي تنطلق في السابع من شباط المقبل وافق، يقيناً منهم أنه لا يمكن تحميلهم أية تبعية أو مسؤولية في جريمة تفجير المرفأ في الرابع من آب 2020. أما من قرر عدم المثول فقد أخرج نفسه من دائرة الشك وبات من المؤكد في موضع الإتهام، وقد سطرت بلاغات استدعاء لجلب الشخصيات التي لم تخضع سابقا لأي جلسة استجواب وفق مصادر قانونية لـ”المركزية” على أن يبلغ لصقا خلال الأيام المقبلة كل من لم يكن متواجدًا في عنوان سكنه.

حجة المنتفضين على استدعائهم للمثول أمام القاضي البيطار انهم لا يعترفون بشرعيته كمحقق عدلي ويصرّون على موقفهم الفاقد لكل المفاهيم القانونية بأنه تجاوز صلاحياته واغتصب السلطة ولا يمكنه العودة إلى التحقيق أو تحديد أي جلسة استجواب في ظل وجود دعاوى قضائية بحقه ولم تحل بعد. بالتوازي، يدرك البيطار كما أهالي ضحايا المرفأ الذين يترقبون لحظة عودة التحقيقات أن دعاوى الرد والمخاصمة التي يتحضّر المستدعون لتقديمها أمام محكمة التمييز ستصطدم أولا بإصرار البيطار استئناف التحقيق وعدم التراجع عن استكماله حتى صدور القرار الظني. وليس خافيا أن دعاوى”الرد والمخاصمة” ستلقى نفس مصير سابقاتها مهما حاولوا وضع عراقيل.

مصادر قضائية توضح لـ”المركزية” أن محاولات حثيثة قام بها كبار القضاة ومن بينهم مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار لإيجاد طريقة للتوصل إلى تسوية “قانونية” وحث المسؤولين المدَّعى عليهم التعاون مع البيطار. ومن هذه المحاولات المطروحة أن تتولى محاكم وقضاة آخرون القضية على أن يقتصر دور المحقق العدلي البيطار على موظفي المرفأ بينهم من الفئة الثالثة والرابعة ويترك أمر التحقيق مع الشخصيات العسكرية والقضائية والسياسية والأمنية من الفئة الأولى لغيره. لكن البيطار رفض الفكرة من أساسها وأصر على مواصلة التحقيق وإصدار القرار الظني، وفعلها.

وبتاريخ 16 كانون الثاني الجاري استأنف البيطارالتحقيق بعد توقف عامين إثر انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ثم تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة الذي تعهد في خطاب التكليف على تكريس استقلالية القضاء ومنع التدخل في عمله. وأول إجراء تقدم به البيطار تمثل بالإدعاء على عشرة موظفين، بينهم سبعة مسؤولين عسكريين وأمنيين.

عشر شخصيات من بينها سياسية وأمنية وقضائية إضافة إلى موظفين سابقين ومسؤولين في مرفأ بيروت ومسؤولون أمنيون حاليون ومتقاعدون في جهازي الأمن العام والجمارك اللبنانية والجيش اللبناني سيتم استدعاؤها على مراحل للمثول أمام البيطار واستجوابهم وقد حدد 14 جلسة استجواب في شباط المقبل تبدأ في السابع منه وتتوزع على ثلاث مراحل تنتهي باستجواب السياسيين وليصار بعدها إلى ختم ملف التحقيقات وتحويله للنيابة العامة التمييزية لإبداء المطالعة وبالتالي إصدار القرار الظني وتسليمه إلى المجلس العدلي.

المحامي يوسف لحود من مكتب الإدعاء يقول لـ”المركزية” “في المبدأ كل مدَّعى عليه يسعى لإبعاد قاضي التحقيق عنه خصوصاً إذا كان متورطاً بالجرم. إنطلاقا من ذلك يمكن أن نفهم اسباب تقديم المدعى عليهم للإستجواب أمام المحقق العدلي دعاوى رد أو مخاصمة أمام محكمة التمييز ظناً منهم أنهم سيعرقلون مسار التحقيق. لكن كل الدعاوى لن تؤثر في مسار التحقيقات كون البيطار استبق كل ذلك واعتمد اجتهاداً مفاده أن المجلس العدلي هو هيئة مستقلة موازية للهيئة العامة لمحكمة التمييز وأي قرار ينص على تنحية المحقق العدلي هو إلغاء لموقع تم إنشاؤه بموجب مرسوم وزاري، ولا يحتاج المحقق العدلي إلى إذن لملاحقة المدعى عليهم لكونه أساسًا مفوضًا للقيام بهذه المهمة.

بناء على هذا الإجتهاد يتابع المحامي لحود ” لا يجوز رد القاضي العدلي ولا تجوز مخاصمته وبالتالي فإن أي دعوى ترفع بحق البيطار لن توقف مسار التحقيقات التي سيبدأها في السابع من شباط المقبل إلى حين استكمالها وإصدار القرار الإتهامي. وعندما ينتهي من جلسات التحقيق بمراحلها الثلاث يصار إلى ختم التحقيق وصدور القرار الظني. وإذا سلمنا بالعكس آنذاك لا دولة ولا قانون ولا هيبة للمؤسسات” يختم المحامي لحود.

خلاصة الكلام، لا إرجاء لموعد الجلسات التي تنطلق في 7 شباط وكل الدعاوي التي ستنهمر بغزارة على البيطار لثنيه عن استكمال التحقيق في ملف المرفأ ستسقط أمام الإجتهاد القانوني الذي يتمسك به بالقانون.

ماذا لو لم يحضر المدعى عليهم؟ في مثل هذه الحال توضح المصادر القضائية يفترض على المدعى عليه أن يقدم عذراً يقبل ويقتنع به القاضي البيطار أو يرفضه، أو أن يتقدم المدعى عليه بالدفوع الشكلية التي يجب أن يوافق عليها البيطار أو لا . وفي حال عدم المثول من دون أن يقدم أي من الأعذار والمبررات القانونية، يمكن للقاضي البيطار أن يصدر مذكرة توقيف غيابية في حق المدعى عليه أو جلبه بالإحضار أو تكرار الدعوة أو أن يترك الأمر إلى حين صدور القرار الظني، على أن يبنى على الشيء مقتضاه. كما يمكن أن يأخذ البيطار التدبير المناسب في القرار الإتهامي ويعتبره فاراً من وجه العدالة.

المركزية

مقالات ذات صلة